كلفة إنتاج النفوط الكويتية والسعودية الأقل
تتمتع السعودية بميزة انخفاض تكاليف إنتاج النفط وتأتي بعد الكويت، التي تعد تكلفة إنتاجها لبرميل النفط الواحد الأقل عالمياً بحسب تصنيف ريستاد إنرجي وسي إن إن، لكن المملكة بذلت جهوداً لتخفيض إنتاجها في ظل عدم احتمال مستويات الأسعار الحالية.
تبلغ النفقات الرأسمالية لإنتاج برميل نفط واحد في الكويت 3.70 دولارات، بينما النفقات التشغيلية 4.80 دولارات، بالمقابل تبلغ النفقات الرأسمالية في السعودية 4.50 دولارات، والتشغيلية 5.40 دولارات.
وبحسب بيانات صادرة عن صحيفة وول ستريت جورنال عن تكاليف إنتاج النفط لكل برميل في 13 دولة نفطية كبيرة، تبين أن المملكة العربية السعودية قادرة على إنتاج برميل خام أقل كلفة من إيران بما يساوي 8.98 دولارات، أي بتكلفة 9.08 دولارات للبرميل الواحد، في حين أن تكلفة برميل واحد من النفط الصخري الأميركي تساوي 23.35 دولاراً.
تتضمن هذه التكلفة الضرائب، تكاليف صافي الإنتاج، التكاليف الإدارية، والمصروفات الرأسمالية. عندما يتعلق الأمر بتكاليف الإنتاج، فإن تصنيف السعودية أقل من العراق وروسيا وإيران، لكن من نواح أخرى – الضرائب على سبيل المثال – تتمتع البلاد بميزة تفاضلية عن غيرها من المنتجين الآخرين، ألا وهي أنها لا تفرض ضرائب على الإنتاج النفطي.
من جهة أخرى، يتعين على شركات النفط الصخري الأميركية أن تدفع 6.42 دولارات مجموع ضرائب عن كل برميل، على عكس منتجي النفط غير الصخري الذين يسددون 5.03 دولارات ضريبة عن كل برميل. أما الشركات الروسية المنتجة للنفط، فتسدد 8.44 دولارات لميزانية الدولة عن كل برميل نفط تستخرجه.
لهذا، بناء على هذه الأرقام المستقاة من العام الماضي، تتمتع المملكة العربية السعودية بميزة إضافية عن منافسيها الرئيسيين، وهي قرب نفطها من السطح، إضافة إلى أن طقسها ليس قاسياً كما هي الحال في سيبريا، لماذا إذاً يدعي بعض المحللين أن اليد العليا هي للنفط الصخري؟
لا شك أن الجميع لا يتفقون مع الرأي الذي يرى أن النفط الصخري الأميركي تفوق على الخام السعودي. الواقع أن بعض المراقبين والمحللين داخل الصناعة يرون أن النفط الصخري لن يكون قادراً على منافسة النفط السعودي بسبب تكاليف الإنتاج. البعض يصر على أن ما يقوم به منتجو النفط الصخري الآن هو تشكيل فقاعة عبر زيادة الإنتاج على خلفية ارتفاع الديون. ويحذرون من إمكانية انفجار الفقاعة في أسرع وقت، وقد يذهب ضحيتها كثير من الشركات.
لكن آخرون وعددهم كثير يعلقون آمالهم على مستقبل صناعة النفط الصخري. ففي مقال نشرته صحيفة فايننشال تايمز في شهر يوليو من عام 2016 استشهدت بتوقعات صادرة عن شركة وود ماكينزي للاستشارات التي أشارت إلى أن %60 تقريبا من النفط المجدي اقتصادياً عند مستوى 60 دولاراً للبرميل يوجد في تكوينات النفط الصخري الأميركي، وليس في الحقول الصحراوية السعودية. ويثني المحللون صراحة على صناعة النفط الصخري، نظراً إلى ما حققته من إنجازات في خفض الكلفة، وتعزيز الكفاءة، على الرغم من أن النقطة الأخيرة تعد موضع خلاف مع البعض، الذين عزوا «تعزيز الكفاءة» إلى خصومات مزودي خدمات الحقول النفطية.
لهذا، تضخ السعودية تقريباً أرخص نفط في العالم، غير أن صندوق النقد الدولي يرى أن المملكة بحاجة إلى وصول سعر برميل النفط إلى 83 دولاراً، كي تستطيع موازنة ميزانيتها. ويعود السبب في ذلك بالتأكيد إلى أن البلاد تعتمد بشكل كبير جداً على إيرادات النفط. في هذه السنة، سيشكل النفط %69 من إيرادات الميزانية، أي 128 مليار دولار، أكثر بنسبة %46 من 2016. ومن المتوقع أن يصل إجمالي إيرادات المملكة في 2017 إلى 184.5 مليار دولار، بينما سيرتفع مجموع المصاريف إلى 237.3 مليار دولار.
خلافاً لشركة أرامكو، لا تعود ملكية الشركات المنتجة للنفط الصخري إلى الدولة، لهذا بإمكانها الاحتفاظ بالأرباح لنفسها، مما يعد محفزاً قوياً لها للسعي وراء اقتناص عوائد أفضل بتكاليف أقل. هذا المساعي تؤتي ثمارها بالفعل، إذ تقوم هيئة المسح الجيولوجي الأميركية في الوقت الحالي بإعادة تقييم احتياطيات الهيدروكربونات، وراجعت اثنين من تقديراتها القديمة، والفضل يعود إلى التقدم التكنولوجي، الذي جعل بالإمكان استخراج المزيد من النفط والغاز بطريقة اقتصادية.
في غضون ذلك، تراهن السعودية على ما راهنت عليه دوماً، ألا وهو الإنتاج. فهي ليست بحاجة فعلياً إلى القلق بشأن التحسينات التكنولوجية لزيادة العائدات، لا سيما أنها لا تتكبد الكثير من التكاليف لاستخراج النفط. مع ذلك، من بين الخصائص الهامة جداً للنفط، وربما الأهم، أنه مصدر محدود. عاجلاً أم آجلاً، ستجف حقوله، بما فيها حقل غوار العملاق. لهذا يتعين على الرياض أن تنوع اقتصادها بعيداً عن النفط، والاتجاه نحو المصادر المتجددة والأسلحة.