المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مثبتة

دور لبناني صيني مشترك في إعادة إعمار سوريا

عانى لبنان لست سنوات من التداعيات الاقتصادية للحرب الأهلية السورية. ويأمل الآن أن يستفيد من إعادة إعمار البلد المجاور له، من خلال جذب مستثمر جديد قوي: الصين. ويقول سياسيون ومصرفيون لبنانيون إن بكين تحظى باهتمام متزايد بالبلاد، حيث زار أربعة وفود الدولة العربية الصغيرة العام الماضي، وفقا لتقرير نشرته فايننشال تايمز، التي أضافت: وربطت رحلة نظمها البنك اللبناني فرنسبنك في مايو الماضي، بمبادرة «الحزام والطريق» الصينية لربط التجارة من آسيا إلى أوروبا. لكن المراقبين يقولون إن إعادة إعمار سوريا، التي مزقتها الحرب، تجذب انتباه بكين. ويقول اللبنانيون إن بلادهم قريبة بما فيه الكفاية، لتكون مركزا مفيدا لسوريا، ولكن بعيدة بما يكفي لتمكين بكين من البدء في التعمير من أجل إعادة الإعمار من دون مواجهة النقد من القوى الغربية، التي تخشى أن يضفي تمويل المشاريع في سوريا الشرعية على حكومة الرئيس بشار الأسد قبل إبرام اتفاق سلام.
يقول أحد السياسيين اللبنانيين، الذين انضموا إلى الوفد الصيني الأخير، وطلب عدم الكشف عن هويته، «إن الصين تضع لبنان في مكان استراتيجي جدا من حيث البحث عن فرص في سوريا ما بعد الحرب. نحن نتحدث عن مليارات ومليارات الدولارات». ويقدر البنك الدولي تكلفة إعادة بناء المدن السورية المدمرة عند 200 مليار دولار، واللبنانيون يائسون من أجل تعزيز اقتصادهم المتعثر.
ويستضيف لبنان، الذي يبلغ عدد سكانه 44 ملايين نسمة، مليون ونصف مليون لاجئ سوري، وتراجع نموه الاقتصادي من %8 في عام 2010، أي قبل عام من اندلاع الحرب السورية، إلى %1 العام الماضي. غير أن دبلوماسيين وعمال الإغاثة يحذرون من أن الحديث عن إعادة الإعمار في سوريا سابق لأوانه: فالحرب مستمرة، ولا يوجد أي دليل على تسوية سياسية يرى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أنها ضرورية قبل توجيه الأموال إلى هذه الجهود.
ويقول مسؤول، يعمل في عمليات الإغاثة الإنسانية، إن «الصينيين يقولون إن لديهم المال، لكنهم غير مستعدين للاستثمار حقا في سوريا، حتى يشعرون بأن هناك اتفاقا سياسيا قائما. إنهم حريصون على عدم وضع نفسهم ضد المجتمع الدولي».
ويقول لي ويجيان، وهو أستاذ في معاهد شانغهاي للدراسات الدولية، لفايننشال تايمز، إن الصين ستسعى إلى المساعدة في إعادة بناء سوريا «إذا كانت الظروف صحيحة، وعندما تهدأ الحرب الأهلية. فالصين تستثمر في الشرق الأوسط منذ سنوات عديدة، تماما مثل بقية العالم». مضيفا «حتى لو كانت هناك هدنة، فإن عامل الأمان لا يزال غير مؤكد جدا».
ويقول بعض الدبلوماسيين إن أوروبا، التي تتوق إلى وقف تدفق اللاجئين السوريين، تمول بهدوء جهود الاستقرار. كما أن رجال أعمال إقليميين يعيدون تحديد موقعهم، في الوقت الذي تسيطر فيه قوات الأسد الآن على جميع المدن الرئيسية في سوريا.
فكما يقول رئيس قسم الخدمات المصرفية الدولية في فرنسبنك، جورج أندراوس، الذي يظهر اسمه على بطاقة العمل الخاصة به باللغتين الانكليزية والصينية «علينا أن نعد أنفسنا، كلبنان وكقطاع مصرفي، لليوم الذي سنقول فيه إننا مستعدون حتى لا نفوت الفرصة» . وترى رئيسة المنطقة الاقتصادية الخاصة راية الحسن التي شكلت حديثاً في مرفأ طرابلس الشمالي في لبنان أن الزيارات الصينية هي طريقة «لتحديد النطاق»، وتقول إن لبنان سيقدم دراسات جدوى إذا أعربوا عن المزيد من الاهتمام.
ويريد المسؤولون اللبنانيون جذب الاستثمارات إلى طرابلس، وهي من أكثر المناطق فقرًا واهمالاً في البلاد. ويمكن أن تصبح المدينة صلة الربط المباشرة ببعض المناطق الأكثر تدميرًا في سوريا، مثل مدينة حمص، حيث بدأ التمرد المسلح ضد الأسد. ويقول مسؤولون يعملون في مجال الإغاثة الإنسانية الذين يدرسون خيارات إعادة الإعمار إن ميناء طرابلس أعمق من طرطوس واللاذقية في سوريا، ويمكن أن يوفر منفذ وصول سريع يتجنب الطرق السورية حيث تتقاتل الميليشيات.
ويسعى لبنان للحصول على تمويل لمشروع بقيمة 588 مليون دولار لتوسيع وتعميق ميناء طرابلس. وقد أرسلت الصين هذا العام ست رافعات جديدة للبناء. «اقتصاديًا، هو ميناء لسوريا.. لا يمكن إعادة بناء سوريا من دون طرابلس»، بحسب مسؤول في الأمم المتحدة الذي يضيف قائلاً: «جزء من التفاهم الدولي حول هذه الحرب هو أنه كما عانى لبنان من الحرب السورية، فإنه ينبغي أن يستفيد أيضًا عندما تستفيد سوريا». لكن الحواجز لا تزال تعيق استمرارية الاستثمارات الصينية.
يقول رجل أعمال لبناني يعمل مع الشركات الصينية في المنطقة إن نظراءه الصينيين لم يفهموا النظام السياسي اللبناني المعقد القائم على الطائفية وصُدموا بمستوى الفساد. لقد اتصلوا به على نحو مفاجئ، عندما ذهبت مناقصة إلى شركة كانوا يشعرون أنها ليست أفضل مقدم عطاء. كما بدا أن المسؤولين اللبنانيين الذين التقوا الوفود يكافحون مع ثقافة ولغة جديدتين وتم اختبارهم في تذكر أسماء رجال الأعمال الصينيين الزائرين.
وذكرت النشرة الصحفية الصادرة عن فرنسبنك أن الشركات التي كانت ضمن زيارة مايو شملت «فانكه» أكبر شركة تطوير عقاري في الصين وشركة هيتيرا للاتصالات وهي أكبر شركة لتصنيع الأجهزة المحمولة في الصين وشركة تي سي ال وهي أكبر شركة لصناعة التلفزيونات في الصين.
واعترف سياسي لبناني انضم الى الوفد الصيني الأخير بأن مواطني بلده معتادون أكثر على التعامل مع الشركات الغربية والروسية، لكنه قال إن لبنان حريص على التواصل مع الصين. وردًا على سؤال عما إذا كان متفائلاً بالمستقبل قال: «إنني متفائل بشأنهم (الصينيين). لست متفائلاً بشأن اللبنانيين».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى