المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

اقتصاد

بيانات مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي.. هنا مستقبل الثروة

أفرزت أزمة تسريب بيانات مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك جدلا كبيرا حول العالم إذا ما كان يتوجب على فيسبوك الدفع مقابل بيع بيانات وتحليلات حول سلوك المستخدمين وتوجهاتهم الشرائية الى شركات تسويق تستفيد من تلك البيانات وتحقق من ورائها مليارات الدولارات.

وبحسب موقع أرقام لدى موقع فيسبوك 1.4 مليار مستخدم يدخلون على الموقع بشكل يومي ليدلي كل منهم بمساهمته في الموقع ويضيف صورا أو كلاما جديدا عليه.

ولكي تتفادى مواقع التواصل فكرة مطالبة مستخدميها بمقابل لما يضعونه عليها من صور وبيانات وغيرهما، تتضمن اتفاقية استخدام الموقع التي يقرها كثيرون دون قراءة حصول «فيسبوك» و«تويتر» و«إنستغرام» على حقوق استخدام ما يضعه المستخدمون من بيانات على الموقع.

وبالتالي يتخلص المستخدم «طواعية» من حقه في الحصول على عائدات مقابل ما يضيفه لمواقع التواصل، لتبدو مواقع التواصل مثل شركة تقليدية تحصل على المواد الخام اللازمة للإنتاج دون مقابل.

ففي القنوات التلفزيونية المجانية عادة ما يتم بث إعلانات تحصد عائداتها في مقابل بث المواد الترفيهية للمشاهدين مجانا، ولا أحد يطرح فكرة أن تدفع قناة تلفزيونية لمشاهديها.

وبحسب تقرير صادر عن المفوضية الأوروبية ترى الأمر غير عادل، حيث اقترحت المفوضية إقرار ضريبة على المعلومات التي تحصل عليها مواقع التواصل حول أماكن وجود المستخدمين باستخدام تكنولوجيا تحديد المواقع وغيرها.

ويشير تقرير المفوضية الى ان الموقع هو بمنزلة «سلعة» تعمل مواقع التواصل الاجتماعي على بيعها للمعلنين، بحيث تستطيع بيع الإعلانات للمعلنين بسعر عال، لعلم المعلن بقدرته على استهداف المجموعة الجغرافية التي يستهدفها تحديدا.

ويرى البعض السعي الأوروبي لفرض ضريبة على مواقع التواصل الاجتماعي مقابل البيانات على أنها محاولة للحد من الأرباح الكبيرة التي تجنيها تلك الشركات (الأميركية بالأساس) على حساب بيانات المواطنين، وبينهم الأوروبيون.

فغالبية الشركات الأوروبية لاتزال تعمل في الإطار الاقتصادي التقليدي، وتعجز غالبيتها عن منافسة نظيراتها الأميركية التي تعمل في إطار مختلف يجلب لها أرباحا استثنائية دون مساهمة إنتاجية حقيقية.

ويرى الخبير التكنولوجي «أندرو ماج» أن مواقع التواصل الاجتماعي تقدم ميزة كبيرة للمعلنين لأنها تساعدهم على تجاوز أزمة «الإعلان الأعمى» أي تجعلهم يتجنبون استهداف فئات غير مرغوب بها في إعلاناتهم ويحصلون على معلومات لم يكن ينبغي لهم الحصول عليها بالطرق العادية.

ولتوضيح «الظلم» الذي يتعرض له مستخدمو مواقع التواصل، يكفي الإشارة إلى أن الأخيرة لا تمنح موظفيها إلا 5-15% فقط من ميزانيتها كرواتب بينما الباقي يذهب كمكاسب صافية للمواقع.

ولعل هذا يؤكد أن ما تحصل عليه تلك الشركات من عوائد نظير بيع بيانات المستخدمين (صور وموقع جغرافي وبيانات شخصية وغيرها) يفوق كثيرا ما يعود على المستخدمين نظير استخدام تلك المواقع مجانا.

وفي 2013 حقق كتاب «من يمتلك المستقبل» لـ «جوران لينر» مبيعات قياسية بسبب الفكرة الجديدة التي طرحها حينها: هل تتحكم شركات التكنولوجيا مثل غوغل وفيسبوك في المستقبل، وكانت فكرته الرئيسية أن تلك الشركات تحقق مبيعات قياسية بدون المساهمة بشكل فعال في الإنتاج.

وتستخدم تلك الشركات الذكاء الاصطناعي في عملياتها على حساب العنصر البشري، بما يعكس أنها تحصل على النقود بسبب مشاركة الناس على مواقعها، لكنها لا تعود لمنح النقود للناس ولكن قلة محدودة تحصل على عوائد تلك المواقع بما يزيد اختلال توزيع الثروة.

وتعتبر مجلة «بوليتكو» الأميركية أن الأزمة في مواجهة مواقع التواصل تتمثل في كون فرض ضرائب عليها مقابل البيانات يوقع الدول في فخ الازدواج الضريبي المرفوض في كل دول العالم.

وعلى الجانب الآخر، فإن اعتياد المستخدمين على استخدام تلك المواقع مجانا وعدم تقدير غالبيتهم لأهمية البيانات التي يضعونها على تلك المواقع يجعل قيام حملات شعبية للحصول على مقابل مادي لقاء البيانات أمرا عسيرا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى