عادة ما يعبّر نصيب الفرد من الناتج المحلي عن متوسط دخل الفرد في العديد من الدول. لكن في الدول النفطية الريعية يفقد هذا الرقم صفته الدالة على دخل الفرد. مثلا سنة 2013، كان نصيب الفرد من الناتج المحلي في الكويت 12457 ديناراً في السنة (1038 ديناراً في الشهر). وبسبب انخفاض أسعار النفط كان نصيب الفرد سنة 2014 هو 11311 ديناراً في السنة (943 ديناراً في الشهر)، وسنة 2015 كان النصيب هو 8095 ديناراً في السنة (675 ديناراً في الشهر). كذلك وفي فترة قريبة ارتفع متوسط راتب الموظف الكويتي في الحكومة من 1453 ديناراً شهرياً سنة 2015 إلى 1470 سنة 2016، وارتفع متوسط راتب الموظف غير الكويتي في الحكومة من 631 إلى 691 ديناراً لنفس الفترة. لذلك يمكن تلخيص أسباب عدم استخدام نصيب الفرد من الناتج المحلي كمقياس لدخل الفرد بالآتي:
1 – يشمل قياس متوسط دخل الفرد GDP per capita إجمالي السكان، أي المواطنين وغير المواطنين، وبالتالي هو لا يمكن أن يعبّر عن دخل المواطنين، وهم يشكلون %30 فقط من السكان.
2 – يتأثر إجمالي الناتج المحلي في الكويت بإيرادات النفط، التي كانت 49.4 مليار دينار سنة 2013، عند متوسط 100 دولار لسعر البرميل، وأصبحت 34.3 مليار دينار سنة 2015، عندما كانت الأسعار تتراوح بين الـ30 والـ50 دولارا للبرميل. وفي نفس الفترة ارتفع الإنفاق على باب المرتبات في الحساب الختامي من 4.8 مليارات دينار لسنة 2012 ــ 2013 إلى 5.5 مليارات دينار سنة 2015 ــ 2016.
3 – لا يتم إنفاق الفائض، أو ما يستقطع للأجيال القادمة، من الإيرادات النفطية، بينما يتم حسابه لقياس نصيب الفرد من الناتج المحلي.
لذلك لا بد من قياس دخل الفرد الكويتي بصورة تعكس الواقع، وبشكل يسمح بمقارنته مع دول أخرى، يعبّر فيها نصيب الفرد من الناتج المحلي عن متوسط دخل الفرد بالدولة.
متوسط دخل الفرد الكويتي
يشكل أصحاب العمل أو العاملون لحسابهم الخاص %3.7 فقط من إجمالي المواطنين المدنيين المسجلين في التأمينات. وتشكل النساء %64 منهم. و%58 من النساء صاحبات العمل مسجلات بالتأمينات براتب 200 دينار فقط. لذلك، ولحسن الحظ في سهولة حساب دخل المواطن، يأتي الدخل الأساسي لأكثر من %90 من المواطنين من الراتب الوظيفي أو المعاش التقاعدي، حيث كان إجمالي رواتب المدنيين في القطاع العام والخاص والعسكريين ومعاشات المتقاعدين يساوي 8.4 مليارات دينار سنويا. حسب التفصيل التالي:
1 – 4.9 مليارات دينار في السنة رواتب الكويتيين المدنيين في الحكومة (يشمل القطاع النفطي).
2 – 1.8 مليار دينار في السنة معاشات الكويتيين المتقاعدين.
3 – 1.2 مليار دينار في السنة رواتب الكويتيين المدنيين في القطاع الخاص.
4 – 519 مليون دينار في السنة رواتب الكويتيين العسكريين.
وبعد إضافة ما تدفعه الدولة للمواطنين من بدل ايجار ومنح زواج ودعم للمواد الانشائية وخلافه كان إجمالي الدخل السنوي للمواطنين يعادل 9.6 مليارات دينار. بمتوسط دخل سنوي للمواطن 7180 ديناراً أي ما يعادل 23540 دولاراً، أي في الترتيب الــ37 عالميا في متوسط دخل الفرد بعد أسبانيا وقبل قبرص، وأعلى من المعدل العالمي عند 10093 دولاراً سنة 2015. كان هناك تأثير سلبي كبير على دخل الفرد الكويتي بسبب تركز %46 من المواطنين تحت سن الــ20 سنة (%25 فقط من السكان في الدول المتقدمة OECD). ولو افترضنا أن نسبة الذين أعمارهم أقل من 20 سنة هي %25 فقط لكان إجمالي المواطنين 968 ألفاً وبمتوسط دخل سنوي للفرد يعادل 9925 ديناراً أو 32542 دولاراً ولكان ترتيبنا الــ 26 عالمياً بعد اليابان وقبل بروناي. أما لو حسبنا متوسط دخل المواطن الموظف أو المتقاعد من الرواتب والمعاشات فقط، لكان متوسط الدخل السنوي هو 17011 ديناراً أو 55773 دولاراً. (ملحوظة: لدينا أكثر من 370 ألف مواطن بسبب زيادة معدل الإنجاب عن الدول المتقدمة).
دخل المواطن وحجم الأسرة
يفترض الكثيرون أن كثرة الأبناء شيء جيد دون التفكير في عواقب ذلك من الناحية المادية. فزيادة الأبناء تقلل مستوى دخل الفرد بالأسرة وقدرة الإنفاق على السفر والمطاعم والسكن.. إلخ. أي أن زيادة الأبناء تقلل من زينة المال، وقد تكون المحصلة سيئة لو زاد الأبناء بشكل كبير. وحتى نوضح هذا المفهوم بشكل أفضل، سنفترض أن مواطنا ذكرا أعزب يعمل بالحكومة حسب متوسط الراتب الشهري 1748 دينارا للذكور العاملين في الحكومة، وهو مسؤول عن إعالة نفسه فقط. سيكون دخله السنوي يقارب الـ 21 ألف دينار أو 69 ألف دولار. ولو قارنا هذا الدخل مع المتوسطات العالمية لدخل الفرد في الدول، احتل دخل هذا الرجل الترتيب السادس عالميا في مستوى دخل الفرد بعد النرويج وقطر وقبل ايرلندا. وللتبسيط، سنفترض أن الراتب ثابت بعد تغيير الحالة الأسرية لهذا الرجل، لأنه معدل عام يشمل الجهات الحكومية ذات الرواتب العالية، ثم طرأت التغيرات التالية على أسرته:
1 – تزوج الرجل وزوجته ربة منزل، فأصبح يعول نفسه وزوجته بمتوسط دخل سنوي للفرد يقارب 34 ألف دولار. ويحتل الترتيب ال 26 عالميا بعد اليابان وقبل بروناي.
2 – بعد إنجاب طفلين، أصبح أفراد الأسرة 4 وبمتوسط دخل سنوي للفرد يقارب 17 ألف دولار. ويحتل الترتيب الـ 41 بعد ترينداد وتباغو وقبل استونيا.
3 – بعد إنجاب 5 أطفال، أصبحت الأسرة تضم 7 أفراد بمتوسط دخل سنوي يقارب الـ 10 آلاف دولار أقل من المعدل العالمي عند 10093 سنة 2015 وبمستوى يقارب دخل الفرد في ماليزيا.
* للتبسيط تم افتراض راتب ثابت حسب متوسط راتب الرجل الكويتي بالحكومة حتى بعد تغيير الحالة الأسرية. لأن الراتب المذكور يمثل معدلا عاما يشمل الجهات الحكومية ذات الرواتب العالية.
خصوبة المرأة الكويتية
حسب تعريف الأمم المتحدة يشير معدل الخصوبة Fertility Rate أو عدد الولادات لكل امرأة إلى عدد الأطفال الذين ستلدهم امرأة إذا قدر لها أن تعيش حتى نهاية سنوات قدرتها على الإنجاب، وأن تغدو حاملا طبقا لمعدلات الخصوبة السائدة في سن معينة. في الكويت كان هذا المعدل 2.11 سنة 2014 وأقل من 107 دول في العالم (الأعلى النيجر بـ 7.72 والأقل كوريا بـ 1.21). لكن هذه الأرقام لا تخص المرأة الكويتية فقط بسبب طبيعة التركيبة السكانية. لذلك تمت الاستعانة ببيانات الهيئة العامة للمعلومات المدنية التي بينت أن إجمالي عدد المولودين لأم كويتية على قيد الحياة بغض النظر عن جنسية الأب هو 1.09 مليون فرد، وأن إجمالي عدد المولودين لأب كويتي على قيد الحياة بغض النظر عن جنسية الأم هو 951801 فرد. وبعد اعتماد هذه الأرقام وقسمتها على أعداد النساء والرجال كانت المتوسطات للنساء كالتالي:
• متوسط عدد الأبناء لإجمالي عدد النساء الكويتيات من سن 15 سنة وأكثر هو 2.49.
• متوسط عدد الأبناء لإجمالي عدد النساء الكويتيات من سن 20 سنة وأكثر هو 2.88.
• متوسط عدد الأبناء لإجمالي عدد النساء الكويتيات المتزوجات أو المطلقات أو الأرامل هو 3.65.
• متوسط عدد الأبناء لإجمالي عدد النساء الكويتيات المتزوجات أو المطلقات أو الأرامل ولديهن أبناء هو 4.29.
وللرجال:
• متوسط عدد الأبناء لإجمالي عدد الرجال الكويتيين من سن 15 سنة وأكثر هو 2.34.
• متوسط عدد الأبناء لإجمالي عدد الرجال الكويتيين من سن 20 سنة وأكثر هو 2.80.
• متوسط عدد الأبناء لإجمالي عدد الرجال الكويتيين المتزوج أو المطلق أو الأرمل هو 3.83.
• متوسط عدد الأبناء لإجمالي عدد الرجال الكويتيين المتزوج أو المطلق أو الأرمل ولديه أبناء هو 4.42.
مما سبق يمكن الاستدلال على أن معدل الأبناء في الأسرة الكويتية يفوق الـ 4 أبناء بعد استبعاد أثار عدم الزواج وزواج المصلحة وحديثي الزواج. وبالتالي يمكن تصنيف متوسط دخل الفرد الكويتي بأنه مقارب لدخل الفرد في كل من كرواتيا وكوستاريكا بعد استبعاد دخل الزوجة إذا كانت ربة بيت أو لأنها غير ملزمة بالإنفاق على الأسرة. ولو أضفنا دخل الزوجة حسب متوسط راتب المرأة الكويتية في الحكومة وهو 1257 دينارا شهريا، لكان متوسط دخل الفرد السنوي بالأسرة هو 19.705$ ويحتل الترتيب الــ 38 عالميا بين كل من البرتغال واليونان.
لماذا ينجب الأثرياء أطفالا أقل؟
في أكتوبر 2013، نشرت مجلة نيوسينتست العلمية (New Scientist) مقالا يبين أنه عندما تتوافر للحيوانات موارد أكثر، يزداد نسل معظمها، ولكن الوضع معكوس لدى البشر. ثم يطرح المقال التساؤلات عن سر هذا السلوك. حيث تبين أن في المجتمعات التقليدية والنامية، ترتفع معدلات الإنجاب مع زيادة الثروة، ولكن ذلك النمط معكوس في الدول الصناعية الأكثر ثراءً، وهو ما يُعرَف بظاهرة التحول الديموغرافي. فمتوسط عدد الأطفال للمرأة الواحدة في الاتحاد الأوروبي مثلا يبلغ نحو 1.6 طفل حاليا، وهي نسبة أقل بكثير من نسبة الــ 2.1 طفل اللازمة للحفاظ على استقرار عدد السكان.
ولو رجعنا لبيانات الخصوبة لدول المنطقة من سنة 1990 لسنة 2014، بالرغم من قلة تعبيرها عن الواقع في الدول المستوردة للعمالة، لوجدنا أنها قلت بنسب متفاوتة في دول المنطقة فيما عدا إسرائيل التي ارتفع بها المعدل من 2.82 سنة 1990 إلى 3.08 سنة 2014. لكن المهم من هذه البيانات هو الاستدلال على انخفاض معدلات الخصوبة في دول المنطقة بشكل عام والذي يتماشى مع التطور الطبيعي في العالم.محمد رمضان
كاتب وباحث اقتصادي
