تواصل بنجاح.. من دون كلمة واحدة
يعرف ان التواصل الجيد والواضح بين الافراد من اساسيات بناء العلاقات مع الاخرين، وترسيخ علاقات قوية على الصعيد العملي والشخصي. وكثيرون يهتمون بكيفية التعبير عن النفس واللباقة والظرافة في التحدث، وينسون أو لا يدركون، ان هناك طريقة تواصل مهمه جدا. وهي التواصل غير المباشر او غير اللغوي، مثل تعابير الوجه، حركات الجسم والإيماءات، لغة العين، نبرة الصوت وشكل القوام. فرأي الاخرين فيك وفي مصداقية حديثك يتأثر بهذه الامور التي لا تعيها. والقدرة على فهم واستخدام طرق التواصل غير لالغوية من الأدوات القوية التي تساعد في تقوية التواصل مع الاخرين والتعبير عن قوة ما تقوله.
للتواصل غير اللغوي 5 أدوار:
– التكرار: تعيد تكرار وتثبيت الرسالة التي يتحدث فيها الشخص.
– المعاكسة: تناقض الرسالة والحديث الذي يقوله الشخص لغويا.
– استبدال: يمكنها ان تستبدل او تعطي رسالة لا يستطيع المتحدث التعبير عنها بالكلمات. مثل ان عين الشخص قد تشير الى درجة الحزن التي يشعر بها بشكل أعمق من الكلمات.
– دعم المعنى: تعزز وتزيد معنى الكلمات التي يقولها المتحدث. مثل ان تربت على ظهر شخص وانت تمدحه بالكلام وتصف حبك له فذلك يعزز من صدق حبك وثقتك به.
– زيادة قوة المعنى: للتركيز على كلمة معينة او زيادة اهميتها في رسالة معينة. مثل ان تضرب على الطاولة اثناء نطق كلمة معينة او للتعبير عن غضبك عن امر محدد في قصة معينة.
أيهما أكثر صدقاً؟
عندما نتعامل مع الاخرين، فاننا نستقبل ونرسل اشارات غير مباشرة من دون ان تتضمن اي كلمة. فجميع حركات الجسد تسمى «لغة الجسد» مثل: الايماءات وحركات اليد والرأس وسرعة الحديث، ونبرة الصوت والمسافة التي بيننا، ودرجة التواصل البصري، تبعث رسائل قوية للاخرين. وهذه الاشارات والرسائل لا تتوقف مع توقف الحديث، بل تستمر طوال الوقت لتؤكد ما نعبر عنه (أو تنفيه) حتى لو كنا صامتين تماما. لذا، فالمحيطون بك سيكون عليهم تحديد ان كانوا سيصدقون كلماتك والاشارات غير اللغوية التي يرونها ويشعرون بها. وان كان هناك تعارض، فيختار كثيرون تصديق الاشارات غير اللغوية لانها اكثر عفوية وصدقا ودلالة على ما يوجد في اللاوعي. فهي تعبر عن حقيقة ما تشعر به ونواياك من دون زيف.
لا يمكن تزييف التواصل
غير اللغوي
قد تكون سمعت نصائح حول كيفية الجلوس بطريقة معينة او وضع اليد او الرجل في وضع معين، او مصافحة الاشخاص بشكل يظهرك أكثر ثقة وأكثر قدر على السيطرة على من حولك. لكن الحقيقة هي ان هذه الخدع لن تفيدك كثيرا، إلا اذا وصلت الى درجة الاحتراف في السيطرة على حركاتك وجسمك طوال الوقت، او كنت فعلا تشعر بالثقة والسيطرة على الآخرين. فلا يمكنك ان تتحكم بالرسائل التي يبعثها جسمك للمحيطين بك طوال الوقت، والتي تفضح ما تشعر به ونواياك وافكارك. وكلما حاولت ان تغير ذلك واجتهدت في السيطرة على حركاتك بشكل مبالغ فيه، ستبدو بشكل غير طبيعي ومريب للآخرين.
متى يحدث الخطأ؟
طريقة تواصلك مع الاخرين عبر الاشارات غير اللغوية تؤثر في فهم الاخرين وتقبلهم لك، وحتى حبهم واحترامهم ودرجة ثقتهم بك. وللأسف، فكثيرون يبعثون رسالات محيرة وسلبية ومتناقضة في حركاتهم وتصرفاتهم من دون ان يدركوا ذلك. وعندما يحدث ذلك، يعي الاخرون انك غير صادق او مريب، وتضعف علاقتك معهم وقد تتضرر درجة الثقة والاحترام أيضا. واليك مثالا على ذلك في ثلاث شخصيات:
باسل: يعتقد انه متفاهم ومتواصل بشكل جيد مع زملائه في العمل، ولكن اذا سألت ايا منهم فسيقول انه يتفاداه لأنه شديد الحدة ومستفز. فبدلا من ان ينظر اليك، فانه يركز بعينيه الحادتين على من يتحدث معه وكأنه ينتظر منه خطأ او ضعفا معينا. واذا صافحك، يشد على يدك وقد يضغط عليها بقوة تؤلمك مما يدل على اظهاره لقوته عليك. ولكن اذا سألت باسل، فسيقول لك انه يحب الاخرين ويهتم بهم ويتمنى لو يكون له اصدقاء اكثر حتى يتواصل معهم باستمرار. ولكن المشكلة هي انه لا يدرك ان تواصله غير اللغوي مع الاخرين هو الذي يبقيهم بعيدين عنه ويقللون تواصلهم معه، بل وقد يكون السبب في عدم ترقيته او تطوره في الحياة العملية.
نيفين: فتاة جميلة ولا تجد صعوبة في الحصول على اهتمام الرجال، او حتى الرغبة في الزواج بها. لكنها لا تستطيع ان تحافظ على علاقة مع الرجل لاكثر من شهرين، او تجعل الرغبة في الزواج بها تتطور لتصبح زواجا فعلا. وتعتقد نيفين أنها انسانة ايجابية ومضحكة ودمها خفيف، ولكنها لا تعي انها شخيصة متوترة وتشع قلقا وتوترا، مما ينفر الرجال من الزواج بها بعد التعرف عليها. فحركات جسمها، وخاصة كتفيها وتعابير الوجه وارتفاع نبرة الصوت وسرعتها في الحديث، تثير التوتر من حولها وتؤكد فرط قلقها وتوترها. كما يزيد على ذلك ان حركاتها متخشبة او قاسية مما يشعر الآخرين بالغرابة والانزعاج وعدم الراحة. ولا تدرك ان ذلك هو سبب عدم زواجها.
كيف تضع أساسيات لتواصل فعال؟
التواصل غير اللغوي عملية مستمرة ما بين ارسال واستقبال طوال الوقت مع الاخرين. مما يتطلب تركيزا كاملا ودقيقا طوال الوقت من دون ان تسرح او تفكر في افكار سلبية او معارضة. ولتحسين صدق وسلاسة لغة الجسد عليك أولا التحكم بالتوتر.
فالتوتر يقلل ويضعف القدرة على التواصل. فعندما تكون متوترا، فمن الوارد الا تفهم ما يقوله الاخرون او يرسلونه إليك، وايضا الا ترسل رسالات واضحة وصحيحة، بل وقد تثبطهم وتنفرهم منك عبر سلوكيات مستفزة او مزعجة. وتذكر ان المشاعر معدية. لذا، فإن كنت تشعر بالقلق والتوتر، فمن الوارد انك ستسبب شعور الاخرين من حولك بالامر نفسه. مما يزيد من سوء الوضع عليك. واذا كنت تشعر بتغلب التوتر عليك، فعليك بأخذ وقت للاسترخاء والراحة لنفسك. فإن شعرت بالتوتر، خذ وقتا لك حتى تهدأ وتستعيد اتزان افكارك ومشاعرك قبل ان تعود الى الحديث مع الاخرين. حتى تكون اكثر قدرة على التعامل مع الوضع بطريقة ايجابية وغير منفرة او مسببة للتوتر والغضب واثارة المشاكل والجدل مع الاخرين.
أدرك مشاعرك ولا تهملها
الأمر الآخر هو ان تدرك حقيقة مشاعرك. فحتى تعزز قوة التواصل غير اللغوي وترسل اشارات غير لغوية صادقة وواضحة، عليك ان تدرك حقيقة مشاعرك وكيف انها تؤثر فيك. كما عليك ان تكون قادرا على ادراك مشاعر الاخرين وتفهم رسائلهم غير اللغوية ايضا. ولذلك يمكنك:
– قراءة الاخرين بوضوح ودقة حتى تفهم الرسائل والمشاعر التي يشعرون بها، حتى لو لم يقولوها صراحة.
– بناء الثقة في العلاقة عبر بعث رسائل تعزز وتكرر الكلمات التي تقولها.
– عمل ردات فعل غير مباشرة تظهر للاخرين انك تفهمهم وتهتم بمشاعرهم.
– ادراك ان كانت العلاقة مع من تتحدث معه ستتفق مع ما تريده وتحتاجه. مما يعطيك فرصة للمعرفة ان كان عليك تقوية العلاقة وعلاجها او انهاؤها.
انتبه لهذه الأمور في لغة الجسد
عندما تكون قد طورت قدرة على التحكم بالتوتر وادراك المشاعر، فعليك ايضا ان تحسن من قراءتك للغة الجسد في من حولك. واليك الامور التالية التي عليك الانتباه لها:
– انتبه إلى التناقض: يجب ان يدعم التواصل غير اللغوي ويؤكد ما يقوله الشخص. فإن كان الشخص يقول امرا ثم تشير لغة جسده الى امر اخر، فهذا يدل على عدم مصداقيته. مثل ان يقول لك «نعم» بينما يهز رأسه للنفي.
– قيّم مجموعة الرسائل غير اللغوية بشكل عام: لا تركز على حركة يد او ايماء معين فقط للحصول على معلومات. بل انظر الى طريقة الجسد بشكل عام، مثل نبرة الصوت وطريقة النظر وحركة الجسم. وحاول ان تقيم ان كانت هذه المجموعة من الرسائل متوافقة مع ما يقوله الشخص او تناقضه.
– صدّق إحساسك الداخلي وما تشعر به غريزيا: لا تهمل الاستماع الى احساسك ومشاعرك. فان شعرت ان الشخص امامك صادق وحساس ففي الغالب هو كذلك. ولكن اذا شعرت بالحيرة ولم تتمكن من الاطمئنان لشخص ما او شعرت بعدم الراحة له، فلا تهمل هذا الشعور وصدقه.
أنواع التواصل غير اللغوي
التعبير بالوجه، حركات الجسم، شكل القوام (يشمل حتى طريقة السير والجلوس)، الايماءات (مثل الاشارة باليد والتربيت على الاخرين وهز الكتف وحركات اليد). والتواصل البصري، اللمس، المسافة بين الاخرين (المساحة الشخصية) والصوت. وللعلم، تختلف الايماءات ومعنى حركات اليد من شعب الى آخر. لذا، عليك بالحذر من التفسير الخطأ لحركاتك.