ترامب يعزز نيته الانسحاب من سوريا
![](https://www.shula.news/wp-content/uploads/2018/03/1-492.jpg)
في الوقت الذي قالت فيه فرنسا إنها ستزيد وجودها العسكري لتعزيز الحملة التي تقودها الولايات المتحدة في سوريا، يبدو ان الرئيس الاميركي دونالد ترامب، جدي في نيته الانسحاب المبكر من هناك، وترك القوى الاخرى لإدارة الوضع.
وامس قال مسؤولان كبيران بالإدارة الاميركية إن ترامب أبلغ مستشاريه برغبته في انسحاب قوات الولايات المتحدة مبكرا من سوريا. وقال مسؤولون مطلعون على الخطة إن من المقرر أن يعقد مجلس الأمن الوطني اجتماعا في بداية هذا الأسبوع لبحث الحملة التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.
وأكد مسؤولان آخران تقريرا لصحيفة وول ستريت جورنال يوم الجمعة بأن ترامب أمر وزارة الخارجية بتجميد أكثر من 200 مليون دولار من الأموال المخصصة لجهود التعافي في سوريا مع
قيام إدارته بإعادة تقييم دور واشنطن في الحرب الدائرة هناك منذ فترة طويلة.
وقد دعا ترامب إلى تجميد هذه الأموال بعد قراءة تقرير إخباري أشار إلى أن واشنطن التزمت في الآونة الأخيرة بتقديم 200 مليون دولار إضافية لتحقيق الاستقرار في المناطق التي تمت استعادتها من تنظيم داعش. وكان ريكس تيلرسون وزير الخارجية الأمريكي المُقال قد تعهد بتقديم هذا المبلغ خلال اجتماع للتحالف الدولي في الكويت في فبراير الماضي.
ويتماشى قرار تجميد هذه الأموال مع إعلان ترامب الخميس بأن الوقت حان كي تنسحب الولايات المتحدة من سوريا، حيث اشار حينها أن بلاده خسرت نحو سبعة تريليونات دولار في الشرق الأوسط، وأن ذلك لم يترك شيئا لبناء مدارس في بلاده، وفق تعبيره.
وعلى الرغم من أن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) قدر أن «داعش» فقد نحو 98 في المئة من الأراضي التي كان يسيطر عليها، حذر مسؤولون عسكريون أميركيون من أن التنظيم قد يستعيد المناطق المحررة بسرعة ما لم يتم تحقيق الاستقرار فيها. وقال المسؤولون الأميركيون المطلعون على اجتماع مجلس الأمن الوطني إنه مازال من الضروري إقناع ترامب بذلك.
وقال مسؤول إن ترامب أوضح أنه «بمجرد تدمير داعش وفلولها فإن الولايات المتحدة ستتطلع إلى لعب دول بالمنطقة دورا أكبر في توفير الأمن والاكتفاء بذلك». وأضاف المسؤول أن معالم هذه السياسة لم تتضح بعد.
فيما قال المسؤول الثاني إن مستشاري ترامب للأمن القومي أبلغوه بأنه ينبغي أن تبقى أعداد قليلة من القوات الأميركية لعامين على الأقل لتأمين المكاسب التي تحققت بعد هزيمة الارهابيين وضمان ألا تتحول سوريا إلى قاعدة إيرانية دائمة. وذكر المسؤول أن كبار مساعدي ترامب للأمن القومي بحثوا الوضع في سوريا خلال اجتماع بالبيت الأبيض لكنهم لم يستقروا بعد على استراتيجية للقوات الأميركية في سوريا ليوصوا بها حتى ينفذها ترامب مستقبلا.
وكان لتصريح ترامب بقرب الانسحاب وقع المفاجأة على المسؤولين في إدارته، لكن كلامه يؤكد ارتباكا أميركيا في الملف السوري يقارب درجة الفشل مقابل نجاح للنظام وحلفائه وفق الكثير من المحللين.
ورغم أن كلام ترامب كان واضحا، فإنه يخالف معظم التوقعات وحتى الحقائق على الأرض وتصريحات مسؤولين أميركيين حول دعم الوجود العسكري لواشنطن في سوريا وربما البقاء طويل الأمد هناك لمنع إمساك روسيا بزمام الأمور، وضرب التمدد الإيراني. ويرجح مراقبون أن يؤدي تصريح ترامب إلى خلاف بين أركان إدارته في الخارجية والدفاع ومستشاريه، خصوصا أن الانسحاب سيترك المجال لإيران في المنطقة، في الوقت الذي اعتُبر فيه تعيين مدير «سي آي أي» السابق مايك بومبيو وزيرا للخارجية وجون بولتون مستشارا للأمن موشرا على تشدد في الملفين السوري والإيراني.
