شركات وبنوك بـ«جيش» علاقات عامة
قد لا يقل دور الإعلام والعلاقات العامة عن دور الإدارة التنفيذية في أي شركة أو بنك أو مؤسسة صغيرة كانت أم كبيرة، من حيث إبراز الإنجازات وتسليط الضوء على الخدمات، فضلاً عن نشر البيانات والمعلومات.
المؤسسات والشركات والبنوك الكبيرة أدركت ضرورة الحجم الكبير لهذه الأقسام، فخصصت ميزانية سنوية كبيرة للعلاقات العامة والإعلام، وتعمل دورياً على تطويرها، بإتباع الموظفين بدورات متخصصة سنوياً، واختيار الشخص الأمثل لشغل تلك الوظائف.
في المؤسسات الكبيرة يخضع من يريد التوظيف إلى شروط محددة، لا تقل عن شهادة جامعية متخصصة، وخبرات في الكمبيوتر، واجتياز دورات متخصصة في الإعلام والعلاقات العامة، مقابل ذلك، يحصل صاحب الوظيفة على راتب جيد، وامتيازات أخرى.
ويعتبر قسم العلاقات العامة الجهاز الذي يربط أي جهة بجمهورها الداخلي والخارجي. وبعد الطفرة الكبيرة في وسائل التواصل الاجتماعي في العقد الأخير زادت فعالية هذا الجهاز، فقد ازداد الطلب في الآونة الأخيرة على تطوير أقسام العلاقات العامة.
ولقسم العلاقات العامة دور لا يقتصر على التعريف بأنشطة الجهة سواء أكانت تجارية أم اجتماعية، بل يمتد لاستقبال المعلومات من الجمهور ليعمل من خلال هذه المعلومات على تطوير عمل وأداء هذه الجهة، وكما أن له دوراً في تلبية رغبات وحاجات الجمهور الداخلي من نواحٍ مختلفة وخلق صورة ذهنية إيجابية للمؤسسة لدى الجمهور الخارجي من خلال التعريف الصحيح والمقنع بنشاط الجهة، إضافة إلى جمع المعلومات عن طريق إجراء بحوث الرأي والاستطلاع وجمع معلومات عن الشركات المنافسة ومنتجاتها وجماهيرها، وكذلك معلومات عن الشركة ومنتجاتها، وتوفير قنوات الاتصال المناسبة في الاتجاهين من الشركة أو الجهة إلى الجمهور ومن الجمهور إلى المنظمة أو عن طريق الاتصال الشخصي أو الاتصال الجماهيري.
ولا يخفى على أحد أن الإعلام والعلاقات العامة باتا يشكلان حجر زاوية في نجاح أو فشل الشركات والبنوك وغيرها من المؤسسات والكيانات.
وتأتي البنوك وشركات الاتصالات في طليعة الشركات المنفقة في الكويت على العلاقات العامة، ثم قطاع الخدمات الطبية، تليه شركات العقار والاستثمار ثم الساعات والمجوهرات، ثم جهات المسؤولية الاجتماعية وجمعيات النفع العام والعمل الخيري ثم الفنادق والجهات الترفيهية والمطاعم وقطاعات الألبسة والعطور والكماليات.
وتوزع ميزانية العلاقات العامة على المؤتمرات والندوات والمعارض والمواد واللقاءات الإعلامية المختلفة والمشاركة في الفعاليات العامة بما تتطلبه هذه المفردات من أدوات مساعدة.
في البنوك والشركات الكبيرة، توجد 3 أقسام منفصلة، وهي: العلاقات العامة، والعلاقات الإعلامية، وقسم الإعلان. وفي قسمي الإعلام والعلاقات العامة يتراوح عدد الموظفين بين 20 و30 موظفاً، كما تتفاوت رواتبهم بحسب الدرجات الوظيفية، بحيث تبدأ من 500 إلى 600 دينار، وتصل بعد فترة من الخبرة والترقيات إلى نحو 1200 دينار شهرياً، باستثناء مديري الأقسام الذين قد تتجاوز راوتبهم الشهرية 3000 دينار.
ويرتبط عدد موظفي الأقسام بالدرجة الأولى بحجم أنشطة الشركات أو البنوك، وما يتطلب ذلك من تغطية الفعاليات والأنشطة، ومشاركات المؤسسات فيها، عدا عن دورهم داخل البنك، ومع الموظفين.
وهناك ميزانية خاصة تنفقها الشركات والبنوك، ضمن الرعايات الرسمية، والمسؤولية المجتمعية، والفعاليات الدورية التي تنظمها تلك المؤسسات، وتختلف بحسب حجم الشركة ونوعية المنتجات والخدمات التي تقدمها.
وتواجد هكذا أقسام داخل المؤسسات يعود إلى سرية المعلومات، وعدم إطلاع أي جهة خارجية عليها، مثل إعداد التقارير السنوية ونتائج الشركات. جدير بالذكر أن موظفي العلاقات العامة كويتيون في أغلبية الأحيان.
وفي ما يتعلّق بالشركات والمؤسسات المتوسطة الحجم، فلديها مسميات مختلفة لهذه الأقسام، تندرج تحت إدارة التسويق، أو قد تكون مستقلة في بعض الأحيان، ويتراوح عدد الموظفين بين 5 و8 موظفين ضمن إدارات متنوعة، منها إدارة الإعلام والفعاليات والعلاقات العامة والتواصل المجتمعي وغيرها.
وتتنوع رواتب موظفي القطاع في الشركات المتوسطة، بحسب الخبرة، والشهادات التي يحملها الموظف، حيث تتراوح بين 600 دينار لحديثي التخرج وقليلي الخبرة، وتصل إلى نحو 1000 دينار شهرياً. أما المديرون، فتصل رواتبهم إلى نحو 1500 دينار.
أما الشركات والمؤسسات الصغيرة، فقد أدركت خلال السنوات الأخيرة أهمية هذه الأقسام، والتواصل الإعلامي مع الجمهور والعملاء، فقامت بتأسيس أقسام تعنى بالعلاقات العامة والإعلام؛ هدفها نشر الأخبار، والتعريف بالخدمات الجديدة، إلا أن ميزانية هذه الشركات بسيطة جداً، وقد لا يتجاوز عدد موظفيها 5 موظفين على الأكثر، برواتب بين 400 و800 دينار شهرياً.
وفي السياق ذاته، تلجأ بعض الشركات والبنوك إلى شركات علاقات عامة سواء محلية أو حتى خارجية، لتقدم لها الخدمات مقابل عقود سنوية، تتفاوت قيمتها بحسب نوعية الخدمة المقدمة، داخل الدولة أو على مستوى الإقليم وحتى دولياً. ويتراوح إنفاق الجهة في الكويت من خلال العقود الشهرية على العلاقات العامة ما بين 500 و3500 دينار، وهناك جهات تكتفي بالإنفاق خلال المناسبات، أي أنها لا توقع عقوداً مع الشركات المتخصصة.
في حين تلجأ بعض الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى تعيين مستشار إعلامي من خارج الشركات؛ ليقوم بكتابة أخبارها ونشرها في الصحف وفي مواقع التواصل الاجتماعي، وفي مقابل ذلك تحدد له مكافأة شهرية تتراوح بحسب حجم الشركة بين 400 وتصل إلى نحو 800 دينار شهرياً، غير أنها تمتلك قسم علاقات عامة للتواصل الداخلي والخارجي في أغلب تلك الشركات والمؤسسات.
ومن اللافت أيضاً أن هناك شركات لا تهتم بالعلاقات العامة والإعلام، لانتفاء الحاجة إلى هذه الأقسام ضمن أنشطتها أو لضعف المنتجات والخدمات التي تقدمها للعملاء والمستهلكين، أو لأنها لا تؤمن بهكذا نشاط ولا ترى ضرورته.
وهنا لا بد من الإشارة إلى السلبيات التي تؤثر في الشركات والمؤسسات التي لا تهتم بهذا القطاع، ومن أبرزها أن الضعف في الحملات التسويقية يتسبب في إنفاق أكبر من قبل الشركات دون نتائج مرجوة في النهاية، ومنها أيضاً قلة المعرفة في السوق، وضعف الصورة الذهنية لدى العملاء، وضعف التواصل مع العملاء المستهدفين.
وإذا تم استثناء وسائل التواصل الاجتماعي من هذا القطاع نجد أنه لا يوجد تطور كبير في القطاع خلال السنوات الأخيرة.
ورغم القفزات الهائلة والتطور التكنولوجي الكبير في وسائل التواصل الاجتماعي التي كان لها دور كبير في التواصل مع العملاء والاستماع إلى آرائهم وتقييمهم للخدمات والمنتجات التي تقدمها الشركات، فإنه لايمكن الاعتماد عليها بشكل كلي في الترويج والتسويق، ويبقى قطاع العلاقات العامة والإعلام هو الأبرز والأكثر فعالية في التواصل مع العملاء.
الأزمة العالمية هذّبت القطاع
عملت الأزمة الاقتصادية التي ضربت العالم في عام 2008، على تغيير صورة العلاقات العامة والإعلام وخصوصاً في الشركات والمؤسسات، إلى نحو أكثر دقة ومصداقية، وخصوصاً في التواصل مع العملاء والمستهلكين، إذ أصبحت هناك مراجعة قبل طرح المنتجات والخدمات.
ففي الأزمات تصبح المؤسسات عرضة لمراقبة الإعلام، فتقوم وسائل الإعلام والجمهور معاً بوضعها على طاولة التشريح لفحصها بدقة، وتصبح جميع حركات المؤسسة وسكناتها موضع مراقبة وتحليل وانتقاد من جمهورها بجميع شرائحه، وهو ما عملت عليه الشركات لتلافي الأخطاء التي حدثت سابقاً في تلك الفترة.