عن كبرياء الشجرة يقول أحد الشعراء :
كن كالنخل عن الأحقاد مرتفعاً .. يٌرمى بالحجر فيلقي أطيب الثمر.
لقد أحب الانسان الشجرة على مر الزمان والعصور ، وتغنى بشموخها وبصلابة جذعها وبحنو أغصانها وصبرها على الشدائد ، والشجرة بدورها أحبت الإنسان ، وكانت له الملاذ الآمن والوسيط الدافئ والمطعم المتنوع ، فقد استظل بأوراقها وأخذ قسطاً من الراحة على جنباتها ، ونهل من ثمارها وتزين من ورودها وتطيب من عطورها وتنفس من هوائها . يقول الله تعالى ” هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر تٌسيمون ” . ما أجمل الأماكن التي تتزين بالأشجار والشجيرات وما يشبههم من نباتات دائمة الخضرة وأعشاب تائهة شذبها مقص الإنسان بحرفية واتقان ، وما أوحش المكان الذي يسوده التصحر ويعتصره الجفاف وندرة المسطحات الخضراء . نعم الشجرة هي أحد مظاهر التنوع الحيوي على كوكب الأرض ، ولولاها لما كان هناك اكسجين نقي وتربة جيدة تنظم دورة الماء وتمنع التلوث ، ولما كان هناك غذاء أول للإنسان ولا مأوى مريح للحيوان ولا أخشاب لصناعة السفن والموبيليا وباقي مواد البناء .
شجرتي الغالية : كوني بخير نكون بخير ، استمري في العطاء ، عمقي جذورك في باطن الأرض ، وإن حاول الانسان قص جذعك ليتعرف على حلقاته الدائرية ويحدد عمرك الزمني فلا تتوقفي عن النمو لأن براعم فروعك الأصيلة ستحيا من جديد بمشيئة الله الخالق البديع . وأنت يا أيها الانسان الكريم ، لا تحرق أشجار الغابات ( wildfire) وتمنع عنا أكسير الحياة ، فذلك يسبب كارثة بيئية ويحرم البلاد من دخل السياحة البرية ، ويقضي على الأخشاب الفاخرة (الزان والسنديان والأرو) ، ويسمح للكثبان الرملية أن يزحف ليحل محل التربة الخصبة والرائحة الندية . عزيزي الانسان اكثر من زراعة أشجار الزينة ( مثل الورد الجوري ، والقرنفل ، والخزامى والليلك اليابانية ) ، التي تزهر فينبعث منها شذى العطور التي تمتع الروح وتنعش الجسد ، ازرع الأشجار دائمة الخضرة في الشوارع والحدائق والطرقات ( مثل شجرة السرو ، التنوب ، الصنوبر) التي ترمز للسلام وتضفي جمالاً للمكان ، ازرع الأشجار المثمرة في محيطك وفي كل أرض تطأها قدمك ، فزراعتها تخفف عنك نفقات شراءها وتكاليف نقلها ، وتمنحك منظراً خلاباً كيفما ذهبت وأنىّ توجهت وقد تكون أشجار النخيل والحمضيات واللوزيات وأشجار الزيتون خير مثال .
نرجو الله أن تظل الشجرة بخير وانتاجها في ديمومة ، وقد توفر لها الماء النظيف الكافي والسماد العضوي اللازم والتربة الزراعية الصالحة والأيادي العاملة الماهرة، التي تغرس شتلاتها بحب وتحصد ثمارها بود.