المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

مقالات

د. أحمد الچلبي رجل الدولة في زمن اللادولة

 

* بقلم: إياد الإمارة

ضمن إطار الظاهرة الصوتية التي أُبتلي العراق بها منذ ما قبل العام (٢٠٠٣م) انحصر نشاط القوى السياسية العراقية الجديدة العائدة من الخارج أو حتى الموجودة في الداخل أنحصر أو كاد أن ينحصر في حدود “الظاهرة الصوتية” في الوقت الذي كان ينبغي على هذه الطبقة تأسيس دولة العراق الجديدة الديمقراطية العادلة بعد أن كانت الدولة السابقة شمولية وغير عادلة ودموية..

لكن هذه الطبقة السياسية الجديدة من حيث تشعر أو أنها لم تشعر أساسا أنشغلت بالظاهرة الصوتية (خطب، كلمات، حوارات فارغة، مهرجانات، … الخ) ولم تلتفت لكي تؤسس لبنيان دولة حقيقي يمكن أن يكوّن عراقا جديدا مختلفا عن العراق الأول بكل ما حَمل من مساوء منذ أن تأسس عام (١٩٢١م) وحتى أُطيح به عام (٢٠٠٣م)..

وسط إنشغالاتنا أو لأكون دقيقا وسط إنشغالاتهم وإشغالاتنا المفتعلة كانت هناك منظومة فساد دقيقة ورصينة تتأسس في وسط الجسد العراقي الجديد تُرصد لها الأموال وتُعبئ لها الطاقات لتكون البنيان الأكثر صلابة في منظومة العمل الجديد، “الربع” جاهلون أو غافلون عما يحدث من حولهم ولم يعلموا او يستفيقوا الا وهم جزء لا يتجزأ من هذا الفساد “الوطني” الذي أغرق العباد والبلاد بالحال التي فيها الآن وكان الله في عوننا نحن المساكين.

الدكتور أحمد الچلبي الذي ينحدر من أسرة عراقية وطنية عُرفت تاريخيا بمواقفها السوية داخل حركة الدولة بكل ما لها وما عليها حتى العهد الجمهوري الأول او مع حركة المعارضة التي كانت قد بدأت هي بتشكيلها عام (١٩٥٨م) وهو العام الذي أطاح به مجموعة من الضباط بالنظام الملكي الذي كان يحكم العراق قرابة أربعة عقود من الزمن .. الدكتور أحمد الچلبي رجل متعلم عالي التعليم وصاحب تجربة من العمل الاقتصادي والإداري ولديه شبكة واسعة من العلاقات المحلية والدولية، كان يحُلم منذ بواكير عمره الأولى وهي بدايات عمله السياسي المعارض بتأسيس دولة عراقية قوية تأمن لشعبها حياة حرة وكريمة وقد تحمل أعباء هذه المهمة بصبر وجلادة وحكمة وموضوعية حتى قُدّر للعراق الخلاص من براثن الديكتاتورية البغيضة التي جثمت على صدره سنوات ثقال طوال، وعاد د. الچلبي إلى العراق بدأ العمل لتحقيق حلمه الذي اصطدم بعقبتين: الأولى انه لم يجد طبقة سياسية شاعرة بعظم المسؤولية ومتحصنة بمفاهيم تأسيس دولة علمية وعملية كما موجود في ذهن المرحوم د.الچلبي وكانت جُل الإنشغالات “صوتية”، والثانية هي منظومة الفساد التي رَغِبت قوى دولية محورية بتشكيلها وكان لها ما أرادت فعلا.

لم يحض المرحوم د. الچلبي بفرصته ولم تعط له أي مساحة لأن يحقق مشروع الدولة العراقية، البعض لم يكن يُدرك وجود هذه المقومات في شخص د. الچلبي، وبعض آخر لم يكن راغبا لسبب ما بأن يدع له مجالا بالعمل، اما قوى منظومة الفساد الدولية فقد رفعت ضده “فيتو” دولي يحول دون تحقيق طموحاته..

انا اعتقد جازما اننا بحاجة ماسة إلى “منظومة” تفكر وتعمل بطريقة المرحوم د. أحمد الچلبي وتُكمل ما بدأ العمل به فعلا بعد العام (٢٠١٤م) وهذا ليس متعذرا البتة..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى