المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

مقالات

قضية مفهوم السياسة

بقلم: علي حسن شعثان باحث وكاتب في القضايا المعاصرة والمجال الصحفي

في الشأن السياسي ومجالاته المتصلة تعددت الافكار وتشعّبت الرؤى من واقع الإختلاف البشري ( ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ) و نتائج الأمزجة العقلية.
فقاعدة الإختلاف في الشريعة الإسلامية ليست عبثية بالقدر الذي ينتهزه الخصوم في محاولة الأستغلال، بل لها غاية كبيرة توسّع من إطار الحرية وتعزّز من الكرامة الإنسانية.
وله فإن التناول الموضوعي حول هذا الشأن سيفيد في معرفة ما الحاصل وما المتغيرات وكيفية التعامل معهما، بالاضافة إلى هدف الإثراء المقالي.
فعلى المستوى الذاتي (الذات الإسلامية) يُشار إلى أن نشأة لا نقول الإختلاف في المقام الاول بل التباين في الآراء السلطوية و مسؤولية المهام قد طرء وتغوّل اكثر عندما دُلف بخصوصية المسائل الفقهية صوب عمومية المصائر الإستراتيجية للأمة فبُرزت المدارس والفرق التابعة وفق الإتجاهين السنّي والشيعي – وهذا غير مُجدي –
بيد أن المفهوم السياسي من حيث المعنى الشرعي يتعرّف بكل ما تمت له الصلة في حُسن التعامل والعمل و العلاقات فيما بين الحاكم والمحكوم والمتصلين بالنظام .
غير إن من التباين المُشار اليه أستكمن التماحك المُشخّص للإستغلال السلبي للمذهبية والمعيق في الاصل للعمل النهضوي الذي يستلزمه الوحدة الإجتماعية وتظافر الجهود ، كون مصطلح الأمة في الشريعة الإسلامية يُشير إلى صورة المجتمع العالمي المفتوح لكل من يرغب في الإنضواء تحت لواءه بشريطة الخضوع الامثل لكافة احكامه العادلة والمميزة في محتواها للحقوق والحريات فيما بين الذات والآخر لدرجة الحرية من حق الإعتقاد ( لكم دينكم ولي دين ) .
فالاتجاه السني يقر بالمفهوم السياسي من صيغة أداء الامانة والعدل في الحكم ضمن مواد دستور الخلافة المُجيز لكل أقليم من قوانينه الخاصة ، في حين إن الاتجاه الشيعي يقر بمفهوم السياسة ولكن من صيغة الأحقية في الحكم ضمن مواد دستور الولاية المتحفّظ في بعض القوانين ( قانون الزكاة والغنائم ) بمُسمى الوصية والبطنين وما إلى ذلك من كلام العصمة والعلم السري.
وهنا يُفاد بأن الدين الإسلامي قد أشار من خلال القرآن الكريم كمفهوم سياسي إلى طبيعة النظام ( وأمرهم شورى بينهم ) وحث الحاكم على مبدأ الشراكة في صنع القرار الإستراتيجي ( وشاورهم في الأمر ) .
ومما تُجدر الإشارة اليه للأسف الشديد إن فرضية المخاصمة التي تستوحيها قوى النفوذ العالمي في سياستها من نظرية الديمومة والنماء المستحكم على الامم ، قد تسللت إلى ذهنية المتعصبون في المذاهب الإسلامية برؤية التحفيز الممكن من الإستمرار في النشاط الزاهي والمحقق من المطامح ، ولم يستشعروا إن المعنوية تكمن في التنافس الإيجابي ( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ) ، ثم لماذا ذلك فيما بين الذات ولم يكن مع الآخر المغاير للأمة حضارياً لا دينياً لأنه ( لا إكراه في الدين ) من مغزى التكافئ الهادف إلى ضرورة التعارف الشامل لأكثر من معنى ( إنا خلقناكم من ذكر وإنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن اكرمكم عند الله أتقاكم ) والموائم ذلك المعزى لعملية نقد الذات حال الهفوات او ما يشير إلى وضعية التفريط تجاه الأخ مثلاً بحقيقة أن المشكلة لا تُكّمن في الرياح والاتربة المتسللة من ثقب النافذة إلى داخل الغرفة وتعبث فيها بل في من أوجد ذلك الثقب.
وعلى المستوى الآخر (بقية الأديان) يعتبر الدين عقيدة والمعبد او الكنيسة هما من يشرّعا على خلاف الإسلام الشامل لكليهما – اي العقيدة والشريعة – وقد برز الخلاف وظهرت الطبقية في اوساط المجتمعات هناك سابقاً تحت مسمى نُبلاء الإقطاع المخالطين للسيادة بالثروة ورجال الدين المخالطين للسلطة بالروحانية وكان المفهوم السياسي يتمحور حول ما يقرّه المعبد او الكنيسة من اِراء وإن كان الملك على رأس الدولة فهو لا يحكم إلا بصفته الممثلة عن الآلهه او الأنصياع التام للسلطة المعبدية او الكنسية إن لم يكن هو ذاته المترأس لأيهما، إلى ان تم فصل الدين عن الدولة كأنتصار لطبقة النُبلاء على طبقة رجال الدين فتطورت النظريات السياسية بالتزامن مع إستمرار الصراع المِحوري فظهرت المصطلحات وشرائحها وكانت العُمالية ( البروليتاريا ) منادية من المحور الشرقي بزعامة السوفييت سابقاً ، لتُقابل بالشريحة الرأسمالية ( البورجوازية ) منادية من الغرب بزعامة الامريكان ، وقد أبدى كل محور حول المفهوم السياسي جملة من النظريات وكانت الإشتراكية بقيادة الاتحاد السوفيتي تدعو إلى القضاء على النظم الدينية والبرلمانية في حين كانت ولا زالت الديمقراطية بقيادة الولايات المتحدة تدعو إلى مفاهيم الحرية المطلقة.
ومع ذلك تعد قضية المفهوم السياسي في محل الإثراء المُتجدّد وخصوصاً لدى الامة الإسلامية كون الإسلام قابل لكل زمان ومكان وفق حكمة لا تتعدّى من المعتقدات وأركانها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى