بعض امراض الجهاز الهضمي المزمنة لها علاقة بحدوث اختلال في عمل خلايا المناعة ومهاجمتها لأغشية الجهاز الهضمي. ومنها أمراض كرونز والتهاب القولون التقرحي التي ارتفع معدل الاصابة بها خلال السنوات العشر السابقة. وشرح د. جابر العلي، استشاري الجهاز الهضمي والكبد والمناظير قائلا: لهذه الامراض علاقة بالوراثة والبيئة. حيث ترتفع فرصة اصابة افراد العائلة ان وجد فيها تاريخ اصابة بالأمراض المناعية؛ مثل كرونز او التهاب القولون التقرحي او امراض مشابهة مثل الروماتويد او الصدفية. وبالإضافة الى قابلية جسم المريض الوراثي للمرض فان العوامل البيئية تلعب دورا مهما في تحفيز الاصابة، مثل التدخين وتناول الاغذية السريعة والكيميائية. ورغم انها قد تصيب اي فئة عمرية، بيد ان غالبية الحالات تظهر خلال فترة الشباب (ما بين 15 – 35 سنة).
أدوات التشخيص
تقدمت طرق تشخيص الامراض كثيرا واصبحت اكثر دقة. وشرح د. جابر قائلا: اسهم التقدم التكنولوجي في زيادة دقة وسهولة الفحوصات الطبية. وبشكل عام، يعتمد التشخيص على نتائج عدة فحوصات، من أهمها: التاريخ المرضي، الفحص الاكلينيكي، فحوصات الدم والبراز المخبرية، التصوير الاشعاعي، المناظير وفحص الكبسولة الذكية. ومن الخطأ الاعتقاد بان فحص المناظير واخذ عينة من جدار الامعاء كاف لوحده لتأكيد الاصابة، بل يجب ان يرافق ذلك دلائل من الفحوصات الأخرى ايضا.
وهناك حالات يسهل تشخيصها لأنها تكون واضحة، بيد ان هناك حالات أخرى يصعب التأكد من تشخيصها لأنها تكون مختلطة او تتطلب مزيدا من البحث والفحوصات. ويستعان هنا بالفحوصات الحديثة التي تسهم في التفرقة ما بين حالة القولون العصبي وامراض القولون الالتهابية، مثل فحص عينة من الخروج، يسمى «فيكال كال بروتيكتور». فان كانت نتيجته ايجابية بشكل مرتفع (زاد الرقم الناتج عن 600 مثلا) فيدل ذلك على الاصابة بمرض التهابي او مناعي هضمي. أما لو كان الرقم طبيعيا، فذلك دليل على الاصابة بحالة القولون العصبي.
صيام المصاب بمرض كرونز
يتميز مرض كرونز بأن الالتهابات والتقرحات تصيب جميع اجزاء الجهاز الهضمي بدءا من الفم وانتهاء بالشرج. كما تكون تقرحاته عميقة في الامعاء الدقيقة والقولون. مما يفسر شكوى المصاب بالآلام والمغص في كامل البطن وخاصة في أسفل البطن، ويعاني تكرار الاسهال يوميا وخروج دم ومخاط في البراز وخسارة الوزن اللاإرادي السريع والغثيان والهزال والتعب وفقر الدم. وغالبا ما ترافقه اعراض خارج الجهاز الهضمي مثل طفح جلدي وآلام المفاصل وغيرها.
وبين د. جابر ان صيام المصاب بمرض كرونز مفيد لجهازه الهضمي. وقال: ينصح المصاب بنوبات الاعراض الحادة بالتوقف عن تناول الطعام وتعويض ما يفقده من سوائل عبر المحاليل الوريدية حتى يرتاح جهازه الهضمي ويعطي فرصة للالتئام والشفاء. لكن يجب على المريض ان يستشير معالجه حتى يقوم بجدولة علاجاته (سواء حبوب او حقن) لتناسب فترة الافطار. وينصح بانتهاز الصيام كفرصة للتوقف عن التدخين الضار جدا لمرض كرونز.
الاستثناء
وتابع د. جابر قائلا: لا يسمح لبعض المرضى بالصيام. ومنهم المرضى الذين تكون حالتهم غير مستقرة او يعانون انتكاسة وآلاما شديدة تستوجب تناولهم الادوية في مواعيد محددة تتعارض مع الصيام. كما ان حدوث الانتكاسة اثناء الصيام يحتم افطار المصاب وتناوله الدواء والحقن وتركيب محاليل وريدية.
موانع على مرضى كرونز
– يمنع تناول بعض الادوية التي تزيد التهاب الامعاء وتقرحها كالأدوية المسكنة (البروفين) والعلاجات غير الستيرويدية والاسبرين.
– يمنع التدخين لأنه يسبب انتكاسة المرض وشدة الاعراض ويبطئ فعالية العلاج. وبينت عدة دراسات ان التدخين من العادات التي تزيد من سرعة الحاجة للتدخل الجراحي.
آثار سلبية لمرض كرونز
بما أن مرض كرونز يصيب الأمعاء الدقيقة فهو يقلل هضم وامتصاص العناصر الغذائية للجسم. كما ان فقدان الشهية يقلل من تناول الطعام ويسبب نقص التغذية وفقدان الوزن وتدني مستوى الطاقة والارهاق المزمن. أما في حال حدوث التهاب الأمعاء الغليظة، فيصبح الإسهال شديداً نسبياً، مما يؤدي إلى فقدان المواد الغذائية الأساسية وانخفاض مستويات فيتامين B12 وحمض الفوليك والحديد والاصابة بفقر الدم. ويعد نقص التغذية وعدم التمكن من الحفاظ على الوزن الطبيعي من المشكلات الخطرة على الأطفال الأصغر سناً، لأنه قد يؤدي إلى تأخر نموهم جسدياً وعقلياً. لذلك، يجب اتخاذ التدابير الوقائية بتحسين عادات الأكل لتجنب مضاعفات نقص التغذية وتعزيز قدرة الجسم على الشفاء. لذا، ينصح المرضى باستشارة اختصاصي التغذية لوضع نظام غذائي صحي.
ويعتقد بعض الخبراء ان بعض انواع الأطعمة يمكنها ان تحفز بدء أعراض كرونز مثل احتباس الغازات، آلام البطن الشديدة، التشنج، والإسهال. لذا، ينصح المريض بمراقبة الأطعمة التي تشكل «عاملاً محفزاً» ويستشير خبير التغذية، لتحديد الأطعمة التي يفضل تجنبها ووضع نظام حمية غذائية غني بالبروتين وذي سعرات حرارية عالية. كما ينصح بتناوله عدة وجبات خفيفة في اليوم لضمان حصول جسمه على البروتينات والمغذيات والسعرات الحرارية الكافية.
صيام المصاب
بالتهاب القولون التقرحي
رغم تشابه التهاب القولون التقرحي مع مرض كرونز، لكن هناك فرقا واضحا وهو انه يسبب التهابات وتقرحات سطحية في منطقة القولون فقط. وعادة ما تبدأ هذه الالتهابات في منطقة الشرج ثم تمتد الى كامل القولون. وتشمل اعراضه: خروج دم في البراز والاسهال المتكرر يوميا وفقدان الشهية وهبوط الوزن اللاإرادي، وقد ترافقه أعراض خارج الجهاز الهضمي مثل طفح جلدي وآلام المفاصل.
صيام مرضى التهاب القولون التقرحي
لا يوجد ما يمنع مرضى القولون التقرحي من الصيام ان كانت حالتهم مستقرة، لكنه يمنع على المصابين بالانتكاسة او لديهم أعراض ومضاعفات صحية غير مسيطر عليها.
أعراض الخطر
اذا لاحظت عليك او على طفلك احد هذه الاعراض او مجموعة منها، فعليك قصد طبيب الجهاز الهضمي للاستشارة والتشخيص المبكر:
– استمرار نزول الوزن بلا مبرر (من دون اتباع حمية).
– اسهال مزمن.
– نوبات آلام في البطن او استمرارها بشكل مزمن.
– تكرار الاسهال. وقد لا ينتبه او يغفل البعض لنوبات الاسهال ويعتقد ان سببها هو تناول وجبات المطاعم او قلة نظافة الطعام.
– المغص وخاصة ان رافقته آلام المفاصل والظهر.
– تقرحات مزمنة في الفم.
– انيميا (فقر الدم) حادة لا تستجيب للعلاج (تناول حبوب الحديد وحقن الحديد).
الوسوم
