ترقية «البورصة» إلى «ناشئة» ستقلص حصتها

بينما أعلنت هيئة الأسواق الأسبوع الماضي عن وضع بورصة الكويت، ضمن قائمة الاستطلاع للأسواق المرشحة للانتقال إلى تصنيف الأسواق الناشئة على مؤشرات indices S&P DOW JONSE، فإن مصادر استثمارية لا تبدي تفاؤلاً كبيراً بانعكاسات مثل تلك الخطوة على نشاط السوق وسيولتها، لا سيما على المدى المتوسط والبعيد.
وتفسر المصادر نفسها ذلك فتقول: لا شك أن ترقية بورصة الكويت إلى سوق ناشئة أمر مهم، ويحقق لها حزمة من المزايا، لا سيما لمصلحة زيادة السيولة واجتذاب المستثمر الأجنبي، لكن ليس بالطريق التي سارت عليه «هيئة الأسواق».
وتتابع: إن مثل تلك المزايا كانت لتتحقق وتدوم لو كان الانضمام إلى مؤشر MSCII للأسواق الناشئة الصادر عن شركة مورغان ستانلي، الذي يضع القائمون عليه شروطاً أصعب من المؤشرين الآخرين: «داو جونز» و«فوتسي»، للانضمام إليه، إذ إن أثر الانضمام إلى MSCI يفوق بكثير ما ستحققه البورصة من الانضمام إلى داو جونز.
وتتساءل المصادر: هل هدف «هيئة الأسواق» هو الحصول على ترقية لبورصة الكويت من أي مؤشر بصرف النظر عن المردود منها؟ أم أن اشتراطات الانضمام إلى مؤشر مورغان ستانلي صعبة المنال، وبالتالي يجب البحث عن البديل الأسهل والأسرع؟
وتعلل رأيها قائلة إن ترقية بورصة الكويت من سوق شبه ناشئة إلى «ناشئة»، على مؤشر «داو جونز»، سيخفض حصتها من السيولة المتداولة على هذا المؤشر، ولن يزيدها كما يتوقع البعض.
وتقول المصادر إنه وفقاً لما أعلن، فإن حصة بورصة الكويت من مؤشر الأسواق شبه الناشئة تصل إلى %12.9، ما يعادل نحو 17 إلى 19 مليار دولار تقريباً، متوقعة تراجع تلك القيمة إلى نحو 7 مليارات دولار في حال ترقيتها إلى سوق ناشئة على مؤشر «داو جونز».
وقالت إن البورصات ضمن الأسواق الناشئة على مؤشر «داو جونز» أكبر حجماً من المدرجة في شبه الناشئة، وبالتالي فإن حصة سوق الكويت من المؤشر في حال ترقيتها ستتراجع في النسبة والقيمة، مقارنة بوضعها حالياً كسوق شبه ناشئة.
مؤشر MSCI
وأفادت المصادر بأن الانضمام إلى مؤشر MSCII للأسواق الناشئة هو الهدف الذي يجب أن تتجه إليه هيئة أسواق المال دون غيره، إذ يستخدم كمؤشر لإدارة أصول تبلغ قيمتها 1.642 مليار دولار، تتضمن المستثمرين النشطين (%84) وصناديق المؤشرات، كما أنه بانضمام بورصة الكويت إلى ذلك المؤشر، الأكثر تشدداً في الانضمام إليه، تستطيع البورصة مباشرة الانضمام إلى مؤشرات أقل منه تشدداً مثل «فوتسي» و«داو جونز»، ويجعلها تجتذب نسباً من سيولة تلك المؤشرات الثلاثة، ويرفع من ثقة المستثمرين محلياً وخارجياً ببورصة الكويت.
وترى المصادر أن الأفضل لبورصة الكويت حالياً الإبقاء عليها كسوق شبه ناشئة مع الزيادة المتوقعة في حصتها على مؤشر الأسواق شبه الناشئة التي ستجنيها من انتقال السوقين السعودية والصينية المرتقب إلى الأسواق الناشئة، لا سيما بعد تجربة تحول سوق باكستان إلى ناشئة، وانعكاس ذلك إيجاباً على حصة سوق الكويت في مؤشر الأسواق شبه الناشئة.
وتضيف: إن استفادة بورصة الكويت لناحية زيادة الاستثمارات والسيولة من البقاء ضمن مؤشر الأسواق شبه الناشئة أفضل من الانضمام إلى مؤشر «داو جونز» للأسواق الناشئة الذي سيقلص السيولة الموجهة إلى البورصة عبر المؤشر كما أسلفنا، لذا من الأجدى أن تعمل «هيئة الأسواق» على تطوير البنية التحتية للسوق، وإطلاق خدمات ومنتجات جديدة يحتاجها، بما يجذب المستثمرين، لا سيما الأجانب منهم، وبما يقرّب البورصة من التكيف مع شروط الانضمام إلى مؤشر MSCI للأسواق الناشئة، الذي بلا شك سيكون تأثيره أكبر بكثير من الانضمام المنفرد إلى مؤشر «فوتسي» أو «داو جونز».
وترى المصادر أن انضمام الكويت إلى مؤشر «داو جونز» قد يجذب في بادئ الأمر سيولة كبيرة من مستثمرين، أغلبيتهم محليون، تدفع مؤشرات السوق إلى الصعود، ولكن لفترة قد لا تطول كثيراً، لتعود الأوضاع كما كانت عليه سابقاً، عندما يكتشف المستثمر أن لا تأثيراً كبيراً لهذا الانضمام، من دون خطوات لتطوير السوق تشجّع المستثمرين، المحليين والأجانب، وهو المطلوب أن يكون على رأس أولويات الهيئة، بعيداً عن البحث عن شهادة ترقية. وفي هذا المجال تضرب المصادر أمثلة لأسواق مجاورة، كسوقي دبي وأبوظبي، وكيف خفت بريق النشاط الذي كان مع بدء ترقيتها.
تساؤلات وأفكار
في المقابل، طرحت المصادر جملة من التساؤلات والأفكار تتمثل فيما يلي:
● هل البورصة كقناة استثمار رئيسية في الكويت قادرة على جذب المستثمر المحلي وتوطين رأس المال الكويتي؟ الإجابة بالقطع لا. والدليل على ذلك أن حجم الودائع في البنوك المحلية ارتفع إلى نحو 41.5 مليار دينار، وانخفاض متوسط حجم السيولة المتداولة يومياً في البورصة إلى نحو 7 ملايين دينار خلال الشهر الماضي.
● لا يجب وضع العربة أمام الحصان.. فالوضع الصحيح أن تكون بورصة الكويت جاذبة للمستثمرين أولاً، ولديها نسب سيولة مرتفعة، عندها يبحث عنها المستثمرون حول العالم، ويدفعون المؤشرات دفعاً لضم بورصة الكويت لها، للاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة فيها. علماً بأن « MSCI «والمؤشرات الأخرى تسعى لخدمة عملائها من الصناديق السيادية العالمية وغيرهم وتحصل على أتعاب مقابل ذلك.
● رغم أن متوسط حجم السيولة المتداولة بالسوق الإماراتي يومياً تعادل نحو 900 مليون دينار، فإن انضمام الإمارات إلى مؤشرالأسواق الناشئة لم يحدث الطفرة المتوقعة، على الأقل في حجم السيولة المتداولة.
● هناك أسواق في المنطقة أكثر تنظيما ولديها هيئات لأسواق المال متميزة، وقانون مفعل منذ سنوات طويلة، منها على سبيل المثال الأردن والبحرين، ومع ذلك لم تنضم لمثل تلك المؤشرات، والسبب الرئيسي في ذلك شح السيولة المتداولة لديها.
● السوق الكويتي ذو طبيعة خاصة يغلب عليها الطابع المحلي البحت، ورغم النجاح الذي حققته «هيئة الأسواق» في تحويله جزئياً إلى نموذج عالمي على الصعيد التشريعي والفني، فإن البنية الأساسية للسوق خصوصاً على مستوى المتداولين كما هي لم تتغير، والدليل على ذلك ما نقلته الهيئة على لسان JONSE S&P DOW من انه «رغم الإجراءات المشجعة فإن التغييرات حديثة والكثير منها لم يتم تنفيذه بشكل كامل أو اختباره».
● الكثير من الشركات المدرجة في السوق غير تشغيلية ومضاربية، أما الأسهم التشغيلية وفي مقدمتها البنوك تحظى بالفعل باهتمام المستثمر الأجنبي منذ مدة طويلة، حتى إن أكبر صندوق سيادي في العالم يمتلك حصصاً في تلك الأسهم، واتضح ذلك جلياً في الصفقات الخاصة التي نفذتها الصناديق الأجنبية لشراء أسهم كويتية خلال الأشهر الماضية.
● الصناديق العالمية الكبرى تحتاج إلى أسواق عميقة، وقد تأتي إلينا بقيم كبيرة من السيولة، ربما اكبر من طاقتنا، وربما لا يمكن استيعابها، فمديرو تلك الصناديق يبحثون دائماً عن قدرة السوق على التسييل السريع، فهل هذا متاح لدينا؟ على سبيل المثال إذا كان المستثمر على قناعة بسهم ما، واشترى كمية كبيرة منه.. هل يستطيع التسييل بسرعة؟ وإذا استمر في بيع هذا السهم لفترة.. كم سيتراجع السعر خلال فترة البيع؟
واختتمت المصادر بالقول إن السوق الكويتي بحاجة إلى سنوات للتحول من النموذج المحلي إلى العالمي، مؤكدة أن التركيز يجب أن يكون على توطين المستثمر المحلي أولا، ومن ثم يأتي الأجنبي، مبينة أن المستثمر المحلي هو الذي يبقي تحت كل الظروف بالسوق، بعكس الأجنبي الذي يهرب عند كل أزمة أو رسالة تحذيرية من سفارته.