سقوط “رائد نظريات المؤامرة”…أردوغان قلق
ففي بداية العام الحالي، استضاف مليح غوجيك، محافظ أنقرة الذي يتولى منصبه منذ سنوات، والعضو في حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، مجموعة من الصحفيين الأجانب، داخل عقار مملوك للدولة، عند ضواحي العاصمة، وعرض أمامهم صوراً التقطت يوم الانقلاب الفاشل في يوليو (تموز) 2016. وظهرت على شاشة عملاقة، جثث ودبابات على موسيقى فيلم” ترنيمة حلم”. وعند نهاية العرض، زعم محافظ أنقرة بأن قوى غربية تورطت في المحاولة الانقلابية، وأن إدارة أوباما هي التي أوجدت داعش، وأن “سفناً زلزالية” أمريكية وإسرائيلية تعمدت إطلاق زلازل بالقرب من سواحل تركية في بحر إيجه. وسأل صحفي مذهول غوجيك عن مصدر معلوماته، فأجاب المحافظ: “لدي أفضل جهاز استخبارات في العالم”، متحدثاً بجدية ظاهرة.
قلق شديد
ورغم وقوف محافظ أنقرة بقوة شديدة إلى جانب حزبه الحاكم (التنمية والعدالة، آي كي بي)، ودعمه لسياساته، فقد أقاله الرئيس التركي مع مجموعة من كبار المسؤولين في تركيا.
فقد أشارت المجلة البريطانية إلى أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، طرد كبار المسؤولين في حزبه من مناصبهم، ما يشير، بحسب المجلة، لحالة من القلق الشديد تستبد بأردوغان، في ظل تراجع شعبية حزبه الحاكم.
نظريات المؤامرة
وتقول المجلة إن مسيرة غوجيك، الذي حمل لقب” رائد نظريات المؤامرة” وهو لقب تنافس عليه عدد من الحزبيين ضمن الدائرة المصغرة المحيطة بأردوغان، انتهت فجأة في 23 أكتوبر(تشرين الأول)، عندما أعلن المحافظ عن استقالته بعد بقائه لأكثر من عشرين عاماً في منصبه. (ويقال إن كثيرين ذهلوا من احتفاظه بمنصبه طوال تلك المدة). وجاء قرار غوجيك بعد أشهر من تصاعد ضغوط فرضها أردوغان وصحف موالية للحكومة، وبعض ممن لوحوا بأن المحافظ سيواجه اتهامات بارتكاب جرائم فيما لو رفض الاستقالة. ولم تتضح طبيعة تلك الاتهامات، ولكن عدداً من القراء التقطوا الإشارة، خاصة بعدما اتهم، في 2015، نائب رئيس وزراء سابق، غوجيك بفساد واسع النطاق. ولم يثبت ذلك المسؤول صحة اتهاماته التي لم ينفها المحافظ.
إقالات بالجملة
وتلفت “إيكونوميست” إلى أن غوجيك هو واحد من عدد من رؤساء البلديات الذين تمت إقالتهم في تركيا، هذا الخريف. فمنذ سبتمبر (أيلول) أقيل ستة محافظين من أعضاء الحزب الحاكم، فيما كان يفترض أن يتقاعدوا عام 2019. ويقال إن أردوغان نفسه هو الذي أمرهم بالاستقالة، وبدءاً بمحافظ اسطنبول.
وبحسب المجلة، تعطي إطاحة أردوغان بمسؤولين منتخبين، برهاناً جديداً على تسلط حكومته. فقد أشرف خلال العام الماضي على اعتقال أكثر من 80 محافظاً ورئيس بلدية منتخبين في المنطقة الكردية، جنوب شرق تركيا. وحل مكان هؤلاء آخرين عينتهم الحكومة.
قمع وصداع
وتقول المجلة إن حالة القمع الشديد داخل تركيا تسبب صداعاً خارجها. ففي بداية أكتوبر (تشرين الأول)، وبعد إلقاء الشرطة القبض على تركي يعمل في القنصلية الأمريكية في اسطنبول بتهم الإرهاب، ردت الولايات المتحدة بتعليق خدمات منح تأشيرة الزيارة عبر الأراضي التركية. وبدورها، أعلنت حكومة أردوغان أنها سوف تتوقف عن منح تأشيرات زيارة لأمريكيين.
وسادت أجواء قلق في أوساط الاتحاد الأوروبي. وفي اجتماع قمة لزعماء الاتحاد، عقد في الشهر الحالي، تمت مناقشة تجميد مساعدة تحصل عليها تركيا في إطار سعيها للانضمام لعضوية الاتحاد، بسبب حالة حقوق الإنسان هناك. كما توقفت محادثات بشأن العضوية.
تبريرات
وفي إطار تبرير الإقالات الأخيرة، دافع مسؤولون في آي كي بي بقولهم إن الحزب بحاجة لعناصر شابة، وللتحضير لانتخابات محلية وبرلمانية ورئاسية ستجرى في 2019. ويقول ياسين أكتاي، مستشار رئاسي: “نحن بحاجة لبعض التغييرات ولوجوه جديدة”. ولكن استطلاعات رأي تظهر أن عدد الناخبين الأتراك” المترددين” في تزايد واضح. وبحسب “إيكونوميست”، ليس مـؤكداً أن أمنيان أردوغان ستتحقق عبر تغيير محافظين ورؤساء بلديات تركية.