المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار عربية

«فاجعة بيروت» أمام مواجهة قضائية سياسية جديدة

المصدر /البيان

فيما تواصل السلطة السياسيّة في لبنان معارك «الكرّ» في وجه القضاء و«الفرّ» من وجه العدالة، مجاهرةً بنواياها تجاه المحقّق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، في محاولة منها لطمْس الحقائق وتكريس سياسة «الإفلات من العقاب» في الجريمة، ورغماً عن إرادتها ومخطّطاتها، استأنف البيطار مهامه، بلقاءات ومراجعات ومراسلات، إيذاناً بإعادة تحريك عجلات تحقيقاته، وتسطير مذكّرات استجواب بتواريخ جديدة للمدّعى عليهم في القضيّة.

أمّا على المقلب الآخر من الصورة، فتتحضّر بعض «قوى 8 آذار»، وعلى رأسها «حزب الله»، لاستئناف هجماتها القضائيّة المرتدّة على البيطار، بعدما ضاقت خياراتها الحكوميّة وتعثرت تسوياتها النيابيّة لـ«قبْعه» من منصبه.

وبعد استراحة قسريّة فرضتها، على مدى شهر و3 أيام، دعاوى الردّ «الملغومة»، الهادفة إلى تفخيخ التحقيق العدلي وشلّ حركته وقدرته على الاستدعاء والادّعاء وكشف الحقائق وتحديد المسؤوليّات في قضيّة النيترات، تربّع الحدث القضائي في الواجهة مجدّداً، من بوّابة عودة القاضي البيطار إلى مكتبه ومعاودة عمله. وذلك، بعد تعذّر تمرير صفقة فصل الملفّات وشقّ المسارات في التحقيق العدلي تحت قبّة البرلمان. في المقابل، تبدو الصورة مشوبة بحذر يشبه التشاؤم، إذْ ارتفع منسوب التوقعات بأنّ لا يطول عمل البيطار، لكوْن السياسيّين المُدّعى عليهم سيعودون إلى ألاعيبهم وعرقلاتهم، وهم يستعدّون لتقديم دعاوى ردّ جديدة، هرباً من الخضوع للتحقيق ومنعاً لسيْر العدالة.

ورقة ضغط

وفي أجواء الاشتباك السياسي المحتدم حول التحقيق العدلي، وفيما أفيد بأنّ البيطار سيبادر إلى استئناف إجراءاته خلال الساعات المقبلة، بتحديد مواعيد متتالية لاستجواب السياسيّين والقادة العسكريّين والأمنيّين المُدّعى عليهم، وبأنّه سيستلم قريباً صور الأقمار الاصطناعيّة الروسيّة المرتبطة بانفجار المرفأ، فإنّ «الثنائي الشيعي» («أمل» و«حزب الله») لم يعد يملك عمليّاً، سوى إحكام قبضته على مجلس الوزراء منعاً لانعقاده، كورقة ضغط وحيدة في يده يرفض الإفراج عنها قبل مقايضتها بورقة تنحية المحقق العدلي عن مساءلة المُدّعى عليهم من الطبقة السياسيّة في انفجار 4 أغسطس 2020. وعليه، ستبقى حكومة نجيب ميقاتي ممنوعة من الاجتماع حتى إشعار آخر، مع ما يعنيه الأمر من كونها إنْ لم تستقلْ فستدخل في تصريف أعمال غير معلن، تاركةً حبل الانهيار على غاربه يشدّ الخناق أكثر فأكثر على البلد، وقد بات مسلّماً به أنّه بات على بعد أمتار قليلة من الانهيار المدوي، فيما القيّمون عليه يتأرجحون، سياسيّاً وقضائيّاً، تجمعهم إرادة هدْر الوقت على تناقضات وخلافات، تزرع تعقيدات إضافيّة في نفق الأزمة، وتمحو كلّ ما يُحكى عن إيجابيات، وتقطع الطريق على أيّ انفراجات.

لي أذرع

وهكذا أيضاً، من جولة إلى أخرى في مواجهة قضائيّة – سياسيّة، باتت أقرب ما تكون إلى معركة ليّ أذرع أو كسْر عظم لا هوادة فيها، تترقّب الساحة الداخلية تصاعد حمّى المواجهة مجدّداً بين المحقّق العدلي في ملفّ جريمة انفجار مرفأ بيروت والمُدّعى عليهم، ما يرسم مزيداً من الغموض المقلق حول مصير التحقيق، وإمكان إعادة تعليقه مجدّداً، في ظلّ التداعيات الحادّة والخطيرة لهذه المواجهة، وما يمكن أن تستبطنه بعد من تطوّرات، يُخشى أن تكون بالغة السلبيّة على تأخير التحقيق، وربّما تبديده.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى