قانون الطفل يضع «أحداث» السوشيال ميديا تحت المجهر
«الداخلية» تعاملت مع 400 حالة ما بين إهمال واعتداء «جنسي وجسدي».. والتواصل مع فريق حماية الطفل عبر الرقم 147
لم يتم تسجيل حالات إدانة للآباء المستغلين لأبنائهم عبر وسائل التواصل بالكويت
العتيبي: كل من يقيم على أرض الكويت مخاطب بأحكام القانون وملزم بـ «اتباعه»
الهاشمي: (12 IOS) سيتيح ميزة التحكم بمدة استخدام الطفل للبرامج.. و«فورت نايت» تصيب بالعدوانية
الفترة المناسبة لاستخدام الأطفال لمنصات التواصل لا ينبغي أن تتجاوز 3 ساعات يومياً
العمر: العقوبة تبدأ بالغرامة وتنتهي بالحبس.. وعدم تقييد الأطفالفي المدارس «الأكثر مخالفة»
نصر: ظهور الأطفال على منصات التواصل يعني ظهوراً آخر لهم في العيادات النفسية
الفراغ الثقافي والاضمحلال المعرفي دفع البعض للإقبال السطحي
تعالت الأصوات في الفترة الأخيرة حول ضرورة التشديد والرقابة والانتباه من المؤثرات التي يتعرض لها الطفل وقد تجلى ذلك حين اعتمد مجلس الوزراء اللائحة التنفيذية للقانون رقم 21 لسنة 2015 في شأن حقوق الطفل، وحددت في مواده الحقوق الأساسية للطفل والحالات التي تعرضه للخطر والمحظورات الخاصة به، والإجراءات العقابية للطفل المدلل والعقوبات المقررة للمسيئين إليه.
إلا أنه من المتعارف عليه، أن أي قانون يتم إقراره ليدخل حيز التنفيذ يحتاج إلى وقت ومجموعة من القرارات التفعيلية، وهو ما تبنته اللجنة الوطنية العليا للطفولة في وزارة الصحة، حيث قدمت مجموعة من الضوابط للنيابة العامة تطبيقا لقانون الطفل، وقامت بدورها النيابة بعد الموافقة على الضوابط بمطالبة «شرطة الأحداث» بمساءلة الأحداث المستخدمين لشبكات التواصل الاجتماعي المختلفة الذين تقل أعمارهم عن 13 عاما وملاحقة المستغلين لأبنائهم تجاريا.
«الأنباء» استعانت بآراء الخبراء والمختصين للوقوف على حجم الظاهرة ومدى فاعلية الضوابط الموضوعة لتقنينها وإمكانية تطبيقها والجهات المخولة بمتابعة وتطبيق القانون وآلية حصر المخالفين والعقوبات الرادعة وبحثت عن المعايير التي يستند عليها المحتوى المقدم لمعرفة مدى ملاءمته للشروط الموضوعة..
وإلى التفاصيل:
بداية، أشار مصدر أمني لـ«الأنباء» إلى أن وزارة الداخلية في طور البحث والتحري وجمع المعلومات فيما يخص «حسابات وسائل التواصل الاجتماعي» التي يستخدمها الأحداث دون الـ 13 عاما لنشر محتويات لا تتوافق مع الضوابط التي أقرتها النيابة، ملمحا إلى عدم تسجيل أي حالة مماثلة منذ تفعيل القانون، مؤكدا أن الإجراء الأول بعد عمليات البحث والتحري يتمثل في استدعاء ذوي الطفل وإلزامهم بكتابة تعهد بعدم عرض صور ومشاهد لأبنائهم تتضمن تعذيبا أو اساءات لفظية وبدنية، وإحالتهم إلى القضاء حال تكرارهم للواقعة. كما شدد على ضرورة محاسبة المستغلين لأبنائهم تجاريا بغرض الشهرة والتكسب المادي وعدم إلحاقهم بالدراسة.
ضوابط وإجراءات
وعن انتشار مقاطع فيديو توثق تعذيب الأمهات لأطفالهن قال المصدر: انه يجب على الأطباء في جميع المراكز والتخصصات عند وجود حالات اعتداء بدني أو لفظي أو إهمال واقع على الأطفال ان تقوم بإبلاغ «فريق حماية الطفل» على الرقم 147 على مدار الساعة، الذي يقوم بدوره بإخطار الإدارة المختصة بالداخلية، لاتخاذ الإجراءات اللازمة تطبيقا لقانون الطفل الذي تم إقراره 2015، مضيفا أن فريق الحماية يختص برصد ومتابعة حالات الاعتداء والإهمال التي يتم التبليغ عنها. وأكد المصدر أن عملية التبليغ تتم في سرية تامة دون وقوع أي ضرر على المبلغ، حيث تقوم جهات الاختصاص بالبحث والتحري للتأكد من صحة الواقعة وتقوم باتخاذ اللازم. ولفت إلى ان وزارة الداخلية تلقت ما يزيد على 4 آلاف حالة، وتعاملت مع ما يقرب من 400 حالة، ومعظم الحالات التي تم التبليغ عنها تتمثل في الإهمال والاعتداء الجنسي والجسدي. وقال: «ان أبرز الحالات التي تم التعامل معها لأم أهملت اطفالها فكانت لا تباشرهم، وكان الأب نزيلا في السجن المركزي وتم الإبلاغ من قبل الجيران وعلى الفور تم البحث والتحري واستدعاء الأم وتطبيق القانون عليها بعد ثبوت ادانتها، وتمت إحالة الأطفال لرعاية الأحداث، لحين توفير مأوى لهم ومن ثم إرسالهم للجدة». ودعا المصدر الى ضرورة التواصل مع الداخلية عبر الرقم (112) والاطلاع على موقعهم الرسمي لمتابعة المستجدات والنصائح العامة للتعامل مع النشء وحمايتهم من التطرف ومن البعد عن المواطنة الحقة كما هو منصوص عليه.
وفي ذات السياق، قال عضو مجلس إدارة الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان المحامي محمد ذعار العتيبي: «نحن مع أي تشريع أو تعديل للمزيد من حماية الأسرة والمجتمع وتحديدا الطفل، ونؤيد حماية الطفل من أي بما يحفظ له مكانته ويضمن له حياته كريمة خالية من اي انتهاك، وتأتي مطالبة النيابة لشرطة الأحداث من صور تفعيل قانون الطفل الذي أقر عام 2015، ونستطيع القول انه احدى آليات تنفيذ وتطبيق القانون على أرض الواقع، ونعلم جيدا أن اي قانون يتم إقراره ويأخذ حيز التنفيذ يحتاج لفترة وقرارات تفعيلية حتى نراه على ارض الواقع. وعما اذا كان القرار مطبقا على الوافدين أيضا قال العتيبي: كل القوانين تطبق على كل من يقيم على أرض الكويت، ويعاقب كل من وقت وقوع مخالفة هذا القانون سواء كان مواطنا أو مقيما.
وأضاف أن الجهات المنوط بها تطبيق القانون عديدة، أولها النيابة العامة، كونها تمثل المجتمع تأتي بعدها جهات متعددة من وزارة الشؤون والعمل والتربية والمجتمع.
قوانين دولية
بدوره، قال استشاري التكنولوجيا سيد الهاشمي: لدينا قانون أميركي يسمى بـ«COPPA» اختصارا لـ children on line privacy on line protection act، وينص على تجريم استخدام بيانات الأطفال دون سن الـ13 عاما بما فيها مواقع التواصل الاجتماعي.
والقانون الثاني الأوروبي هو G D P R، وهو اختصارا لـ GENRAL DATA PROTECTION REGELATION، وقال إن أغلب مواقع التواصل الاجتماعي وفقا للقوانين الدولية يحظر استخدام الأطفال دون الـ13 عاما لمواقع التواصل، باستثناء «الواتساب» إلا أن أميركا اشترطت أن يتجاوز العمر الـ16، كما يشترط موقع «يوتيوب» أن يتجاوز الطفل 18 عاما، والأقل من ذلك يسمح له بمشاهدة الفيديوهات فقط، ولا يستطيع إنشاء موقع خاص به.
ويرى الهاشمي أن كثيرا من المحتويات المتاحة عبر مواقع التواصل لا تتناسب مع طبيعة مجتمعاتنا المحافظة، ملمحا إلى تصرفات بعض الأطفال التي تتسم بالعدوانية عند محاولة منعهم من الأجهزة ناصحا بعدم السماح لهم، وتقديم بدائل ذات جدوى كالكتب والقصص، موضحا أن الفترة الكافية لا ينبغي أن تتجاوز 2-3 ساعات يوميا. وأشار إلى تحديث جديد ستطرحه شركة آبل لـ «12 IOS» سيتيح ميزة التحكم بالمدة التي يستخدمها الطفل للبرامج.
وحذر الهاشمي من لعبة «فورت نايت» التي أثارت ضجة إعلامية منذ اطلاقها في 2017 وقال: «تعد إحدى ألعاب الفيديو الإلكترونية الخطيرة والضارة للأطفال نظرا لما تحتويه من مشاهد عنف ولا ينصح باستخدامها للأطفال دون السن لأنها تعتمد على التواصل التفاعلي مع اللاعبين من مختلف الأنحاء دون أدنى رقابة على الحديث والأفكار المتداولة، وقد تصيب هذه الألعاب الأطفال بالانطوائية والعدوانية في بعض الأحيان.
الشكاوى والعقوبة
من جانبه، أفاد المحامي عمر العمر بأن العقوبة المنصوص عليها في القانون متفاوتة بحسب نوع وطبيعة الجريمة، فتبدأ بالغرامات المالية وتنتهي بالحبس، وتضاعف العقوبة إذا ارتكبها أحد والدي الطفل وفق نص المادة (94) من قانون 21/2015، ويحيل قانون حماية الطفل لقانون الجزاء في حال كانت العقوبة أشد.
وعن آلية الحصر والتبليغ عن المخالفين للقانون، قال العمر: «الحصر يتم من خلال الآليات التقليدية في جهات التحقيق بحيث يتم تصنيف الجرائم وبالتالي من الممكن من خلال تلك الجهات حصر البلاغات والشكاوى المقدمة». وأضاف: «أما المخالفون لأحكام القانون فلا يمكن معرفتهم إلا من خلال أحكام باتة تصدر بإدانتهم».
ولفت إلى تسجيل العديد من الحالات في هذا الشأن ومن أبرز القضايا هو عدم قيد الأطفال في مراحل التعليم لوجود خلافات أسرية بين والدي الطفل.
وأكد ان القانون يطبق على الجميع دون استثناء قائلا: «كل من يقيم على أرض الكويت مخاطب بأحكام القانون وملزم باتباعه».
وقال ان المعايير التي تستند اليها المحتويات المقدمة في وسائل التواصل الاجتماعي هي معايير موضوعية يتم استخلاصها من طبيعة المحتوى وطبيعة نشاط الطفل وإذا ما كان متكررا ومن خلال ذلك يمكن التوصل لطبيعة المحتوى والغاية منه.
جريمة نفسية مكتملة الأركان
وفي سياق متصل، عزا الكاتب ومدرب العلاقات والاستشاري النفسي د.ملاك نصر، ظاهرة استخدام بعض الآباء لأبنائهم تجاريا إلى الدافع المادي والأسباب الاقتصادية، وأن استغلالهم عبر منصات التواصل الاجتماعي أصبح بابا واسعا للكسب السريع والوفير.
وأضاف ان الفراغ الثقافي والاضمحلال المعرفي الذي تمر به المنطقة العربية دفع البعض للإقبال على «السوشيال ميديا» بشكل سطحي.
واعتبر د.ملاك أن هذه الظاهرة، جريمة نفسية مكتملة الأركان من حيث تأثيرها على التكوين النفسي والذهني والعاطفي للطفل، وذلك وفقا لما اثبتته الدراسات الحديثة فإن إفراط استخدام الأطفال «للسوشيال ميديا» وتعرضهم للشهرة والنجومية في عمر صغير يصيبهم بالنرجسية والتعالي والأنانية ما قد يؤدي إلى فشل اجتماعي وعاطفي لاحقا، وبالتالي فإن عملية النضج والتطور النفسي الطبيعي تصاب بالإعاقة، ويقف عمر الطفل العقلي عند 3 سنوات.
وواصل قائلا: كما يصيبهم باضطراب الهوية لأن الطفل يحصل على تقييم من صورة كاذبة منعكسة من وسائل التواصل عن ذاته، وأوضح أن من الأضرار الجسمية لاستخدام الأطفال في السوشيال ميديا، هو اختلال توازن القيم لديه «عندما يصبح المال غاية وليس وسيلة» فتصبح الماديات من القيم العليا لديه وتقل القيم المعنوية والاجتماعية.
وأشار الى صعوبة تطبيق فكرة «المنع» من منطلق أن كل ممنوع مرغوب، داعيا أولياء الأمور إلى متابعة أبنائهم وتحصينهم نفسيا وتعزيز الرقابة الذاتية لديهم من خلال زرع الأخلاقيات والقيم الإيجابية بذكاء وابتكار.
وأكد أن فرض القانون على الآباء ليس هو الأساس فالأهم هو توصيل القناعة بأن استخدام أطفالهم عبر السوشيال ميديا يؤدي إلى اضطرابات واختلالات نفسية قد تدمرهم مستقبلا، واختتم د.ملاك حديثه قائلا: «إن ظهور الأطفال على منصات التواصل الاجتماعي يعني ظهورا آخر لهم في العيادات النفسية لاحقا».
الإبلاغ عنها في «الجرائم الإلكترونية» وإجماع على احترام الخصوصية
برامج إظهار المتصل سببت كثيراً من المشاكل الزوجية
شدد المحامي محمد العتيبي على ضرورة صيانة المجتمع وحمايته من خلال سن التشريعات القانونية وتطويرها بما يواكب المتغيرات والتي ابرزها عالم التكنولوجيا الحديثة التي تتسارع في تعدد صورها ايجابية كانت أم سلبية، مضيفا أن الموافقة على حجب برامج نشر خصوصيات الافراد في المجتمع تمثل «وقفة ايجابية»، فالغالبية أجمعوا على احترام خصوصيات الآخرين وعدم المساس بها.
وهذه الصور من بعض البرامج (Caller ID) التي تنشر ارقام واسماء وبيانات الأشخاص دون موافقتهم ساهمت في الكثير من المشاكل وتحديدا بين الازواج في حال اكتشفت الزوجة رقم زوجها مسجلا باسم أو صفة سيئة وبالتالي تشتعل شرارة في بيت الزوجية والعكس صحيح، فتبدأ الخلافات والشكوك وقد ينتج عنها طلاق او تهديد بالطلاق نتيجة هذا التصرف، وفي حالات اخرى تنتقل الخلافات والعداوات الشخصية الى التطبيقات فيقدم شخص على الانتقام من صاحب او صاحبة هذا الرقم من خلال التشهير به، ويستوجب معاقبته صاحب هذا البرنامج بقانون الجزاء الكويتي قانون رقم 16 لسنة 1960 والتي تصل للحبس وغرامات طائلة نتيجة الضرر الذي وقع على صاحب الرقم الذي تم التشهير به ووضع له صفة أو لقب يحط من شأنه.
وعن كيفية مقاضاة صاحب البرنامج قال العتيبي: «من خلال تقديم بلاغ لدى الجرائم الالكترونية وإحالتها لنيابة الإعلام وبعدها للمحاكم التي تصدر حكم العقوبة وتقتص للمجني عليه سواء كان ذكرا او انثى.
وأردف قائلا: «اعتقد أن تفاعل وسرعة تجاوب القائمين على هيئة الاتصالات وعلى رأسهم مدير عام الهيئة م. سالم الاذينة مع ما أثير مؤخرا عن هذه البرامج هو دليل على حرصهم على حماية المجتمع والمحافظة عليه من ثورة التكنولوجيا المعلوماتية وما قد يصاحبها من مظاهر سلبية تنافي الاخلاق والقيم».
هاشتاج #التطبيقات دمرت عوايلنا يتصدر تويتر و«الهيئة» تستجيب
بـ«هاشتاج» يشتعل الغضب وبصورة تقلب الدنيا رأسا على عقب، وعندما تكون هناك وجهات نظر متعارضة، تتحول «السوشيال ميديا» حينها إلى منصة شاسعة، تتسع لآراء من حول العالم كله، ولا يستطيع احد غفال سطوة وقوة «السوشيال ميديا» فكما كان لها دور مشهود في نجاح ثورات الربيع العربي، فلها أيضا قوة تنتفض إليها الشعوب والحكومات أحيانا، وهكذا تعود لتتسيد الموقف مرة اخرى.
فقبل ساعات من اعداد هذا الموضوع كان وسم #التطبيقات_دمرت_عوايلنا، الذي دشنه نشطاء الموقع العالمي تويتر، الأعلى تداولا، وتسائل المغردون خلاله، ماذا لو بحثنا عن اسماء مسؤولين ووجدنا اسماءهم قيدت في التطبيقات بأسماء «غير لائقة»؟ ملمحين الى أن العداوات انتقلت الى التطبيقات لتقيد الاسماء بأسماء مخلة بالاداب والشرف بقصد الاساءة والتشهير.. ولم تلبث الحملة التي انطلقت شرارتها منذ عدة أيام حتى أعلنت الهيئة العامة للاتصالات وتقنية المعلومات في بيان صحافي أنها شرعت بحجب «تطبيقات كشف الأرقام عن مزودي خدمة الانترنت في الكويت، لانتهاكها خصوصية الاشخاص وتسهيل الوصول لأرقامهم وعناوينهم وترفعها الى قاعدة بيانات خاصة بالتطبيق بدون ادنى مسؤولية وبمجرد تثبيت التطبيق، ما خلف مشاكل أسرية وجرائم وسرقة حسابات بنكية.
فما كان من هيئة الاتصالات الا ان تبحث وتستجيب وتعد» لائحة (حماية الخصوصية) لضمان حماية تداول ومعالجة بيانات الأفراد بطريقة مشروعة وآمنة دون الإفصاح عنها لأي أطراف أخرى إلا بعلم أصحاب البيانات، مؤكدة أن من يخالف هذه اللائحة سيتعرض للمساءلة القانونية.
نهاية لابد من الاعتراف بأن «السوشيال ميديا» أصبحت من الأدوات الرئيسية للضبط والتحكم الاجتماعي في المجتمعات الحديثة.