فيلم «سرب الحمام» بين الاستياء والجماهيرية
منذ اللحظة الأولى التي أعلن فيها عن عرض فيلم «سرب الحمام»، الذي يعتبر من الأعمال السينمائية الوطنية الكويتية، حتى تهافت على مشاهدته الجمهور بإقبال واضح، من خلال ما لمسناه من شباك حجز التذاكر في دور العرض المختلفة، الا انه أثار حفيظة عدد كبير من الناس، وخصوصا بعض الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي، وبالأخص سامي سيد هادي العلوي، أحد الناجين من ملحمة القرين، والابن الأكبر لسيد هادي العلوي قائد مجموعة المسيلة، التي قاومت الاحتلال، معتبرا ان الفيلم لم يقدم الصورة الصحيحة لملحمة القرين، التي تشابهت أحداثها مع الأحداث التي عرضها الفيلم، حتى من خلال أسماء الشخصيات التي مثلت الحدث هذا من جانب، فيما تحدث البعض الآخر عن ضعف السيناريو والإخراج، منتقدين بعض المشاهد في العمل، بينما اتفق الجميع على أن أغنية الفنان عبدالكريم عبدالقادر أفضل ما الفيلم.
حول هذا الموضوع قمنا باتصال هاتفي مع سامي سيد هادي العلوي، أحد الناجين من «ملحمة القرين»، والابن الأكبر لسيد هادي العلوي، قائد مجموعة المسيلة التي قاومت الاحتلال، قال: «منذ التحرير المبارك، وعدد كبير من الجهات الإعلامية يتصل بي من أجل موضوع ملحمة القرين، وفي كل مرة أقول لهم إن هذه الملحمة ملك الكويت، ومن حق أي إنسان أن يقدم عملاً عنها، ولكن يجب إظهارها كما هي من غير تغيير ولا تبديل، حتى في خيال الكاتب الذي سيكتب القصة يجب أن يقدم الأحداث كما هي لأنها أمانة تاريخية، وبالنسبة لفيلم «سرب الحمام»، اتصل بي أحد الأشخاص يوماً، وعرّف عن نفسه بأنه رمضان خسروه، مخرج سينمائي، وأخبرني بتجربتين قدمهما من قبل، وقال إنه يحتاج مني تنازلاً لفيلمه القادم، لأنني أحد الناجين من ملحمة القرين، فوافقت على الفور وتمنيت لهم التوفيق، ولكن اشترطت أن أقرأ السيناريو، لكي أضمن أن الأحداث كما كانت، فوعدني خيراً، واختفى فترة طويلة، ثم عاود الاتصال بي، فطلبت منه السيناريو، فقال لي «شرايك تشوف الفيلم نفسه!»، استغربت، وبالفعل شاهدت الفيلم، وإذا به مختلف عن القصة الحقيقية التي وقعت، فأخبرته بأن الأحداث مختلفة، ولي ملاحظات عديدة على الفيلم، ولكنه لم يأخذ برأيي، وفوجئت بالفيلم يعرض في دور السينما.
مشاهد مشابهة
وتابع: «إذا كان الفيلم لا يتحدث عن ملحمة القرين، فلماذا هناك نفس الأسماء.. اسمي أنا ووالدي رئيس الفرقة واسمه أبو سامي، بالإضافة إلى أسماء الشهداء وغيرهم.. كما أن هناك الكثير من المشاهد المشابهة لمشاهد مشهورة، ويحفظها كل أهل الكويت من الملحمة(!) بصراحة لا أعرف لماذا تصرف المخرج خسروه بهذه الطريقة، هذه الملحمة أمانة في عنقنا جميعا، ولست المسؤول عنها، ولكنني عشتها، وأعطاني الله سبحانه عمرا لكي أرويها لأهل الكويت والأجيال القادمة، فأنا مؤتمن عليها.. فلماذا لم يؤخذ رأينا على الأقل وقت كتابة السيناريو، ملحمة القرين ملحمة وطنية وليست قصة حب، ودماء الشهداء التي روت المكان ورفعت العلم ليست للمتاجرة أو المشاركة في المهرجانات السينمائية».
وبالنسبة لمشاركة الفنانين، قال العلوي: «لكل من شارك في الفيلم كل التقدير والاحترام، أعرف إخلاص الجميع وحبهم للكويت، وحسن نيتهم في كل ما يقدمونه، ولكن كل من يشاهد الفيلم سيدرك تماما أنه يحكي قصة ملحمة القرين، فلماذا يقدمونها بصورة مختلفة، ونحن أحياء بفضل الله، وعشنا لحظاتها أولاً بأول، ولا يأخذون رأينا في الموضوع! لا أريد أن ألتقي والدي رحمه الله غدا، ويقول لي «نجاك الله من الموت لتكون أميناً على ما حدث، فلماذا لم تنقلها كما هي؟!».. النجوم قدموا ما عليهم، ولكن الإخراج ضعيف جدا، والسيناريو في فيلم «سرب الحمام» بأحداثه التي يعرضها لا ينقل ملحمة القرين بطريقة صحيحة».
رسالة صريحة
حول ما تردد في وسائل التواصل الاجتماعي، تحدث مخرج فيلم «سرب الحمام» قائلا: «عندما اعتزمنا طرح هذا الفيلم في شهر فبراير، كان بهدف المشاركة والتعبير عن فرحتنا في أعيادنا الوطنية، فحرصنا على أن نسلط الضوء على الملاحم والتضحيات، التي سطرتها المقاومة الكويتية أمام الجيش الصدامي الغاشم، خصوصاً مع انطلاق معركة التحرير، وأنا عبّرت عن رسالتي من خلال التنويه قبيل عرض الفيلم إلى النهاية من خلال أغنية الفنان عبدالكريم عبدالقادر».
ولفت خسروه الى أنه وضع رسالة قبل بداية العرض، وكانت صريحة وواضحة وهي: «تدور أحداث هذا الفيلم قبل بدء قوات التحالف عملية تحرير دولة الكويت من براثن الجيش الصدامي بساعات قليلة.. وهذه الأحداث مستوحاة من مشاهد متفرقة في فترة الغزو العراقي الغاشم على دولة الكويت، وأي تشابه بين الشخصيات والأحداث هو محض مصادفة».
قضية وطن
وأضاف أن أحداث «سرب الحمام» مستوحاة من أحداث إبان فترة الاحتلال العراقي الغاشم، وفترة تحرير دولة الكويت من براثنه، مؤكدا أن العمل قد حقق نجاحا جماهيريا لافتا من خلال دور العرض السينمائي منذ طرحه الأسبوع الماضي، وهذا دليل قاطع على أن أهل الكويت حريصون كل الحرص على مشاهدة العمل، كونه يتطرق إلى بطولات وتضحيات أبناء الوطن إبان الاحتلال العراقي البغيض، وقيم الولاء والحب للكويت الحبيبة، كما أن الأجيال الحالية والسابقة كان لديهم شغف وحرص على مشاهدة العمل كونه يتناول قضية وطن.
حمامة السلام
وعما تردد في وسائل التواصل الاجتماعي حول السخرية من شخصية «سامي»، أجاب خسروه: «أولاً الحمامة هي رمز للسلام، وعندما قدمت تلك الشخصية مشهد الحوار مع الحمامة كان من أجمل المشاهد الإنسانية الوطنية المعبرة، فالحمامة ترمز إلى الكويت بلد السلام والجريحة من الغزو الغاشم، وهذه الشخصية خاطبت الحمامة في المشهد ذاته مصرة على أنها لن تتركها جريحة، بل ستعالجها وستطلقها في هواء الحرية مجدداً».