دفاع متهمي «دخول المجلس» لـ«التمييز»: حكم «الاستئناف» باطل

عقدت الدائرة الجزائية الأولى بمحكمة التمييز برئاسة المستشار صالح المريشد أمس جلستها الثانية لنظر طعون النيابة العامة والمتهمين بدعوى دخول مجلس الأمة واتلاف محتوياته، وقررت إرجاءها إلى الحادي عشر من شهر مارس الجاري.
واشتمل القرار على تأجيل القضية لإصدار قرار بشأنها، وبمخاطبة النيابة العامة لمعرفة ما إذا كان هناك أمر بمنع السفر عن المتهمين من عدمه، وبيان الجهة التي أمرت به في حال وجوده.
وشهدت جلسة اأمس الاستماع لبقية المرافعة التي كانت قد انطلقت في الجلسة الأولى، حيث قدم دفاع بقية المتهمين مرافعاتهم ودفوعهم القانونية التي أجمعت على بطلان حكم محكمة الاستئناف بإدانة موكليهم.
منع السفر: داية، تحدث النائب محمد المطير بصفته أحد المتهمين بالقضية مستغربا من صدور أمر بمنع سفره وبقية المتهمين، رغم أن المحكمة لم تقرر وضعه ورغم أن النيابة العامة تعد خصما لا يملك حق وضعه بعد انتهاء التحقيقات.
وأشار المطير إلى أن رئيس مجلس الأمة قال للبعض اذهبوا إلى القاضي ينتظركم حتى يرفع عنكم المنع، موضحا أن هذا بمنزلة تدخل في أعمال القضاء.
لا دليل: من جانبه، ترافع النائب المحامي الحميدي السبيعي مؤكدا عدم وجود دليل واحد يؤكد قيام المتهمين بإتلاف محتويات المجلس أو ضرب أحد من رجال الأمن، مشيرا إلى أن حكم محكمة الاستئناف أخطأ بتطبيق القانون وشابه الخطأ في الاستدلال وارتكن إلى تحريات وأقوال مرسلة لا يساندها دليل.
الإعلام الغربي: دوره، قال المحامي عادل عبدالهادي إن الإعلام الغربي يولي هذه القضية أهمية بالغة لعلاقتها بحقوق الإنسان، مشيرا إلى أن صحيفة أميركية نقلت عن بعض أهالي المتهمين أن أبناءهم معتقلون لأنهم وطنيون يبتغون مصلحة وطنهم فيما المرتشون والسارقون طلقاء أحرار.
واستغرب عبدالهادي من اتهام عدد من الأشخاص بضرب شخص واحد، قائلا: هل يعقل أن يقوم 50 شخصا بضرب شخص واحد وقيامهم جميعا بترديد مسبات إلى رموز الدولة؟أصحاب رأي: من جانبه، قدم رئيس جمعية حقوق الإنسان والمحامي محمد الحميدي مرافعته التي أكد خلالها أن المتهمين هم من خيرة الشباب الوطني الذي ابتغى إصلاح فساد بطريقة سلمية، لافتا إلى أنهم أصحاب رأي وليسوا مجرمين.ورأى الحميدي أن الحكم الاستئنافي أغفل حق المتهمين بمحاكمة وأخطأ بتطبيق القانون، مشيرا إلى أن هناك ما يقارب 700 شخص كانوا موجودين في الموقع إلا أن الأجهزة الأمنية اختزلت 70 متهما.
وأشار إلى أن القانون يفتقر لأي نص يمنع دخول النواب ومن معهم إلى مجلس الأمة ليلا، مضيفا أن هذه القضية هي محط أنظار المجتمع الدولي تجاه التعامل الإنساني الكويتي لاسيما أن متهميها هم أصحاب رأي سياسي ابتغوا محاربة الفساد.ضمانات ومبادئ: من جهته، أكد المحامي حسين العبدالله أن الحكم الاستئنافي هدم الكثير من المبادئ القانونية والضمانات التي منحها القانون لأي متهم، لافتا إلى أنه أغفل حق المتهمين بسماع الشهود وعدم الإعلان الصحيح وحجز الدعوى للحكم.
وأضاف العبدالله أن الحكم الاستئنافي صدر بحيثيات يغلب عليها الغضب رغم أن القانون يمنع القاضي من إصدار حكمه وهو غاضب، فضلا عن أنه صدر بمعاقبة متهمين على أكثر من تهمة رغم أن الأولى معاقبتهم عن التهمة الأشد فقط.
وذكر أن الحكم تأسس بالاستدلال بإدانة المتهمين على عدم تفسير صحيح للواقعة، متسائلا: كيف تتم إدانة المتهمين عن تهمة الدخول رغم أن بعض التحريات قالت إنهم وقفوا أمام الحاجز، مضيفا: هناك فرق بين من دخل المجلس ومن دخل باحته إلا أنه تم اتهام من دخل الباحة بدخول المجلس ومن دخل المجلس بإتلاف محتوياته، ولم تلتفت نيابة التمييز إلى هذه المسألة الهامة.
وأفاد بأن الحكم الاستئنافي صدر نتيجة استنتاج أحداث رسمتها تحريات أمنية لا دليل عليها، مشددا على وجوب صدور الحكم القضائي على الجزم واليقين لا على الشك والتخمين.
الإيداعات المليونية: المحامي محمد منور المطيري قال ان المتهمين دخلوا إلى مجلس الأمة بنية وطنية تهدف إلى الإصلاح ومجابهة المفسدين وإعادة الهيبة إلى الأمة بعد كشف فساد بعض النواب المتورطين بقضية الإيداعات المليونية.
وذكر منور أن المتهمين أقدموا على دخول المجلس بعدما لجأوا إلى كافة الوسائل القانونية المتاحة لمحاسبة المرتشين والفاسدين ولم يشعروا أنه تمت محاسبتهم، وقد جاء ذلك بالتزامن مع مظاهر سياسية أخرى كضرب وسحل د.عبيد الوسمي الذي لجأ إلى القضاء وتم حفظ شكواه بالإضافة إلى حبس مغردين بعقوبات مغلظة رغم أنهم ابتغوا مصلحة وطنية.
وتحدث منور عن تطبيق تهمة دخول عقار بحيازة الغير على الواقعة الماثلة، موضحا أن هذا التطبيق غير صحيح نظرا لأن هذه التهمة تخص العقار الخاص، متسائلا: هل يعقل أن ينازع المتهمون الحكومة في حيازة مجلس الأمة؟وأكد عدم وجود تهمة واحدة في قانون الجزاء تجرم دخول أي مرفق عام بغير إذن، مبينا أنه قد تكون هناك لائحة داخلية في مجلس الأمة تمنع دخوله لكن مخالفة هذه اللائحة ليست جريمة، وأنه لا جريمة وعقوبة بلا نص.
وذكر أن للقضاء دورا وطنيا هاما في الإصلاح، مشيرا إلى أن المتهمين ليسوا بلطجية بل نواب وسياسيون وأكاديميون وطلاب وأطباء تجمعوا بغرض الإصلاح ومحاربة الفساد ولم يتجمهروا كالعصابات، حيث بين أن قانون التجمعات أقر لمحاربة المجرمين لا الناشطين.
خلاف سياسي: المحامي فهاد العجمي قال إن موكله أحيل إلى المحاكمة رغم تعرضه لإصابة بالرصاص المطاطي وقد طلب إحالته إلى الجهات المختصة لبيان الإصابة إلا أن المحكمة رفضت طلبه.
ولفت العجمي إلى أن المتهمين أحيلوا إلى المحاكمة إثر خلاف سياسي بدأ في العام 2011 بين رئيس الحكومة وعدد من النواب، لافتا إلى أن القضية تحمل أبعادا سياسية وأن المتهمين أرادوا مصلحة وطنهم لا أكثر.
اعتراف منسوب: المحامي جاسر الجدعي قال إن الحكم الاستئنافي أخطأ بنسب اعتراف غير صحيح إلى موكله حيث نقل شهادة منسوبة إليه أنه رأى عددا من المتهمين وهم يدخلون المجلس ويقومون بارتكاب أفعال مجرمة، مؤكدا عدم قيامه بذكر هذه الأقوال لا أمام النيابة العامة ولا أمام المحكمة.
وأضاف الجدعي مخاطبا الهيئة القضائية: لا نرى في هذه القضية إلا الله ثم أنتم لوقف شراسة السلطة ضد الناشطين، فأنتم أمناء على تحقيق العدالة والنظر لهؤلاء الذين لم يخطئوا وكانوا أنقى من آخرين فاسدين كان الأولى أن تحاكموهم فالكويت في أعناقكم.
تصوير الصحافة: المحامي بدر المشعان قال ان الجهات الأمنية أخذت التصوير من الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي وجعلت منه دليل إدانة بما يؤكد فساد الاستدلال، متسائلا: كيف تتم إدانة بعض النواب رغم أن الثابث قيامهم بتهدئة الوضع ودعوتهم إلى التعاون مع رجال الأمن واحترامهم؟وطلب المشعان من المحكمة برفع أمر منع السفر عن المتهمين، مقدما حكما صادرا من محكمة التمييز خلال العام 2011 يؤكد عدم جواز وضع أمر منع السفر على المتهمين إلا من قبل النيابة العامة والإدارة العامة للتحقيقات وأثناء التحقيق فقط، الأمر الذي يحظر وضعه بعد قرار محكمة التمييز بوقف تنفيذ حكم الإدانة.
ترتيب أمني
برغم من ازدحام ممرات قصر العدل أمس بالمتهمين وأهاليهم ودفاعهم إلا أن مراجعي القصر لم يتأثروا بكثافة عددهم نظرا للترتيب الأمني الذي أشرف عليه وكيل الأمن العام اللواء إبراهيم الطراح ورجاله العقيد نايف الحجرف والمقدم محمد البحروه والرائد فيصل الحمد ووكيل ضابط عبدالله الشمري وعريف فهد الرشيدي.