حافظ والمشاري والنعمة.. الشعر فاتحة للسؤال
![](https://www.shula.news/wp-content/uploads/2018/04/1-235.jpg)
أمسية شعرية امتزج فيها الهم الفردي بالوطني، سؤال الحياة وسؤال الشعر، أقامها بيت الشعر الكويتي واحتضنتها رابطة الأدباء الكويتيين أمس الأول. جمعت الأمسية شعراء ثلاثة: الزميل نادي حافظ والشاعر عبدالعزيز المشاري والشاعر جابر النعمة، وأدارها وقدم لها هاشم الموسوي.
اختتمت الأمسية بكلمة من رئيس اتحاد الإعلاميين العرب، الذي نوه بجهود بيت الشعر الكويتي ورابطة الأدباء على ما تبذله دعما للثقافة، مؤملا استمرار التعاون والشراكة الثقافية، وأهدى عقب ختام كلمته جائزة الإبداع الأدبي إلى رابطة الأدباء ممثلة في أمينها العام طلال الرميضي.
القصائد التي ألقاها شعراء الأمسية جالت في عوالم مختلفة بين التقاطات الحياة اليومية، إشكالات الحب، وعلاقة الفرد بموطنه، وتمثل الهم الشعري باعتباره رسالة استثنائية ترفض السائد وتواجه المجتمع الساعي إلى تدجين الصوت المختلف.
رسائل طائشة
على مدار ثلاث جولات من القراءة الشعرية افتتحها الشاعر نادي حافظ، كانت البداية مع قصيدته «رسائل طائشة». نصوص نادي حافظ النثرية تلتمس عالم الشخص المفرد، وإبقائه على خيط الحياة ممثلا في رسائل يبعثها إلى لا أحد. يكتب حافظ أيضا عن الاغتراب، عن توزع الروح بين أرضين ومكانين كما في «ربما انفعلت بلادي». في «رسائل طائشة» ثمة حبيبة غائبة ربما كانت الأمل أو الوطن، ربما كانت المحاور البعيد، صورة أخرى من الذات المستعادة. يقول حافظ:
عندما تصحو من نومك
ستجد رسالة أنيقة
في صندوق البريد
من شخص لا تعرفه
اعتاد كل خميس
أن يبعث واحدة لحبيبته
التي اختفت قبل سنوات
لكنه
ظل يتابع رسائله في مواعيدها
على عناوين عشوائية
على أمل أن تصلها واحدة
قبل أن يموت
القدس تغني لوعتها
اللقاء الثاني كان مع الشاعر عبدالعزيز المشاري الذي يرتكز على رصانة اللغة التراثية مع محاولة استلهام الصور الشعرية من واقعنا وإدماجها في إطار كلاسيكي الطابع. يكتب مشاري عن الوطن كما يكتب عن القدس ومأساتها كمحور كاشف لإشكالات الواقع العربي برمته، يقول مشاري في قصيدة «تفاءلوا للقدس»:
أحلامنا أغمضتنا في المنامات
نحن العيون التي لا تبصر الآتي
كنا لدى أمل الأطفال أجنحة
صرناك يا طفل من غير الجناحات
…
سبعون عاما تغني القدس لوعتها
على «صبا» الحزن.. إيقاع الرصاصات
واليأس كاليأس لا شيئا يشابهه
فكيف ترسمه أصوات أبياتي؟
ونحن أجوف من ناي فأرعبنا
نفخ العدا وغدونا بعض آهات
ياقدس «أقصاك» أقصانا وشتتنا
صوت المآذن في شتى النداءات
دراما شعرية
قصائد الشاعر جابر النعمة تمثل دراما كاملة، في قالب شبه قصصي، مع اعتماد التفعيلة إيقاعيا، تضع الشاعر في مواجهة المجتمع، كما في مواجهة ذاته. الشاعر هنا، وربما الفرد الباحث عن هوية والمتسائل تجاه ألغاز الوجود والعدم، هو استعارة كبرى للتوق الإنساني إلى الكشف والمعرفة، والاصطدام بحوائط الشك، وتحمل قسوة اللايقين؛ هذا اللايقين الذي ترفضه الجموع عادة، وتدفع الشاعر إلى تدجين حرفه وكلمته ولو بالقوة، يقول جابر النعمة:
قال لا مرة فتساقطت الأنجم
وتساقطت الأرض من تحته أحرفا
وتكشف بين يديه وفي عينه
ذلك العالم المبهم:
عالم ليس فيه رجوع ولا ندم
عالم يتقدم فيه وينشق عنه وينقض
ينفض عن موته موته.. يهجم
عالم يتماهى وأسراره
تتبخر منه الدموع
ويجمد منه الدم
…
كان يمشي نحو هاوية لا يراها سواه
ويضيف إلى الطرقات الوحيدة وحدته
ويغير أسماءها ويعد مصابيحها
ويلون أوجاعه بالحنين إلى ما يراه