قرار الاستفتاء الكردي يهتز
قال مسؤول كبير قريب من رئيس كردستان العراق إن التصويت بــ «نعم» في استفتاء استقلال الأكراد لا يعني الانفصال عن العراق تلقائيا، ولا ضم كركوك. وكان القرار الذي أعلنته كردستان بإجراء استفتاء حول الاستقلال في 25 سبتمبر المقبل جُوبه بردّات فعل مبكرة رافضة، كان أبرزها بيان وزارة الخارجية الأميركية الذي اعتبر الاستفتاء أنه يصرف النظر عن الأولويات الاكثر أهمية مثل هزيمة «داعش».
وبينما ألمح البيان إلى تقدير أميركا لما وصفه بالتطلعات المشروعة لشعب كردستان أكد تأييدها لعراق موحّد ومستقر وديموقراطي فدرالي. من جهته، حذّر وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل في بيان «مما وصفه باتخاذ خطوات أحادية الجانب»، مشيراً إلى أن وحدة العراق في خطر، واصفاً الاستفتاء على الانفصال بأنه قد يؤجج التوتر في المنطقة. وشدد وزير الخارجية الألماني على ضرورة وحدة العراق لدعم الحرب على «داعش».
وعلى صعيد رد الفعل المحلي، أكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لدى استقباله نجل الرئيس السابق بافيل جلال الطالباني ضرورة وحدة الكلمة من أجل تحقيق النصر النهائي على «داعش»، متحاشياً لغة التصعيد في ظل الحرب، في حين كان أكد في وقت سابق أن عملية الاستفتاء يجب أن تكون وفق الدستور مرتبطة بموقف الحكومة الاتحادية.
غير أن المتحدث باسم الحكومة العراقية سعد الحديثي قال إن الحكومة تعارض أي مسعى من جانب السلطات الكردية لإعلان الاستقلال. وقال «أي موقف أو خطوة تتخذ من أي طرف في العراق يجب أن تكون مستندة إلى الدستور.. وأي قرار يخص مستقبل العراق المُعرَّف دستوريا بأنه بلد ديموقراطي اتحادي واحد ذو سيادة وطنية كاملة يجب أن يراعي النصوص الدستورية ذات الصلة».
وأضاف «مستقبل العراق ليس خاصا بطرف واحد دون غيره، بل هو قرار عراقي وكل العراقيين معنيون به.. فلا يمكن لأي طرف وحده أن يحدد مصير العراق بمعزل عن الأطراف الأخرى».
في المقابل، سارع أعضاء «اتحاد القوى» الذي يتزعمه رئيس البرلمان سليم الجبوري إلى اصدار بيان أدان فيه قرار الاستفتاء، واصفاً إياه بأنه خطوة على طريق تقسيم البلاد، وناشد الامم المتحدة والجامعة العربية الوقوف ضد هذه الخطوة.
ومعلوم أن موقف كتلة دولة القانون بزعامة نائب الرئيس نوري المالكي بالضد من موضوع الاستفتاء الذي اعتبره القرار الكردي مجرد عملية ضغط على حكومة المركز.
واللافت، الذي يؤكد صعوبة المضي في عملية الاستفتاء، هو الموقف غير المنسجم بين الأطراف الكردية، حيث شددت كتلة التغيير على ان وضع العراق السياسي والأمني قد لا يسمح بإجراء الاستفتاء، مشيراً إلى ضرورة تفعيل البرلمان الكردي؛ ليكون مرجعاً في اتخاذ القرارات من قبل القوى الكردية.
وما تجدر الإشارة إليه هو أن كتلة التغيير ترى أن رئيس الإقليم مسعود البرزاني منتهي الولاية، وقد شهد الصراع بين الجانبين في وقت سابق تجاذبات حادة على خلفية منع رئيس البرلمان الكردي وعضو كتلة التغيير من الوصول إلى البرلمان وما أعقب ذلك من تصريحات وسجالات ساخنة بين الطرفين.
والغريم التقليدي للحزب الديموقراطي الكردستاني الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس السابق جلال الطالباني لا يمكنه ــــ وفق مصادر مطلعة ــــ في تصريحات لـــ القبس أن يتماهى مع رغبة البرزاني في إجراء الاستفتاء لأنه يعتبرها محاولة من لدن البرزاني لكسب الشارع الكردي على حساب القوى الكردية، فضلاً عن ان كلاً من الاتحاد الوطني وكتلة التغيير يحتفظان بعلاقات جيدة مع بعض دول الاقليم الرافضة للاستفتاء، وبالتالي فإنهما غير مستعدين للتفريط في هذه العلاقة.
خطأ فادح
بدورها، حذّرت تركيا من ان قرار رئاسة إقليم كردستان تنظيم استفتاء حول الاستقلال يشكل «خطأ فادحا». وأعلنت وزارة الخارجية ان «الحفاظ على سيادة الأراضي والوحدة السياسية للعراق هو أحد أسس السياسة التركية في ما يتعلق بالعراق». وقال رئيس وزراء تركيا بينالي يلدريم إن المنطقة بها ما يكفي من المشاكل وقرار استفتاء استقلال أكراد العراق غير مسؤول.
وتقيم تركيا علاقات جيدة مع رئيس الإقليم مسعود البرزاني، لكنها تعارض بشدة اعلان دولة كردية على قسم من أراضيها او في دول مجاورة لها.