ونقلت وول ستريت جورنال عن مارك دوبويتز الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات قوله إن ترامب يخاطر بتكرار الأخطاء التي ارتكبها الرئيس السابق باراك أوباما، عندما سحب القوات الأميركية من العراق، فقد يسمح الفراغ لتنظيم داعش بالعودة ولإيران بتوسيع نفوذها ولروسيا بلعب الدور المهيمن في تشكيل اتجاه الحرب.
في المقابل، يرى محللون أن ترامب يتصرف وفق أجندة واضحة، وهو يطبق في النهاية ما وعد به في حملته الانتخابية من أن الهدف في سوريا هو محاربة «داعش». ويؤكد هؤلاء أن ترامب ليس مهتما كثيرا بنشر الديموقراطية في سوريا، وهو يتصرف بعقلية رجل الأعمال ويقدم المصالح الاقتصاية على السياسية.
ويرى محللون أن الولايات المتحدة رغم قراراتها المتناقضة أحيانا في سوريا أيقنت منذ فترة بأن الحرب محسومة لفائدة الرئيس بشار الأسد وحليفيه الروسي والإيراني، ولعل عدم تحركها في المعارك الأخيرة الدائرة في منطقة الغوطة الشرقية يؤكد نظرتها إلى نتائج هذه المعركة ومآلات الحرب السورية عموما. ومع تحول الحرب إلى شمالي وشرقي سوريا، لاسيما مناطق شرقي الفرات، بات النزاع ينذر بصراع مباشر أميركي مع روسيا، أو بـحرب عصابات تكلف الجيش الأميركي كثيرا، اضافة إلى تخوف اميركي أيضا من الصدام مع تركيا.
وفي السياق نفسه، وأثناء زيارته إلى الولايات المتحدة، أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مقابلة مع مجلة تايم أن الرئيس السوري بشار الأسد باق في السلطة، لكنه تمنى «ألا يصبح دمية بيد إيران». وأكد على ضرورة أن تبقى القوات الأميركية على الأقل في المدى المتوسط إن لم يكن في المدى الطويل للتصدي للنفوذ الإيراني، مشيراً إلى ما يعرف باسم «الهلال الشيعي»، قائلا إن إيران ستنشئ ممر إمداد بريا من بيروت عبر سوريا والعراق وصولا إلى طهران، وإذا سحبتم تلك القوات (الأميركية) من شرقي سوريا فستخسرون الحاجز الأمني، وقد يصنع هذا الممر أمورا كثيرة في المنطقة. ووفقا للحوار استبعد ابن سلمان إزاحة الأسد من السلطة، وقال إن «بشار باق، لكن أعتقد أن من مصلحة بشار ألا يدع الإيرانيين يفعلون ما يحلو لهم».
تركيا وفرنسا
إلى ذلك، بحث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع ترامب خلال اتصال هاتفي مساء الجمعة آخر التطورات في سوريا، في ضوء تلميحات ترامب الاخيرة. في حين تصاعدت حدة التصريحات التركية ضد فرنسا، بعد البيان الذي أصدره الإليزيه، وعبر فيه عن رغبته بلعب دور وسيط بين تركيا و«قوات سوريا الديموقراطية»، التي تشكل المجموعات الكردية عصبها الرئيس. كما أعلنت فرنسا احتمال زيادة وجودها العسكري في إطار التحالف وحذرت من أي تقدم لقوات تركية إلى مدينة منبج وقالت انه سيكون «غير مقبول».
ونددت أنقرة، على لسان أردوغان وكبار المسؤولين، باستمرار بقاء القوات الفرنسية في سوريا، وهدد المتحدث باسم الرئاسة، بكر بوزداغ، من أن بلاده ستتعامل مع كل من «يتعاون مع الإرهابيين ضد تركيا كمعاملة الإرهابيين». وقال في تغريدة على تويتر: «إن بيان الرئاسة الفرنسية محاولة لشرعنة التنظيمات الإرهابية ومن يقيم علاقات صداقة معها سيخسر دعم تركيا وصداقتها».
من جانبه، دعا وزير الدفاع التركي، نور الدين جانيكلي، إلى خروج القوات الفرنسية بعد القضاء على «داعش». وقال جانيكلي إنه لم يعد هناك، واعتبر أن أي خطوة فرنسية بشأن الوجود العسكري شمالي سوريا هي بمنزلة «احتلال للمنطقة» وتواجد غير مشروع بموجب القانون الدولي. (أ.ف.ب، رويترز، الجزيرة نت)