قطر تدفع ثمن توثيق العلاقات بدل الحياد
قال مسؤول قسم المخاطر الكبرى في معهد جنيف للسياسات الأمنية جان مارك ريكلي في مقابلة مع صحيفة لوتون السويسرية إن المملكة العربية السعودية سبق أن عاتبت قطر في 2013 و2014 على توجهاتها، لكن حماسة السعودية تراجعت بسبب تقارب أبرز حليف لها، وهو الولايات المتحدة، مع عدوها الرئيسي إيران، خلال فترة ولاية الرئيس السابق باراك أوباما، وخوفا من أن تجد نفسها وحيدة، لذلك رغبت في بناء تحالف سني أكبر في مواجهة المحور الشيعي الذي تسيطر عليه طهران واحتواء قطر، لكن تغير الإدارة الأميركية وفق ريكلي أدى اليوم إلى تغيير المعطيات، خصوصا بعد أن تم انتخاب دونالد ترامب المعارض لطهران والمؤيد للرياض.
ووفق مسؤول قسم المخاطر الكبرى في معهد جنيف للسياسات الأمنية فإن هذه الترتيبات تأكدت مع زيارة الرئيس الأميركي للمنطقة، حيث فهمت السعودية أنه بمقدورها ان تتصرف مع قطر وفق ما تراه.
وعما إذا كانت الاتهامات الموجهة لقطر ذات أساس، قال جان مارك ريكلي «تدعم قطر رسميا الإسلاميين الفلسطينيين المنتمين لحماس، ولديها علاقات ديبلوماسية مع طالبان، لكنها حافظت دوما على مسافة بينها وبين تنظيم القاعدة وهي علاقات سمحت لها بلعب دور الوسيط لإطلاق سراح رهائن غربيين في سوريا والعراق واليمن، ولكن قطر لا تدعم هذا التنظيم ولا تدعم الدولة الإسلامية التي ليس لها علاقة بها، وإن تلقّي أي تنظيم من هذه التنظيمات تمويلا أو مساعدة انطلاقا من قطر، فمصدر ذلك أشخاص وليس الحكومة، مثلما هو الأمر بالنسبة للكويت.
لكن ما الذي يميز قطر عن بقية دول الخليج وما الذي اغضب السعودية؟ يجيب ريكلي أن السبب الرئيسي وراء هذا التصعيد هو العلاقة الخاصة التي تجمع قطر بطهران والحقل الغازي الأكبر في المنطقة الذي تستثمره طهران والدوحة معا في قلب الخليج، بينما تعتبر السعودية أن أول تهديد لها هو إيران، لذا فهي لا تتحمل أن ترى جارها الصغير يشق طريقه بنفسه في هذا الموضوع، وأما السبب الآخر لهذا الغضب السعودي فهو الاستراتيجية التي تبنتها الدوحة على الصعيد الدولي، فقطر التي تقع بين السعودية وإيران رغبت أن تكون دولة محايدة مثل سويسرا، ولكنها عكس سويسرا التي لا ترغب في علاقات وثيقة مع أحد، سعت إلى توثيق علاقاتها مع الجميع وهو ما يجعلها اليوم في موقف لا تحسد عليه.
ووفق مسؤول قسم المخاطر الكبرى في معهد جنيف للسياسات الأمنية فإن سياسة قطر الدولية باتت مصدر قلق للسعودية منذ بدايات الربيع العربي، فقطر التي وثقت علاقاتها مع الجميع، شجعت القوى الإسلامية الصاعدة التي تتبنى نهج الإخوان المسلمين، بينما هذه الحركة تعارض الأنظمة الخليجية وتمثل تهديدا لها، لذلك قررت المملكة العربية السعودية أن تتعامل بجدية مع هذا الأمر وكذلك بالنسبة للإمارات التي طردت التنظيم من أراضيها في 2014، لذلك فإن التدابير التي اتخذت الإثنين الماضي ليست مفاجئة.