المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار الكويت

دعوات إرشادية طلابية لأبناء القبائل فقط!

في خطوة وصفها عدد من المختصين بـ«الردة الاجتماعية»، خرجت اصوات لجان لقبائل في مؤسسات التعليم العالي، تحاول أن تأخذ دور القنوات الرسمية في ارشاد الطلبة الناجحين في الثانوية العامة، تحت ذريعة «مساعدة ابناء القبيلة»، في دعوات بدت وكأنها اصوات مألوفة على البعض في المجتمع الذين دافعوا امام اولئك الذين استهجنوا هذه الخطوة التي تبدو بنظرهم تمزيقاً للنسيج الوطني.
فقد ملأت أول من أمس اعلانات للجان قبائل كليات جامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، المختلفة تخص مباركتها بالنجاح في اختبارات الثانوية العامة لابناء القبيلة فقط وتدعوهم للتواصل لأي استفسار او ارشاد، في حال الرغبة في التسجيل بهذه الكلية او تلك، مستحلين بذلك دور مكاتب التوجيه والارشاد في هذه الكليات.
وبرغم ان الاصوات الرافضة لهذه الدعوات القبلية كانت مرتفعة في شبكات التواصل الاجتماعي، فإن هذه الاعلانات كان لها من يدافع عنها ايضا، معتبرين انها جزء من المسؤولية الاجتماعية لابناء القبيلة!
في حين كان الرافضون لها يصرون على ان هذه التصرفات تسهم في تمزيق النسيج الاجتماعي والوحدة الوطنية، وتعطي الاهمية للانتماء الاصغر وهي القبيلة على الانتماء الاكبر وهو المجتمع، مستغربين ان تخرج هذه الاصوات من طلبة الجامعة و«التطبيقي» الذين يجب ان يكونوا نخبة الشباب في المجتمع بما يحصّلونه من تعليم في هذه المؤسسات.
ولا تبدو هذه الاعلانات حديثة، بل هي لجان متواجدة طيلة العام الدراسي، تستقبل ابناء القبيلة، وبموازاة ذلك ايضا هناك تشكيلات لانتماءات عائلية وطائفية بدأت بالظهور، الا ان هذه التجمعات تظهر جليا اثناء المواسم الطلابية الاكثر سخونة، كبدء العام الدراسي، او الانتخابات الطلابية او غيرها، بينما يبدو تواجدها في منصات التواصل الاجتماعي اكثر من ارض الواقع، درءاً لاي مخالفات تسجل عليها.
في هذا السياق، كشف عميد كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت د.حمود القشعان ان هذه الدعوات تعتبر ردة اجتماعية لمفهوم المواطنة، لافتا الى دراسة سابقة اجراها مع استاذ علم الاجتماع د.يعقوب الكندري عن مفهوم المواطنة خرجت بنتائج ان المفتاح الرئيس لتعزيز المواطنة يكمن في 3 مفاتيح هي دور المثقفين في تعزيز هذا المفهوم، والشفافية والعدالة.
وبين القشعان في حديث لـ القبس ان هذه الدعوات مستهجنة خاصة ان شعار جامعة الكويت هو اللاءات الثلاث: لا للطائفية.. لا للقبلية.. لا للكراهية ونعم للتسامح.
وقال ان مع هذه الدعوات يجب النأي بابنائنا الطلبة عنها، خاصة ان من ادوار جامعة الكويت ان تصهر آراء الطلبة وتهيئهم للدخول للمجتمع بدل ان ينغلقوا بمحيط القبيلة او الطائفة او العائلة الضيق، فالجامعة فرصة للطالب بأن يبني شخصيته، مشددا على ان القبلية والطائفية والعائلية تذوب لدى الشخص عندما يدخل جامعة الكويت.
وعن اسباب هذه الظاهرة، بيّن القشعان أن الجامعة جزء من المجتمع وهناك من يغذي هذه الاصوات في الحياة البرلمانية منها ظاهرة «رمي العقال» وغيرها ، كاشفا ان الامر اصبح اكثر سوءاً الان بعد ان انتقل المجتمع الى التنافس حتى بين افخاذ القبيلة الواحدة، داعياً اعضاء مجلس الامة الى ان يكونوا قدوة للشباب، قائلا «الكويت لا تحتمل اي اصطفاف قبلي او طائفي».

الوحدة الوطنية

شدد د.حمود القشعان انه في حال رأى اياً من هذه الاعلانات في كليته، سيتخذ الاجراءات اللازمة خاصة انها تعتبر ضد مبدأ الوحدة الوطنية، داعياً الطلبة المستجدين الى التوجه لقنوات الارشاد الرسمية في مكاتب التوجيه والارشاد، حيث ان الكثير من هذه اللجان قد تحمل ارشادًا مضللا للطلبة، قائلاً للطلبة المستجدين: «اسمعوا من الجامعة وليس عنها»، مشيرا الى ان الاعتماد في الارشاد الاكاديمي على خبرات طلبة زملاء يعتبر طريقاً خطأً وقد يحمل الكثير من التضليل لعدم الخبرة الكافية لهم.

مختصون يستنكرون
ورأى مختصون عبر شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة ومنها «تويتر»، ان هذه التصرّفات تعبّر عن ردة اجتماعية، حيث عبّرت تغريداتهم عن ان النخبة الشابة يجب ان تبتعد عن اثارة اي نعرات طائفية وقبلية وحتى عائلية، لكونهم العماد الذي يجب ان تستند عليه التنمية التي لا تتحقق الا في ظل نسيج اجتماعي ووحدة وطنية.
وقال د.محمد شمس الدين في تغريدة له: «القبلية والطائفية هما أبرز اسباب الهوشات القاتلة اللي تصير بعد كل انتخابات طلابية»، في حين عبّرت استاذة علم الغذاء بالجامعة د.دلال الكاظمي عن استغرابها من الجرأة في استخدام شعارات رسمية للجامعة في هذه الاعلانات.

إقبال الأحمد: هل هذا يحصل في بلدي؟

استنكرت الزميلة اقبال الاحمد عبر حسابها في موقع التواصل الاجتماعي تويتر ما تداوله طلبة عن تهنئة قبلية للناجحين ودعوة لإرشادهم، متسائلة «هل هذا يحصل حقاً في بلدي.. أين هي الدولة؟». لتتوالى عليها الردود بين اغلبية معارضة لما أسموه تمزيقا للنسيج الاجتماعي عبر الإعلانات ذات الصبغة القبلية، في حين دافعت اقلية عنها.

الجامعة: سنتخذ إجراءاتنا القانونية

استنكرت جامعة الكويت ما أُثير عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من معلومات مغلوطة وخاطئة، داعية الطلبة إلى عدم اتباع أي معلومات من غير مصادرها الرسمية.
ونوّهت الجامعة في بيان حصلت القبس على نسخة منه إلى أن التهنئة والاعلانات القبلية أو الطائفية أو الفئوية التي يطلقها بعض طلبة الجامعة بحجة تقديم مساعدات إرشادية للطلبة الراغبين في التقدم للجامعة تعتبر أمرا غير مقبول من كل النواحي ولا يمت للقواعد الجامعية بصلة، وإنما يستخدم لأغراض انتخابية بحتة، كما أنها مخالفة للوائح والنظم الجامعية وسيتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة تجاههم.
واكدت في بيانها على كونها جزءا لا يتجزأ من المجتمع الكويتي الذي ينبذ القبلية والطائفية والفئوية بجميع صورها، وتسعى إلى العمل على غرس المفاهيم الإيجابية لدى الطلبة، مثل المواطنة والانتماء والعطاء وحب الوطن بعيدا عن التعصب بجميع صوره.
ودعت الجامعة خريجي الثانوية العامة إلى أخذ جميع المعلومات الخاصة بشروط القبول بها من مصادرها الرسمية والموثوقة والمتمثلة في عمادة شؤون الطلبة وعمادة القبول والتسجيل ومكاتب التوجيه والإرشاد المتواجدة في جميع الكليات الجامعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى