زيادة الرسوم الصحية.. عبء على الوافدين

فور إعلان وزارة الصحة عن قائمة رسوم خدماتها الجديدة على الوافدين المقيمين والزائرين، وستطبق اعتبارًا من مطلع أكتوبر المقبل، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالعديد من الآراء المتباينة ما بين مؤيد ومعارض، لا سيما أنه لم يفرق بين أصحاب الأجور العليا من الوافدين ونظرائهم أصحاب المعاشات الدنيا وغيرهم ممن تتأخر معاشاتهم بشكلٍ دوري.
ورأى بعضهم أن لدى الوزارة الحق في زيادة الرسوم نظير خدماتها للزائرين والمقيمين، نظراً لثبات أسعارها منذ زمن دون تغيير، علاوة على ارتفاع أسعار مثل هذه الخدمات في دول مجاورة، حيث يتكبد المواطن مبالغ كبيرة أثناء زيارته لأي مرفق صحي عربيًا أو أوروبيًا، ما يستدعي مساواة أسعار العمليات والأشعة وغيرها في مرافق «الصحة» مع المعمول بها في الخارج، ولضمان حق الوزارة أيضًا.
وعلى النقيض، رأى آخرون أن الزيادة مبالغ فيها ولم تفرق بين الوافد والمقيم من أصحاب الأجور العليا وغيرهم من ذوي الرواتب الضعيفة كعمال النظافة والمراسلين والمناديب، حيث ستواجه «الصحة» صعوبة بالغة في تطبيقه على مثل هذه الشرائح، فالمعروف أن الطواقم الطبية والهيئات التمريضية بمرافق الوزارة لها دور إنساني بحت، يكمن في علاج أي مريض يصل إلى أقسام الطوارئ، لا سيما أصحاب الحالات الحرجة، وعليه فإن تواجد المرضى داخل غرف العناية المركزة يتطلب أكثر من يوم، إضافة إلى إجرائه لأكثر من عملية، ومن ثم فإن المبالغ المتراكمة على المريض ستتراوح بين 4 و5 آلاف دينار، وفق اللائحة الجديدة للأسعار.
العناية المركزة
أحد الأطباء غرد على «تويتر» قائلاً إن وجود المريض في العناية المركزة يعتبر قرارًا صعبًا، وتواجده يكون نظرًا لوجود خطر كبير على حياته، فكيف لعامل راتبه 100 دينار أن يدفع تكلفة وجوده «اضطراريًا» هناك، فبحسب الأسعار الجديدة تكلف إقامة المريض المقيم في العناية المركزة 30 دينارًا باليوم الواحد، و50 للإقامة بالغرفة الخاصة، ما يعني صعوبة ترك أي مريض بالعناية وإهماله بسبب ظروفه المادية التي يعاني منها.
وغرد طبيب آخر بأنه كان على «الصحة» خلق نظام جديد يجبر الكفيل على توفير تأمين صحي شامل لكل الأوضاع الصحية التي قد يعاني منها المكفول «المقيم»، فالدولة ليست مجبرة على التكفل بقيمة الرعاية الصحية، وهناك عمال وموظفون وافدون لا تتجاوز رواتبهم 150 أو 200 دينار في أفضل الأحوال، وهو ما يعني أن دخوله للمستشفى سيستنزف نصف أو إجمالي راتبه، وحينها سيكون قسم الرعاية الاجتماعية بالمستشفى مجبراً على التدخل.
كما شدد مواطنون على ضرورة تكفل الشركات والمؤسسات التجارية بأجور الخدمات الصحية على المقيم، أو حتى الاشتراك بنظام التأمين الصحي للعلاج في مراكز ومستشفيات «الخاص»، فضلاً عن أهمية تناسب الزيادة الجديدة على مستوى أسعار الخدمات، مع رواتب هؤلاء ومصاريف تواجدهم في البلاد، كرسوم الإيجارات والتعليم والمواصلات والإقامات السنوية، فهناك شريحة واسعة من الوافدين رواتبهم ثابتة لم يطرأ عليها تغيير.
ورأى أطباء آخرون، أنهم مع تنظيم وتحسين الخدمات الصحية للمواطن والمقيم، لكن على أساس انساني سليم، موضحين ان بعض الوافدين تواجدوا في البلاد للعمل في وظائف ومهن لا يقبل عليها المواطن في اغلب الاحيان، كما ان رواتبهم واجورهم المنخفضة لا تمكنهم من تحمل مبالغ الفحوصات الجديدة، لافتين الى أن الزيادة كان أجدر أن تكون على الزائرين فقط، وليس المقيمين الذين يدفعون مبالغ سنوية للضمان الصحي، حيث يتم دفعها قبيل تجديد الإقامة.
اللجان الخيرية
وفي سياق متصل، أكدت مصادر مطلعة بالوزارة لـ القبس ان «الصحة» ماضية في تنفيذ القرارين الخاصين بزيادة رسوم الخدمات الصحية على الوافدين، مبينة أن لجنة دراسة زيادة الرسوم التي شكلتها الوزارة يونيو 2016 رفعت تقريرها إلى الوزير السابق علي العبيدي، غير أن البت في تطبيقها تأجل لفترات، ولحين تولي الوزير د. جمال الحربي قيادة الوزارة، مشيرة إلى أن الخدمات الصحية باتت ذات كلفة عالية على الموازنة العامة، ما استدعى إجراء دراسات عدة قبيل إقرار القرارين الجديدين.
وأشارت، إلى أنه في حال وجود وافدين غير قادرين على تحمل تكاليف العلاج، فسيلجأون إلى اللجان الخيرية وبيت الزكاة وصندوق إعانة المرضى وغيرها من الجهات، للمساهمة في إجراء العملية أو دفع جزء من تكاليفها، مضيفة أن الوزارة لن تتوانى في تنفيذ الزيادة اعتبارًا من اكتوبر المقبل.
رواتب متأخرة
تساءل معارضون لقرارات زيادة الرسوم عن كيفية تطبيقها على مقيم يعاني عدم انتظام راتبه مع المؤسسة التي يعمل بها، او حتى تأخر تسلمه لشهور طويلة، وهو ما قد يعرض حياته للخطر؟
إلزام الشركات
أشار مواطنون الى ضرورة إلزام اصحاب الشركات والمؤسسات بتحمل كلفة علاج المقيمين تحت كفالتها، لحفظ حق «الصحة» في رسوم خدماتها، والمحافظة على حياة أي وافد قد يواجه صعوبة في دفع رسوم الخدمات الصحية الجديدة.
رسالة إنسانية
أكد اطباء على مواقع التواصل، أن أي طبيب لديه رسالة انسانية اثناء تواجده في عمله، وهو علاج أي حالة تصل اليه ودون النظر الى شريحته التي ينتمي اليها، وبالتالي يصعب عدم التعامل مع حالات حرجة تصل الى «الحوادث» بأي مستشفى.
عدالة ومساواة
رأى مؤيدون لقرارات وزارة الصحة زيادة رسوم الخدمات على المقيمين والزائرين، أن تطبيقها يحقق مبدأ العدالة والمساواة، أسوة بما يحدث للمواطنين أثناء زيارتهم لأي مرفق صحي بالدول العربية أو الغربية، حيث يتكبدون مبالغ كبيرة نتيجة إجراء أي فحوصات أو أشعة.