“خفض التصعيد” في إدلب يزيد الضغط على هيئة تحرير الشام
جاء في تقرير لمركز صوفان الأمريكي، أن الفصول الأخيرة للنزاع العسكري في الحرب الأهلية السورية، ستدور على الأرجح في منطقة إدلب الشمالية، المحافظة الأخيرة التي تقع بكاملها تحت سيطرة الثوار.
من المحتمل أن تمتلك تركيا النفوذ الأكبر، حتى أكثر من نظام الأسد أو أية مجموعة من الثوار فمع بلوغ الولايات المتحدة حدود نفوذها وعرض القوة الخاص بها مع تركيزها على قتال داعش، فإن لاعبين آخرين –روسيا وتركيا وإيران- يدفعون نحو خلق حقائق جديدة على الأرض من شأنها أن تُترجم إلى قوة جيوسياسية دائمة. وفي الوقت ذاته، فإن اللاعبين الأساسيين من غير الدول، وفي مقدمهم تنظيم القاعدة، يتعرضون لضغوط هائلة من قوى عسكرية خارجية، مترافقة مع انقساماتهم الداخلية الخاصة.
“منطقة خفض تصعيد” رابعة
وأضاف أن اتفاقاً حديثاً تم التوصل إليه في أستانة بين روسيا وتركيا وإيران لحل النزاع، يدعو إلى تقسيم مؤقت لإدلب بجعلها “منطقة خفض تصعيد” رابعة حيث سيتم كبح جماح القتال. إنه الاتفاق الأول الملموس لنشر “قوات حفظ سلام” مسلحة أو مراقبين خلال ستة أعوام من الحرب الأهلية التي أسفرت عن مقتل نحو نصف مليون إنسان-وأحد أهم النتائج التي أسفرت عنها المحادثات في السنوات الأخيرة. وبموجب الاتفاق، الذي ستكون مدته ستة أشهر، فإن الدول الثلاث ستراقب وتفرض وقفاً للنار بين قوات نظام الأسد وقوات الثوار في إدلب ومحيطها. وستضبط تركيا المنطقة الشمالية الممتدة على حدودها بينما ستضبط سوريا وإيران جنوب شرق إدلب وتتولى روسيا ضبط المنطقة الوسطى.
تركيا
ورأى أن نتائج هذا التقسيم ستكون طويلة الأمد. ومن المحتمل أن تمتلك تركيا النفوذ الأكبر، حتى أكثر من نظام الأسد أو أية مجموعة من الثوار. ويضغط اتفاق “خفض التصعيد” على هيئة تحرير الشام الاسم الأخير لفرع القاعدة في سوريا. ومن الواضح أنه بموجب الاتفاق فإن الهيئة ستكون معزولة جغرافياً في منطقة خفض التصعيد وبالتالي معرضة للاستهداف العسكري المشترك من قبل روسيا وإيران وتركيا. وكانت هيئة تحرير الشام تعتبر لسنوات عدة المجموعة الثورية/الإرهابية الأقوى في إدلب، حتى مع القتال ضد حركة أحرار الشام المدعومة من تركيا. وأكثر من داعش، حاولت هيئة تحرير الشام الحصول على دعم محلي، ودمجت نفسها في المجالس الحاكمة حيث تتمتع بحضور قوي. لكن ذلك لم يوقف عمليات الاغتيال المتعددة لمسؤولين بارزين في الهيئة-مثل أبو محمد الشرعي في 13 سبتمبر (أيلول)، فضلاً عن انشقاق كثيرين.
تفكيك الهيئة
ولفت التقرير إلى أن الاستهداف المنهجي لهيئة تحرير الشام في معقلها الأخير انعكس في محاولة المجالس المحلية والتنظيمات الأخرى الابتعاد عن هذا الفصيل الإرهابي، مما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى تفكيك الهيئة بصفتها قوة حاكمة، على رغم أنها ستبقى تهديداً إرهابياً لبعض الوقت. واتفق كل من روسيا وإيران وتركيا على استهداف هيئة تحرير الشام في إدلب، على رغم أن الاتفاق بينهما لا يخلو من توتر. وفي 25 سبتمبر (أيلول) الجاري ندد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بالغارات الروسية على إدلب التي أسفرت عن مقتل 37 مدنياً. وحذر من أن استمرار “القصف العشوائي” سيؤدي إلى “حلب أخرى” في إشارة إلى المأساة الإنسانية التي عانتها بها المدينة العام الماضي. ومع ذلك، فإنه في حال صمود الاتفاق ودخوله حيز التنفيذ فإنه النتائج الجيوسياسية في المنطقة وما وراءها ستكون كبيرة.