تصريحات وزير المالية ومواجهة تداعيات كورونا
في الأزمات الطارئة، تلجأ الدول الى إتخاذ منظومة من الإجراءات لمعالجة تداعيات هذه الأزمة وقد تلجأ الى خطة إضطرارية، لمدة معينة لا تقل عن سنتين، فالأمور الطارئة، وذات التأثير الكبير تحتاج سياسات، وإجراءات قوية تعكس حجم هذه التداعيات، وأزمة كورونا، وإنخفاض أسعار النفط سببت أضرار للأقتصاد السعودي.
فأضطرت المملكة كغيرها من الدول الى وقف النشاطات الاقتصادية، واجراءات العزل، والحظر والحجر الصحي، وإنعكس ذلك على الإستهلاك، وتأثرت أسعار النغط، والبورصات العالمية، وأرباح الشركات، وأضطرت المملكة ألى إتخاذ إجراءات تحفيزية للاقتصاد الوطني، ومعالجة الأنخفاض الحاد في الميزانية.
وإختار معالي وزير المالية تعابير حادة في تصريحه، ومشيرا الى أن الصدمة الاقتصادية التى سببها فيروس كورونا قوية، وسوف تأخذ وقت ليستعيد الاقتصاد الوطني عافيته، ولا بد من شد الاحزمة لأن الاقتصاد يعاني بسبب الجائحة، وتراجع أسعار النفط 50%، وأشار إلى أن المملكة استخدمت أكثر من تريليون ريال من الاحتياطات خلال السنوات الماضية.
وان ميزانية المملكة ستواجه تحديات في الانفاق، وسوف يتم أتخاذ إجراءات قاسية قد تكون مؤلمة للتعامل مع الأزمة، وركز معالي الوزير على ترشيد الإنفاق لمواجهة الانخفاض المتوقع للإيرادات بنحو50%، ونتيجة لذلك هبط سوق الأسهم السعودي7% الاحد الماضي، ودب الهلع، والخوف في بعض المستثمرين.
ونحن نقدر وجهة نظر معالي الوزير، وحرصه على اقتصاد الوطن، ولكن لنا وجهة نظر أخرى ونرى أن التحدي الذي يواجه الاقتصاد الوطني هو الحصول على موارد أخرى غير النفط، وهذا مانصت عليه الرؤية السعودية 2030م، والتي صاغها، ويقودها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله – وبدأت تعطي ثماراها.
ونرى أن الظروف تدعم هذا الخيار الإستراتيجي والحيوي، وأن حفز الإقتصاد الإنتاجي أصبح ضرورة وطنية، فالمملكة أتخذت حزمة من القرارات لدعم الاقتصاد السعودي، وتخفيف الازمة على ذوي الدخل المحدود، والمؤسسات الصغيرة، وأمر الملك سلمان – حفظه الله – بتقديم دعم مالي 120 مليار ريال للأنشطة الاقتصادية، و50 مليار ريال للقطاع الخاص، وتحملت الدولة 60% من رواتب القطاع الخاص، وخفضت الضرائب، والرسوم الحكومية.
ونعتقد ونجزم أن الاحتياطيات الكبيرة للمملكة، والأصول الحكومية الهائلة، وأستثمارات الصندوق السعودي السيادي الضخمة، وبخاصة إستفادته مؤخرا من هبوط أسعار أسهم الشركات الدولية العملاقة، إضافة الى أهمية دور شركة أرامكو السعودية في تعزيز الأمن، والإستقرار سوف تمكن المملكة من التغلب على الوباء.
ونامل ونتمنى من وزارة المالية رفع كفاءة الأداء المالي والاقتصادي، وأستغلال الفرص الاستثمارية فبعض الشركات العملاقة تاسست من جراء الأزمات، وأثناء الحرب العالمية الثانية مثل جنرال موتورز، وديزني وتويوتا، لذا يجب أستغلال الفرص، والاستثمار في شركات عملاقة، ومشاريع جديدة غير نفطية.
ولا زلت أرى بأن المحنة تولد من رحمها منحة، وأن أسعار النفط سوف ترتفع، حيث أن مستهلكي النفط السعودي دول متقدمة مثل أمريكا، واوربا، والصين واليابان والهند، وبدأت تستعيد نشاطها الإقتصادي المعتاد، ومر على المملكة أزمات عديدة، وكانت أزمة الخليج من أخطرها، ومرت طبيعية رغم الحرب.
ونحن على قناعة تامة بأن اللجنة العليا برئاسة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله – وعضوية عدد من الوزراء سوف تتخذ االتدابير اللازمة لدعم الاقتصاد السعودي، وأنها لن تألوا جهدا في الإستعجال في عودة النشاط الإقتصادي، والإستفادة من الجائحة في تعزيز متطلبات الإقتصاد الجديد، وكلنا ثقة في سياسات الملك سلمان –أعزه الله – في تأخذ الحلول المناسبة.
احمد بن عبدالرحمن الجبير
مستشار مالي
عضو جمعيه الاقتصاد السعودية
[email protected]