المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار الكويت

ف.س. نايبول.. المتفلت من الجذور وكاره الوضاعة

قبل أيام، رحل الروائي البريطاني الهندي الأصل فيديادر سوراجبراساد نايبول عن عمر يناهز 85 عاماً. ونايبول هو واحد من أعظم الكتّاب البريطانيين. كتب أكثر من ثلاثين كتابا اختلط فيها الخيال بالواقع بالسيرة الذاتية، واتسمت كتاباته بكرهه للجذور ونفوره من الشعوب الوضيعة والامبراطوريات الآفلة. حاز جائزة بوكر عام 1971 عن كتابه «قل لي من أقتل»، وجائزة نوبل للآداب في عام 2001، كما منحته الملكة إليزابيت لقب فارس في عام 1990.
ولد نايبول في عام 1932 في إحدى جزر الكاريبي. وأمضى طفولته في جزيرة ترينيداد في مجتمع من المنفيين الهندوس. في سن 18 وصل الى انكلترا ليتابع دراسة الآداب في جامعة أوكسفورد. وعن تلك المرحلة كتب: «كنت أحاول أن أشق طريقي ككاتب في مكان لم تكن لي فيه أي مساحة في الواقع، مكان يمتلك في العمق فكرته الخاصة عن ماهية الكتابة».
في عام 1957، نشر نايبول روايته الأولى بعنوان «المدلك الروحاني» التي تناولت محنة سياسي هندي شاب في جزر الهند الغربية البريطانية. تضمنت روايته الاولى زبدة افكاره وقيل انها احتوت كل ما يود قوله: هجاء الجذور ومجتمعات ما بعد الاستعمار بكل انحرافاتها وفسادها السياسي. لاحقا، سيتوسع عمله الأول المكرس لجزر الهند الغربية ليشمل العالم بأسره، ويركز نايبول المقام الأول على الصدمة المرتبطة بالتغييرات في مرحلة ما بعد الاستعمار. وفي مؤلفاته الثلاثين – سواء تلك المصنفة ضمن خانة الادب المتخيل، ام التأريخ أم الجغرافية السياسية، ام السير الذاتية، سيتوغل أدبه في أنحاء العالم: من الإمبراطورية الاستعمارية البريطانية السابقة، الى الهند، وأفريقيا، وأميركا الجنوبية.

لغز الوصول
قرأ صاحب رواية «لغز الوصول» قصص المستكشفين البريطانيين الكبار في أواخر القرن التاسع عشر، مثل هنري مورتون ستانلي وجون هينينغ سبيك. اقتبس منهم واقتفى أثرهم. وفي الكتابة ايضاً استكشف العوالم الأدبية وعبر الحدود. زاوج الاصناف الادبية، مزج الخيال بالواقع، وتقاطعت رؤيته الساخرة بواقعية قاربت التوثيق.
كان نايبول أيضا مؤلفا مثيرا للجدل. واعتبر مثالاً اشكاليا نادرا من ضمن حائزي نوبل بسبب خطاباته وكتاباته التي كانت تستدعي سجالات حامية. لم يتردد في مقارنة رئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير بقرصان يقود ثورة الاشتراكية. وفي احدى مقابلاته قلّل من شأن «الروائيات» اللواتي وصفهن بالـ«عاطفيات»: «النساء الكاتبات مختلفات. إنهن مختلفات جدا. عندما أقرأ جزءاً من عمل، تكفي فقرة أو فقرتان لأدرك اذا كان كاتبها رجل أو امرأة»، ويستدرك قائلا ان هذا الاختلاف يجد تفسيره في «عاطفة المرأة» و«رؤيتها الضيقة للعالم».

سرد فظ!
في حيثيات منحه نوبل، وصفت الاكاديمية السويدية نايبول بالكاتب الكوزموبوليتي والرحالة الادبي. واختزلت مأساته على النحو التالي: «ترك الفقر الثقافي والروحي في ترينيداد في نفسه ندوبا عميقة. باتت الهند غريبة عنه، واستعصى عليه الالتزام بالقيم التقليدية للقوة الاستعمارية البريطانية السابقة».
وإذا كان البحث عن هوية جماعية او فردية، ثقافية او اجتماعية، هو الخيط السردي الذي يربط مؤلفاته، فإن النقاد اتهموا الكاتب بسرد مآسي المستعمَرين السابقين بفظاظة. كما انتقد على نطاق واسع بسبب نظرته الى الإسلام التي عبر عنها في «خسوف الإسلام» و«نهاية الإيمان». وكان رد الكاتب على موجة النقد التي طالته بأن «الإيديولوجية هي المفسد العظيم للحقيقة»، وكانت له جملته الشهيرة «الحياة أقصر من أن أهدرها بالاستماع إلى الحماقات».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى