المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مثبتة

في الشعر.. ألفاظ مقبولة!

اهتم النقاد العرب بالكلمة الشعرية، وخصّوها بكثير من العناية والدراسة والتفصيل. وذلك لأن اللغة الشعرية هي هوية الإبداع الشعري، وهي العلامة الدالة على انتمائه إلى دائرة الشعر. ولهذا وضع النقاد القدامى شروطا محددة للكلام الشعري، بحيث لا يكون الكلام كله صالحا لينتمي إلى هذا الفن. بل لابد أن يتحرى الشاعر كثيرا في تعامله مع اللغة، حتى لا ينجرف مع لغات أخرى تبعد عمله من صفة الشعر. فـ«للشعراء ألفاظ معروفة وأمثلة مألوفة لا ينبغي للشاعر أن يعدوها، ولا أن يستعمل غيرها».
ولهذا طالب النقاد باختيار الألفاظ وانتقائها حتى تتميز لغة الشعر عن غيرها من اللغات المستعملة في العلوم والصنائع وكلام العامة. «فحين نتحدث عن اللغة في الشعر والأدب عامة نقصد اللغة في خصائصها الفنية التي من شأنها أن تثيرها بتعمق مدلولاتها، وتنظيم سياق ألفاظها وجملها بما يوسع نطاقاتها الصوتية والإيحائية، ويجدد قرائنها ويغني مجالاتها التعبيرية». وعلى هذا الاعتبار، لا يمكن أن تكون كل لغة مادة صالحة للشعر، «لأن لغة الشعر متميزة وذات خصوصية، لأنها لغة إيحاءات، إنها تقف على نقيض اللغة العادية أو لغة العلم التي هي لغة تحديدات ولغة الإيضاح».
وترتبط اللغة الشعرية بثقافة الشاعر وبمرجعياته الفكرية وبكل العوامل الذاتية والموضوعية التي تسهم في تجاربه الشعرية. فهي ترجمان لتصوراته وحساسياته، كما أنها صورة معبرة عن انشغالاته وهمومه الفكرية والنفسية والاجتماعية. والشاعر دائم الاختيار والانتقاء بين الألفاظ سعيا وراء ما يمكن أن يخدم مقصديته، ويقدم صورة تقريبية لما يعتمل في ذهنه وأعماقه. وهكذا تأتي اللغة الشعرية منسجمة مع السياق النفسي ومع التجربة الداخلية للمبدع. كما أنها تأتي منسجمة مع السياق الثقافي العام، ومع الاختيارات الفنية والجمالية التي أقرها المجتمع الأدبي، واستساغها الذوق الفني السائد. لأن الشاعر يبقى دائما ابنا وفيا لبيئته، ولسانا صادقا حاملا لرؤية المجتمع الثقافي الذي ينتمي إليه. ولذلك تجد التجارب الشعرية المنتمية لسياق تاريخي أو ثقافي معين، قد انطبعت بالطابع الفني الذي تميز به ذلك السياق. فتحمل آثارا بارزة وبصمات واضحة لما تم تكريسه، أو لما تم تداوله بين الطبقة المبدعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى