صندوق النقد: ضبط الأوضاع المالية الخليجية أقل تكلفة
قالت دراسة صادرة عن صندوق النقد الدولي إن ضبط الأوضاع المالية العامة المستمرة في دول التعاون الخليجي قد يكون أقل تكلفة مما اقترحته التقديرات السابقة للمضاعفات المالية للمنطقة.
ويهدف الصندوق من إعداد الدراسة إلى تقدير المضاعفات لدول مجلس التعاون الخليجي باستخدام البيانات الموسعة عن الإنفاق الحكومي الذي يجسد التطورات الاقتصادية الحديثة في المنطقة، بما في ذلك الاستجابات السياسية لانحدار أسعار النفط العالمية منذ منتصف عام 2014. وتوضح الورقة أثر ضبط الأوضاع المالية العامة على النمو غير النفطي، وتداعيات السياسة ذات الصلة، بناءً على مجموعة جديدة من المضاعفات المقدرة.
ولفت إلى اعتماد الدول الخليجية بشكل كبير على النفط، إذ بلغ متوسط العائد النفطي %81 من إجمالي الإيرادات المالية خلال الفترة 2000 إلى 2014. مع ذلك، بدأت أسعار النفط بالانخفاض في منتصف عام 2014، حتى وصل سعر برميل النفط إلى 30 دولاراً في يناير 2016. وأثّر تراجع أسعار النفط كثيراً في تدهور المراكز المالية لدول الخليج، حيث انخفض متوسط الفائض المالي 12.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2014 إلى عجز بنسبة 14.5 في المئة في 2016. وحفّز تدهور الماليات العامة ضبط الأوضاع المالية العامة. ونظراً إلى أن ضبط الأوضاع المالية له تأثير سلبي في النمو، من المهم دراسة تأثير مثل هذا الإجراءات على نمو دول مجلس التعاون الخليجي.
فالإنفاق الحكومي كان دافعاً رئيسياً تقليدياً للنمو في القطاع غير النفطي. وتشير المضاعفات المالية إلى أن أثر ضبط الأوضاع المالية المستمرة على النمو كبير. فالرابط بين إنفاق الحكومة والنشاط غير النفطي، مع ذلك، يبدو أنه ضعف في السنوات الأخيرة.
وأشار التقرير إلى أن ارتفاع أسعار النفط خلال الفترة بين عامي 2003 و2014، ساعد الحكومات على تمويل الزيادة السريعة في الإنفاق، وتسجيل فوائض مالية كبيرة في معظم الحالات. وخلال تلك الفترة أيضاً، شهدت منطقة دول التعاون توسعاً كبيراً في البنية التحتية العامة، وزيادة رواتب القطاع الحكومي الأمر الذي أفضى إلى نمو ضخم في النشاط غير النفطي، أما ارتفاع نمو الإنفاق فكان مصحوباً بشكل إيجابي بارتفاع النمو غير النفطي. لكن الانخفاض الحاد الذي شهدته أسعار النفط في منتصف عام 2014، أدى إلى تدهور كبير في المراكز المالية في أنحاء دول التعاون نظراً إلى أن خسائر إيرادات النفط السنوية في المنطقة بلغت 240 مليار دولار بين عامي 2014 و2015.
وتظهر البيانات أن انخفاض نمو الإنفاق يصاحب نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في دول مجلس التعاون الخليجي، فيما يتم ربط النمو غير النفطي بنمو الإنفاق خلال الفترة الحالية. بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي، تكون الارتباطات ذات دلالة إحصائية لتعريفات الإنفاق الثلاثة، فقط الفارق الأول لنمو الإنفاق الحالي لا يبدو مرتبطاً بقوة بالنمو غير النفطي. ويشير الارتباط إلى أن القيم الحالية لنمو الإنفاق ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالنمو غير النفطي أكثر من قيم تباطؤ نمو الإنفاق. ويبدو أن هناك درجة من القصور الذاتي في العلاقة بين النمو غير النفطي والقيمة المحالية والمتأخرة لنمو الإنفاق (الارتباط متشابه إلى حد كبير، خصوصاً بالنسبة للإنفاق الرأسمالي).
مع ذلك، يخفي الارتباط بين دول مجلس التعاون الخليجي اختلافات كبيرة بين الدول، مما قد يعكس تأثير الملاحظات المتطرفة. بالنسبة للبحرين، فإن نمو الإنفاق فقط (إجمالي الإنفاق الرأسمالي) يرتبط ارتباطًا إحصائياً بالنمو غير النفطي، بينما لا يبدو أن الإنفاق الحكومي للكويت مرتبطاً بالنمو غير النفطي بشكل ملحوظ. أما الارتباط بالنسبة لسلطنة عمان وقطر والمملكة العربية السعودية، فيبدو أكثر انسجاماً مع الارتباط في دول مجلس التعاون الخليجي، الأمر الذي يشير إلى أن النتائج الاقتصادية القياسية للمنطقة قد تكون مدفوعة بالتطورات في هذه البلدان الثلاثة. ويظهر الارتباط في الإمارات المؤشر المتوقع المعاكس، مما يدل على أن ارتفاع النمو يصاحبه انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي. يبدو أن هذه الخاصية من البيانات مدفوعة بالتطورات بين عامي 1995 و2005، وقد يحدث هذا بسبب المقدار الكبير من الإنفاق المالي الذي يحدث من خلال الكيانات الحكومية ذات الصلة GREs بدلاً من الميزانية المركزية.
بالنسبة لمتوسط معدلات النمو، تشير البيانات إلى أن خلال الفترة الممتدة بين عامي 1990 و2016، ارتفع نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي %1.1 مقابل ارتفاع نمو إجمالي الإنفاق نقطة مئوية واحدة. إذ بلغ متوسط النمو غير النفطي السنوي %6.6، بينما نما إجمالي الإنفاق وسطياً %5.9 كل عام. هذا المعدل انخفض من 1.4 خلال الفترة من 1990 إلى 2007 إلى 0.6 خلال عام 2008 إلى 2016. بالنسبة للفترة بين عامي 2008 و2010، والفترة 2011 و2012، كان المعدل أقل حتى عند %0.5، و%0.4 على التوالي، على الرغم من تحوّل المعدل سلبياً خلال عامي 2015 و2016، نظراً إلى الانكماش الكبير في الإنفاق الاسمي، لا سيما في السعودية والكويت وعُمان.