المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مثبتة

تغريدات ترامب كنز ثمين بالنسبة للمحققين

يوفر حساب الرئيس دونالد ترامب في موقع تويتر الذي يكتظ بأكثر من 35 ألف تغريدة بتوقيتها وتواريخها التي تمتد منذ عام 2009 كنزاً ثميناً من الأدلة بالنسبة للمحقق الخاص روبرت موللر وفريقه من المحققين، وذلك وفق ما أشار إليه بعض المحامين، وكذلك بعض ممن عاصروا بعض الفضائح التي شهدها البيت الأبيض في السابق.
فرسائل الأيميل، والمذكرات الخطّية ومدونات وقائع الاجتماعات في المكتب البيضاوي وتغريدات حساب ترامب تتيح للمحققين جدولاً زمنياً مفصّلاً فيما يختص بأفكار ترامب وآرائه، بما في ذلك تلك التي قد تختلف عن تلك الواردة في الوثائق الرسمية، كما يمكن أيضاً أن يتم استخدامها في إثبات القصد والنّية، وهو أمر مهم بالنسبة للتحقيقات الجنائية.

وترامب لا يعد هدفاً لتحقيقات مكتب التحقيقات الفدرالي أو الكونغرس، غير أنه يمكن استخدام تغريداته من قبل المحققين أثناء سعيهم للتوصل إلى ما إذا كان الرئيس ومساعدوه صادقين في الافادات التي قدموها بعد أداء القسم حول طبيعة الاتصالات فيما بين مديري حملة ترامب الانتخابية والمسؤولين الروس، وقد تشكل تغريدات ترامب في نهاية المطاف مأزقاً بالنسبة للاشخاص المحيطين بترامب بمن في ذلك مساعدوه ممن بعثوا رسائل عبر حسابه، ويقول بيتر زايد نبيرغر الذي عمل ضمن فريق الادعاء الخاص في وزارة العدل اثناء التحقيقات مع فاليري ويلسون إبان إدارة الرئيس جورج بوش الابن، إن تلك المواد «تعد منجم ذهب فهي تمكن من رسم صورة واضحة».
ويقال إن مستشاري الرئيس القانونيين ظلوا يحاولون تدقيق تغريداته في الوقت الذي باتت فيه التحقيقات حول الاتصالات بالمسؤولين الروس تكتسب زخماً، وذلك في محاولة لضبط التدفق غير المنضبط لإدارة الرئيس السياسية وتعليقاته العشوائية التي تخطت كل الأعراف التاريخية التي تحكم أسلوب اتصالات البيت الأبيض.
ولكن إلى الآن لم يبد ترامب أي مؤشر يدل على أنه على استعداد للتخلي عن ذلك، فقد انتقد الرئيس أخيراً الديموقراطيين من خلال تغريدة من خلال جزأين بسبب تقرير بثته قناة فوكس نيوز أشار إلى أنهم سوف يسحبون دعوة كانت قد قدمت إلى مستشار سابق للحملة الانتخابية كارتر بيدج للإدلاء بشهادته، وفي أواخر مارس الماضي كتب ترامب تغريدة جاء بها مستشاره السابق لشؤون الأمن القومي، مايكل فلين «يجب أن يطلب الحصانة وأنه مستهدف بسبب الهزيمة الكبرى في الانتخابات، ومن قبل الإعلام والديموقراطيين».

التأثير في الشهود
وقال المحامي مايكل فورد الذي يمثل محافظ مدينة شيكاغو رام إيمانويل «اعتقد أن أي محقق سوف يتساءل إذا ما كان الرئيس الذي يتدخل في كل شيء يستخدم تغريداته وغيرها من التصريحات العامة للتواصل مع الشهود أو توجيههم أو التنسيق معهم». وأضاف بشأن التحذير الصادر عن الرئيس في الشهر الماضي بفصل مدير مكتب  التحقيقات الفدرالي جيمس كومي، قائلا: آمل ألا تكون هنالك تسجيلات للمحادثات التي جرت بينهما، قد يجري تفسيرها على أنها محاولة للضغط على الشاهد.
والرئيس ترامب معتاد على رؤية استخدام تغريداته ضده في المحاكم، فالقاضي غوانزالو كوربيل الذي كان ينظر في قضية ضد جامعة ترامب رأى في نوفمبر الماضي أن ما ينشره ترامب في وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من التعليقات الانتقادية لسجل القاضي وأصله العرقي، تعد تدخلاً في القضية التي توقفت في اللحظة الأخيرة، بعد التوصل إلى تسوية، كما رأى ترامب أيضاً كيف أن تصريحاته العامة الموجهة ضد المهاجرين تمت الإشارة إليها من قبل القضاة الفيدراليين ممن اوقفوا مؤقتاً أوامره التنفيذية التي تحظر دخول الزوار القادمين من عدة دول مسلمة للبلاد. ولم يتمكن الخبراء القانونيون من تقديم مثال لحالة استخدام مادة نشرها الرئيس في وسائل التواصل الاجتماعي في قضية جنائية فدرالية. وقد كان موقع تويتر في مراحله المبكرة من تبني الناس له عندما ادين لويس ليبي احد كبار المسؤولين في ادارة جورج بوش الابن في عام 2007 بتهمة الحنث باليمين، وتقديم معلومات مزيفة، واعاقة سير العدالة، وذلك لدوره خلال التحقيقات حول الجهة التي سربت هوية فاليري بالمه عميلة وكالة الاستخبارات الاميركية.
وكان موظفو البيت الابيض ابان ولاية الرئيس بيل كلينتون غالبا ما يتندرون بأنهم مازالوا يتعلمون كيفية استخدام الايميل والانترنت في الوقت الذي كانوا يواجهون فيه سلسلة من التحقيقات الفدرالية التي ادت في نهاية المطاف الى قضية اقالة الرئيس.

التغريدة والتصريح
أما الآن، وفي عام 2017 فإن الخبراء القانونيين يقولون: لا شك في ان اسلوب ترامب المفضل في مجال التواصل الذي غالبا ما يتناول كل الموضوعات، وفي بعض الاحيان تبث رسائله في اوقات الصباح الباكر، يمكن ان تشكل تلك الرسائل ذخيرة مفيدة بالنسبة للتحقيقات الفدرالية. ويقول المحقق السابق في قضية ووترغيت ريتشارد بن فينيستي «لا يوجد ما يمنع معاملة اية تغريدة معاملة اي تصريح عام، طالما انه يمكن ربطها بطريقة سليمة بالكاتب، واعتبار انها تعد تصريحا». واضاف «إنها لا تختلف عن رسائل الايميل او أي وسيلة اخرى».
ويقول محامون وعاملون سابقون في ادارة الادعاء العام انهم واثقون من ان المحققين الفدراليين يقومون بفحص ما ينشره ترامب في مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك حتى قبل تعيين المحقق الخاص موللر. ويقول بيتر زايدينبيرغ «إنني متأكد انهم يقومون بذلك»،
وتلك مهمة سهلة، إذ كل ما تحتاجه قيام موظف قانوني بجمع كل التغريدات، فالأمر لا يحتاج إلى استصدار تصريح بذلك، كما يقول خبراء قانونيون ان التصريحات التي صدرت عن الرئيس أخيراً، بما في ذلك اقراره في قناة «ان-بي-سي» الإخبارية انه كان يضع التحقيقات الروسية في اعتباره قبل انهاء خدمات كومي، «يمكن استخدام تلك التغريدات لاظهار ان الرئيس كان منزعجاً من التحقيقات الروسية، وغاضباً من استمراريتها وانه يرى انها غير شرعية، وبالتالي انهى خدمات مدير مكتب التحقيقات الفدرالي لاحباطها، ويمكن دعم كل تلك الأمور من خلال تغريدات وتصريحات ترامب».
وفي مواجهة حملة القاء وسائل الإعلام الأضواء على تغريداته، ظل الرئيس ترامب وبعض مساعديه يصرون على القول إن رسائله يجب ألا تفسر حرفياً، وتلك حجة قد يتم النظر فيها في قاعة المحكمة، ويقول المحامي وليام جيفريس «يمكنه ان يقدم لهيئة المحلفين هذه الحجة، وهم يستطيعون تقرير مصداقيتها}.
ويقول زايد نبيرغ ان المبالغة في التركيز من جانب ترامب على التحقيقات الروسية في تغريداته في تويتر سوف تشكل تحدياً بالنسبة لمحامي الرئيس، وقوله إنه لم يكن جاداً في استخدامه لحسابه في مواقع التواصل الاجتماعي.
وأضاف انه «في ظروف أخرى يمكن تصور شخص في مثل وضعه يقول ان تلك مجرد أقوال مرسلة، وأنا مشغول بأمور إدارة الحكم ولدي محامون يقولون هذه الأمور، انني لم ادرك البتة ان هذه مشكلة كبرى، وأعرف انه لا أهمية لها غيرا ن هذا الدفاع بات غير مجد الآن».
وسجل الرئيس في مواقع التواصل الاجتماعي يوفر للمحققين مقياساً يمكنه من خلاله استجواب الشهود، حيث يمكن عبره كشف الافادات الملتبسة والمراوغة وحالات الحنث باليمين، واعاقة سير العدالة، ولقد ظل أصحاب المدونات وحسابات وسائل الأخبار طوال العام الماضي يفحصون المواد التي يبثها ترامب، وذلك لمعرفة ما إذا كان ترامب أم مساعدوه يصوغون تغريداته في تويتر، وغالباً ما كانوا يتوصلون إلى ان المادة صادرة عن جهاز هاتف آيفون لأحد مساعديه، بينما تلك الصادرة عن جهاز اندرويد خاصة بترامب نفسه، وسوف يشكل التوصل إلى الكاتب الفعلي لتغريدة من التغريدات تحدياً.

¶ بوليتيكو ¶

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى