خليط مضادات حيويّة ومحفّزات للقضاء على الجراثيم!
تستعمل مقاربة مبتكرة مادة متوافقة بيولوجياً لتغليف المحفزات الحيوية وجمعها مع مضادات حيوية لاستهداف أي عدوى مقاوِمة للعلاج.
تعتبر “مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها” ظاهرة مقاومة الأدوية من أكبر التحديات المطروحة على الصحة العامة في هذا العصر.
لذا يبذل الباحثون قصارى جهدهم لتطوير طرق مبتكرة بهدف استهداف الجراثيم الخارقة التي تصبح محصّنة ضد المضادات الحيوية.
في الفترة الأخيرة، أضاف الباحثون المحفزات الحيوية إلى الأدوات التي يستعملونها ضد الجراثيم الخارقة. تكون المحفزات الحيوية عبارة عن جراثيم مفيدة يمكن إيجادها في أغذية مثل اللبن والكفير والمخلل وحساء الميزو.
منذ شهر مثلاً، ذكرت إحدى الدراسات أن استهلاك المحفزات الحيوية بانتظام قد يخفف الحاجة إلى أخذ المضادات الحيوية، ما يساهم في كبح أزمة مقاومة الأدوية.
يستعمل الباحثون الآن المحفزات الحيوية لابتكار خليط “قاتل” بهدف القضاء على سلالتين من الجراثيم المقاوِمة للعلاج.
شارك في الإشراف على الدراسة كل من آنا جاكلينيك، عالِمة أبحاث في معهد “كوش” لأبحاث السرطان التكاملية في معهد “ماساتشوستس” للتكنولوجيا في كامبريدج، وروبرت لانغر، أستاذ في معهد “ماساتشوستس” للتكنولوجيا.
كان زيهاو لي المشرف الأول على الدراسة التي نُشرت حديثاً في مجلة “المواد المتقدمة”.
استعمال الألجينات لتغليف المحفزات الحيوية
يوضح المشرف الأول على الدراسة مشكلة استهداف أي عدوى مقاوِمة للمضادات الحيوية باستعمال المحفزات الحيوية قائلاً إن تلك المحفزات تنجح بدرجة معينة في استهداف الجراثيم عند وضعها على الجروح، لكنها لا تكون كافية عموماً للقضاء على جميع الجراثيم الموجودة في الجرح.
على صعيد آخر، يقول لي إن إضافة المضاد الحيوي إلى الخليط قد تقضي على عدد كبير من الجراثيم، بما في ذلك المحفزات الحيوية المفيدة.
لذا أراد لي وزملاؤه إيجاد حل مختلف عبر حصر المحفزات الحيوية في غلاف لحمايتها من أضرار المضاد الحيوي. فاختاروا مادة الألجينات لتصميم ذلك الغلاف.
اعتبر الباحثون مادة الألجينات أفضل خيار لسببين: أولاً، تنتج الجراثيم هذا العنصر طبيعياً حين تحاول حماية نفسها من المضادات الحيوية. ثانياً، يستعمل الأطباء هذا العنصر أصلاً لمعالجة الجروح.
أوضح لي: “حللنا المكوّنات الجزيئية للعناصر الحيوية واكتشفنا أن الألجينات بالغ الأهمية بالنسبة إلى مقاومة الجراثيم الزائفة للمضادات الحيوية. لكن لم يستعمل أحد هذه القدرة حتى الآن لحماية الجراثيم المفيدة من المضادات الحيوية”.
الخليط الجديد “نسف” الجراثيم الخارقة!
اختار لي وزملاؤه في دراستهم محفزات حيوية مصنوعة من ثلاث سلالات من نوع الملبنة التي تستطيع أن تقضي على المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين.
جمع الباحثون بين المحفزات الحيوية ومضاد التوبراميسين الحيوي المعروف بقدرته على قتل جراثيم الزائفة الزنجارية.
ثم استعمل لي وزملاؤه محفزات حيوية مُغلّفة بالألجينات، فضلاً عن التوبراميسين، لاستهداف المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين والزائفة الزنجارية في طبق بتري. تقول جاكلينيك إن هذا الخليط نجح في نسف الجراثيم المقاومة للعلاج بالكامل. كان الأثر جذرياً بحسب قولها.
لكن حين كرر الباحثون التجربة من دون استعمال غلاف الألجينات، قضت المضادات الحيوية على المحفزات الحيوية ونجت في المقابل المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين.
يضيف لي: “حين اكتفينا باستعمال عنصر واحد، المضادات الحيوية أو المحفزات الحيوية، لم يتمكن العلاج من استئصال جميع مسببات الأمراض.
يمكن اعتبار هذه النتيجة بالغة الأهمية في الأوساط العيادية حيث تكثر الجروح الناجمة عن جراثيم مختلفة ولا تكون المضادات الحيوية كافية للقضاء عليها كلها”.
يأمل الباحثون أن تعالج مقاربتهم ظاهرة مقاومة الأدوية ويخططون لاختبارها على الحيوانات والبشر.
تقول جاكلينيك: “تكثر الجراثيم التي تقاوم المضادات الحيوية اليوم، ويطرح هذا الوضع مشكلة جدّية على صحة البشر. لذا نظن أن إحدى الطرق لمعالجة المشكلة تقضي بتغليف المحفزات الحيوية والسماح لها بأداء دورها”.
يختم لي قائلاً: “من الناحية الإيجابية، يحمل الألجينات مصادقة “إدارة الغذاء والدواء” الأميركية، كما أن المحفزات الحيوية التي نستعملها مُصادَق عليها أيضاً. أظن أن المحفزات الحيوية قد تصبح علاجاً ثورياً للجروح في المستقبل. لقد سمح بحثنا بتوسيع نطاق الاستعمالات المحتملة لتلك المحفزات”.