فشل يحيق بمشروع إستراتيجي هندي – إيراني

قال مسؤولون هنود إن المصنعين الغربيين يحجمون عن توفير معدات لميناء ايراني تطوره الهند خشية ان تعيد الولايات المتحدة فرض عقوبات على طهران في ضربة لطموحات نيودلهي الاستراتيجية في المنطقة.
يقع ميناء تشابهار الايراني على خليج عمان بمحاذاة الطرق المؤدية الى مضيق هرمز، ويمثل عنصرا محوريا في تطلعات الهند لفتح ممر للنقل الى اسيا الوسطى وافغانستان يتجنب المرور عبر غريمتها باكستان.
وخصصت الهند 500 مليون دولار لتسريع تطوير الميناء بعد رفع العقوبات التي كانت مفروضة على ايران عقب التوصل لاتفاق بين القوى العالمية وطهران لتقييد برنامجها النووي في عام 2015.
غير ان مصدرين حكوميين يتابعان أكبر مشروع بنية تحتية للهند في الخارج قالا ان الشركة الهندية المملوكة للدولة المسؤولة عن تطوير ميناء تشابهار لم ترس بعد اي مناقصة لتوريد معدات مثل الرافعات.
وقال المسؤولان في تصريحات منفصلة لرويترز ان مجموعة ليبهير الهندسية السويسرية وكونكرانس وكارجوتك الفنلنديتين اخبرت انديا بورتس غلوبل الهندية التي تطور ميناء المياه العميقة انها لن تتمكن من المشاركة في المناقصات المطروحة، نظرا لان بنوكهم غير مستعدة لتسهيل المعاملات التي تشكل ايران بسبب الضبابية التي تكتنف السياسية الأميركية.
وتسيطر هذه الشركات على سوق المعدات المتخصصة لتطوير ارصفة الموانئ ومرافئ الحاويات. وقال مسؤول إن أول مناقصة طُرحت في سبتمبر لكنها لم تجتذب سوى عدد قليل من العروض بسبب الخوف من تجدد العقوبات. واشتدت هذه المخاوف منذ يناير.
وقال المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه نظرا لحساسية الأمر «الوضع الآن هو أننا نسعى وراء الموردين».
وجرى طرح بعض المناقصات ثلاث مرات منذ سبتمبر لأنها لم تجتذب عروضا. وقال نفس المسؤول الهندي إن شركة زد.بي.إم.سي الصينية تعرض توفير بعض المعدات منذ ذلك الحين.
تهديد العقوبات
وصف ترامب الاتفاق الموقع بين إيران وست قوى عالمية لكبح جماح برنامج طهران النووي مقابل رفع العقوبات عنها بأنه «أسوأ اتفاق على الإطلاق جرى التفاوض عليه».
وفي الشهر الماضي مددت إدارته العمل بتخفيف أشد العقوبات التي فرضتها واشنطن على طهران وأوسعها نطاقا بينما تجري مراجعة أوسع للسياسات بخصوص كيفية التعامل مع الجمهورية الإسلامية.
وتتسبب الضبابية التي تكتنف السياسة الأميركية بالفعل في تأخيرات طويلة للعقود التي تسعى إيران لإبرامها مع الشركات العالمية لتطوير حقولها النفطية وشراء طائرات لتحديث أساطيلها المتقادمة.
وأدى رفع عقوبات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي عن طهران لإعادة ربطها جزئيا بالمنظومة المالية العالمية الضرورية للتبادل التجاري.
غير أن كبار المصرفيين العالميين المنكشفين على الولايات المتحدة ما زالوا يعزفون عن تسهيل الصفقات الإيرانية خشية الوقوع تحت طائلة العقوبات الأميركية الفردية الأضيق نطاقا التي لا تزال سارية خارج إطار الاتفاق النووي فضلا عن الضبابية التي تحيط باستمرارية تخفيف العقوبات الأوسع نطاقا.
وقال السفير الهندي في إيران إن عملية شراء المعدات لميناء تشابهار جارية وإن تصنيع بعض الرافعات يحتاج لفترة تصل إلى 20 شهرا. وأضاف أن الوضع المصرفي يتحسن تدريجيا.
وذكر السفير ساوراب كومار في رسالة الكترونية أرسلها لـ «رويترز» من طهران «طُرحت المناقصات أكثر من مرة لعدة أسباب منها عدم استيفاء المواصفات الفنية وغيرها. وفي الواقع تحسنت القنوات المصرفية إلى حد ما في الأشهر الأخيرة. وإذا لم ترغب بعض الشركات في المشاركة فهذا شأنها».
وتسعى الهند إلى تطوير ميناء تشابهار منذ أكثر من عشر سنوات باعتباره مركزاً لروابطها التجارية بالدول الغنية بالموارد في آسيا الوسطى وأفغانستان. وتواجه الهند صعوبات حالياً في الوصول إلى تلك الدول بسبب علاقتها المتوترة مع باكستان.
ولم يتحقق تقدم يذكر في الميناء حتى الآن بسبب العراقيل البيروقراطية والمفاوضات الصعبة مع إيران واحتمال إثارة سخط واشنطن أثناء فترة الحظر المالي على طهران.
لكن تطوير الصين لميناء جوادار، الذي يبعد نحو 100 كيلومتر عن تشابهار على الساحل الباكستاني، كان من بين الأسباب التي دفعت حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى الكشف عن خطط استثمار ضخمة تتمركز حول الميناء الإيراني، وعرض المساعدة في بناء سكك حديدية وطرق ومصانع أسمدة يمكن أن تصل قيمتها إلى 15 مليار دولار.
وحتى الآن، وعلى الرغم من أن الهند تريد فتح خط ائتمان مبدئي بقيمة 150 مليون دولار لإيران لتطوير تشابهار، فإنه لم يتم تدشينه بعد نظراً لأن طهران غير قادرة على القيام بدورها.
وقال المسؤول الحكومي الثاني «لم يطلبوا القرض منها لأنهم لم يرسوا أي مناقصات إما لقلة المشاركة أو لمشكلات مصرفية».
وقال السفير كومار: إن إيران أشارت إلى أنها سترسل اقتراحات قريباً لاستغلال خط الائتمان.
وقالت مينا سينغ روي، التي ترأس مركز غرب آسيا في معهد دراسات وتحليلات الدفاع في نيودلهي، إن التوتر المتزايد بين واشنطن وطهران سيكون له أثر على مشروع الميناء.
وأضافت: «مشروع تشابهار ذو أهمية استراتيجية للهند. لكن.. لا يبدو أن شيئاً يتحرك بسبب حالة الضبابية الجديدة في المنطقة». (نيودلهي – رويترز)