المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مثبتةاقتصاد

تطور ذوق المستهلكين يعيد تحديد مفهوم «الفخامة»

في أبريل، كشفت شركة السيارات جنرال موتورز عن موديل 2018 من سيارة الدفع الرباعي بويك انكليف، وهو تحديث لخط سيارات الدفع الرباعي الراقية.
وكما هي الحال مع سيارة لاكروس سيدان، يتم انتاج أحدث موديل من سيارات الدفع الرباعي انكليف بأسعار معقولة بالاضافة الى كونها سيارة فخمة. ويزيد سعر لاكروس الرياضية، المعتدل نسبيا عند أقل من 40 ألف دولار، بحوالي 6 آلاف دولار عن متوسط سعر السيارات الأميركية.
في الأسبوع قبل الماضي، انتاب المستثمرون الخوف من الانخفاض غير المتوقع في مبيعات شركة تيفاني، بعد أن أضحت شركة صناعة المجوهرات الراقية أحدث ضحية لركود الطلب في قطاع السلع الفاخرة.
وفي حين يبدو أنه لا علاقة تربط بينهما، فإن أسطول بويك من السيارات الفاخرة ومتاعب تيفاني يؤكدان أن فكرة «الفخامة»، وهو مصطلح يرتبط في كثير من الأحيان مع «نسبة الـ %1» من النخبة الذين يستطيعون ركوب السيارات الفخمة واقتناء المنازل الكبيرة والطائرات الخاصة المتوقفة في أقرب مطار، تجري اعادة تعريفها بشكل مطرد بسبب تطور الأذواق الاستهلاكية. ونتيجة لذلك، تكافح دور الأزياء والسلع الفاخرة الحالية للحفاظ على ولاء المستهلكين، في حين أن غيرها من العلامات التجارية تصنع لنفسها مكانة في هذا الواقع الجديد.
وفي حين يقرر المستهلكون ما يجعلهم مرتاحين وكم هم على استعداد لدفع ثمن الامتياز، تطورت أيضا السمات التقليدية للثروة. ففي هذا العالم الجديد الشجاع، تباع السيارات الفاخرة بسعر رخيص نسبيا، والمنازل الباهظة الثمن تنحو نحو البساطة، في حين بات يتم استئجار الطائرات الخاصة عن طريق تطبيقات شبيهة بأوبر أو ليفت، بدلاً من تملكها.
يقول روب بيترسون، مدير التسويق في بويك، في مقابلة أجريت معه مؤخراً «توقعات العملاء بالنسبة إلى المنتجات الفاخرة وحياة الرفاه تتغير. ان ما يعرف حقاً بالرفاهية هو جمال يقدره الناس، لكنه يعني أيضا التجربة الشخصية والتقدير الخاص للفخامة»، مضيفاً ان هذه السلع والخدمات لا تحتاج الى ان تكون مكلفة على الاطلاق. لقد تطورت الرفاهية الى حد أنها لم تعد مجرد شكل وغرض فقط بل شكل وغرض يناسبان نمط حياتك».
وهذا يعني أن المستهلكين أحرار في دفع 82 ألف دولار ثمنا لسيارة موديل تسلا X، أو دفع مبلغ 400 ألف دولار لشراء سيارة لامبورغيني أفينتادور، ويمكنهم أيضا اختيار شراء سيارات بويك.
ويمكن للشخص الذي يمتلك الموارد أن ينفق بسهولة 722 مليون دولار على عقار في الأحياء الثرية في هامبتونز، أو يمكن أن يختار دفع مبلغ قدره 29 مليون دولار لشراء شقة علوية (بنتهاوس) في مدينة نيويورك مع مساحة أقل وإضافات فخمة.
ربما لم تكن الدروس بشأن المفهوم الجديد للفخامة أكثر حدة مما كانت عليه في سوق السلع الفاخرة التي يبلغ حجمها 280 مليار دولار، التي وفق تحليل حديث أجرته شركة باين كونسولتينغ، شهدت ركودا في عام 2016.
فكما تقول الشركة «هذه هي السنة الثالثة على التوالي من النمو المتواضع بأسعار الصرف الثابتة، وهو يمثل وضعا جديدا لم تعد فيه الشركات الفاخرة تستفيد من السوق المواتية والانفاق الحر للمستهلكين»، مشيرة الى ركود الركائز الرئيسية للترف ونمط الحياة الراقية مثل الطائرات الخاصة واليخوت.
امتلاك طائرة كان يعتبر قمة الرفاهية والثراء، لكن شركات تقاسم الطائرات تقدم وضعا مقنعا ومغريا للاستخدام الجماعي. ووجدت السوق المتراجعة للطائرات المملوكة للقطاع الخاص في أنواع الشركات المبتدئة التي تلبي احتياجات الأذواق المتطورة للمستهلكين هبة وفائدة لها.
ويزداد عدد اللاعبين المتخصصين في هذا المجال مثل نيتجيتس NetJetss، التي تملكها مجموعة بيركشاير هاثاواي، و جيتسمارتر JetSmarter، للرد على التحدي الذي تواجهه سوق الطائرات المحاصر، حيث أصبحت اقتصاديات الملكية (أو المشاركة) من قبل أطراف متعددة اقتراح أكثر جاذبية.
جيتسمارتر مثال على استجابة الشركات لسوق متغيّرة، من خلال تسويق امتيازات النخبة إلى عموم المسافرين من ذوي الدخل الأقل. وكما يقول سيرجي بيتروسوف، الرئيس التنفيذي لــ «جيتسمارتر» إن الشركة تتقاضى عضوية سنوية قدرها 15 ألف دولار للوصول إلى رحلات طيران مشتركة أو خاصة، مما يجعل السفر الفاخر «متاحا للجماهير، ولا ينحصر على نسبة الـ %0.1  فقط. نحن نفتح المجال الجوي أمام  قاعدة أوسع  من المستهلكين».
ومن المؤكد أن طائرات المشتركة تفتقر إلى نفس الجمالية التي تتمتع بها الطائرة الخاصة. لكن جيتسمارتر تحاول التعويض عن طريق تقديم مجموعة من مزايا للأعضاء، بما في ذلك الطعام أثناء الطيران والمشروبات المجانية والوصول إلى الفنادق والمطاعم الممتازة.
وقال بيتروسوف «هل الأمر بمثل فخامة امتلاك طائرتك الخاصة؟ طبعا لا، لكنها  ليست مكلفة أيضا».
حتى سوق العقارات الراقية، حيث استقرت المبيعات مؤخرا، أصبح نموذجا مصغرا لكيفية اضطرار المطورين إلى تبني التغييرات في شهية المستهلكين وأذواقهم. ووسط ازدهار بناء الشقق الفاخرة، وجد بعض المالكين أنفسهم في حرب شاملة لجذب المستأجرين، من خلال مثلا تجهيز المباني بجميع أنواع الاضافات مثل صالات الطعام والحفلات وتوفير مشغلي  دي جي مشاهير واقامة حفلات موسيقية على سطح المباني.
غير أن البعض يقاوم تلك الاتجاهات بطريقة تعكس مدى رغبة بعض المالكين في دفع مبالغ أكثر مقابل وسائل راحة وإضافات أقل.
يقول كاري تاماركين، وهو مهندس معماري ومطور عقاري قام بتصميم عقار في مدينة نيويورك، يتميز بشقة بنتهاوس، قيمتها 29 مليون دولار إن زبائنه «لا يسعون وراء وسائل الراحة، بل يبحثون عن الأماكن البسيطة والأصغر حجما التي لا تلفت الانتباه».
معظم ممتلكات تاماركين الفاخرة، باعترافه هو حيث كما يقول مازحا «صغيرة بما فيه الكفاية لدرجة لا أستطيع أن أضع عدد  كبير من وسائل الراحة حتى لو أردت ذلك»، مشيرا إلى رفضه مفهوم «الردهات المذهلة وغيرها من الأشياء التي تهدف إلى جذب  الزبون».
وعلى عكس الحرب على الامتيازات في المساكن الفاخرة الأخرى، يقول تاماركين إن مبانيه لا تقدّم «نمط حياة كاملاً. نحن نقدم عملنا للأشخاص الذين يثقون بذوقهم الخاص، ويمكن للمشتري أن يؤثر في أذواقهم الخاصة».
كل ذلك يعكس عنصرا رئيسيا في الرفاهية الجديدة: الراحة تتفوق على التكلفة. كما يقول بيترسون «في الوقت الحاضر توفر المنتجات السائدة سهولة الاستخدام التي تجعل حياتك أسهل بكثير».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى