انتخابات لبنان.. هل يتحول إجراؤها رهينة إيرانية؟

«الانتخابات النيابية حاصلة في موعدها».. هكذا تؤكد الأطراف السياسية اللبنانية مجتمعة. وهي تأجلت أربع سنوات. كان يفترض إجراؤها في يونيو 2013 لكن المجلس النيابي الحالي مدد لنفسه مرتين بذريعة الحفاظ على الاستقرار الأمني واستبعاد الانقسام السياسي الذي تعزز بسبب الأزمة السورية.
لكن كثرة التوكيد والترداد قد يراد منها التغطية على أمور طارئة قد تصل إلى بلاد تعيش أصلاً على المفاجآت والمناورات الإقليمية الطارئة. هذا ما سربته مصادر سياسية لـ القبس، للقول إن قوى إقليمية (على رأسها إيران) قد تستعمل لبنان وانتخاباته النيابية المؤجلة مرتين رهينة في ردها على الضغوط الأميركية التي تتعرض لها مع ذراعها اللبناني حزب الله. وكما جرى تعطيل الانتخابات الرئاسية لمدة سنتين للضغط المتواصل لانتخاب ميشال عون، وكما عطل تشكيل الحكومة أكثر من مرة لغايات سياسية خارجية، تقول المصادر نفسها أن لا شيء يحول في لبنان دون تأجيل الانتخابات إذا كان ذلك يخدم الأجندة الإيرانية التي تعمل على مستوى المشرق كله.
عوائق أخرى
وقانون الانتخاب الجديد الذي توافقت عليه القوى السياسية بعد نزاع امتد لأكثر من خمس سنوات يقوم على النظام النسبي والصوت التفضيلي، كما يسمح للمغتربين بالاقتراع في أماكن إقامتهم للمرة الأولى. واعتماد البطاقة البيومترية او احتساب الصوت التفضيلي تعتبره أطراف سياسية شوائب في القانون تستوجب معالجتها. وهذا ما تتخوف مصادر مطلعة لـ القبس من استعماله «ثغرة» للنفاذ منها لتأجيل الانتخابات بداعٍ تقني هذه المرة. فمن مدّد لنفسه ثلاث مرات لا يصعب عليه التمديد مرة رابعة. وتذكر هذه المصادر بأن الاعتراض الداخلي على كل تمديد كان يقتصر على تحركات لمنظمات وهيئات مدنية لم تلقَ آذاناً صاغية، بينما المجتمع الدولي اكتفى بإصدار بيانات تأسف لتأجيل الانتخابات.
مع ان التأجيل يبقى خياراً مستبعداً لأنه سيشكل نكسة لعهد الرئيس عون الذي وضع في قائمة أولوياته العمل على تغيير قانون الانتخاب كمدخل لإعادة تكوين السلطة.
تباينات حول القانون
وبينما تتبنى الأحزاب المسيحية الرئيسية كـ«التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» القانون الانتخابي الجديد وتعتبره إنجازاً يحقق عدالة التمثيل للمسيحيين، لا يُظهر تيار المستقبل حماسة مماثلة حيال إجراء هذه الانتخابات التي بينت استطلاعات للرأي أنها ستفقده بعض النواب وتقلص كتلته النيابية. بينما يبدو الثنائي الشيعي «حركة امل» و«حزب الله» مطمئناً الى قواعده الشعبية بغض النظر عن شكل القانون الانتخابي.
وبانتظار جلاء التحالفات الانتخابية التي ستشهد بعض العجائب على حد وصف الأوساط المطلعة، اذ ستجمع خصوماً وتفرق حلفاء، تتريث الكتل السياسية في اعلان مرشحيها.
وضبابية التحالفات الانتخابية الداخلية تواكبها تحركات لمسوؤلين لبنانيين نحو الخارج بهدف استقطاب الصوت الاغترابي.
استقالة «القوات»
في غضون ذلك، تسربت معلومات عن امكان استقالة وزراء القوات اللبنانية من الحكومة، أكدها رئيس الحزب سمير جعجع من ملبورن مقرونة زمنياً بشرطي «بلوغ الخروقات حدَّ عودة العلاقات مع نظام الأسد واستمرار محاولات تمرير المناقصات المشبوهة».
ولفتت مصادر سياسية مراقبة الى أن خطوة القوات هدفها ليس الوصول فعلا الى الاستقالة بقدر ما هو ممارسة ضغط على «المستقبل» و«التيار الوطني» لتغيير سلوكهما وكيفية إدارتهما للملفات الداخلية في الحكومة، فنهج الإطباق على كل المراكز الرسمية وتقاسم الحصص فيها بعيداً عن الآليات القانونية، لا يجوز السير به قدماً. وكشفت المصادر في السياق أن رئيس الحكومة سعد الحريري اتصل بجعجع واستوضح منه موقف القوات، حيث نفى أن يكون وزراء «الحزب» عازمون على الاستقالة الآن، غير أنه أكد له أن «يمكننا أن نستمر على هذه الحال التهميشية»، وقد تواعد الرجلان على الاجتماع فور عودة جعجع من الخارج.