المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

اقتصاد

«الوطني»: تحديات تقيِّد استمرار نجاح برنامج الإصلاح المصري

أكد تقرير لبنك الكويت الوطني أن مصر تتمتع بإمكانات هائلة، بما في ذلك وفرة القوى العاملة، وتنوع القاعدة الاقتصادية، وتميُز موقعها الجغرافي الذي يُتِيحُ سهولة الوصول إلى الأسواق الخارجية المهمة. وأضاف التقرير: على الرغم من ذلك، فإن التنمية الاقتصادية ظلت مقيَدة بميراث الدور الكبير الذي تلعبه الدولة في النشاط الاقتصادي، بجانب ضعف الحوكمة، والسياسات الاقتصادية الموجهة نحو الداخل. الأمر الذي ساهم في عدم تمكُن مصر من الاستفادة بشكل كامل من الفرص التي توفرها العولمة، والتي ساعدت على رفع مستويات المعيشة في العديد من الدول.
قال تقرير «الوطني»: في مواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة، أدركت الحكومة المصرية خطورة الوضع واعتمدت في أواخر عام 2016 برنامجاً طموحاً وصعباً سياسياً للإصلاح الاقتصادي، بدعم من قرض صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار، حيث يهدف هذا البرنامج إلى معالجة نقاط ضعف الاقتصاد الكلي وتعزيز النمو الشامل وخلق فرص العمل. وشمل البرنامج – بشكل رئيسي – إلغاء تدريجياً للدعم، وإجراء إصلاحات ضريبية، وتعويم الجنيه المصري. وإلى جانب إعادة ضبط الاوضاع الاقتصادية، تهدف تلك التدابير إلى جذب الاستثمار الأجنبي المباشر وإثبات التزام الحكومة ببرنامج الإصلاح الاقتصادي لشركاء مصر الإقليميين والدوليين.
وبعد عدة سنوات من تباطؤ النمو والأداء الاقتصادي الضعيف، بدأ الاقتصاد المصري في إظهار بوادر الانتعاش، حيث بلغ معدل النمو 5.3 في المئة في السنة المالية 2018/2017، فيما يعد أسرع معدلات النمو منذ عقد من الزمن. وقد تم دعم النمو بشكل أساسي من خلال زيادة الإنفاق الاستثماري الحكومي، وتحسين البيئة التنظيمية، وانتعاش قطاع السياحة، بالإضافة إلى التوسع في الاستثمار في قطاع الغاز. وقد ساهم ذلك في تراجع معدل البطالة إلى 9.9 في المئة في الربع الثاني من عام 2018 مقابل 12 في المئة في العام السابق، فيما يعد أدنى المستويات المسجلة منذ ثماني سنوات. وبالنسبة إلى السنة المالية 2019/2018، وعلى الرغم من ارتفاع أسعار النفط وتراجع الاقبال على أصول الأسواق الناشئة مؤخراً، إلا أنه من المتوقع أن يسجل النمو الاقتصادي نحو 5.5 في المئة. فيما تستهدف الحكومة المصرية معدل نمو يتراوح ما بين 7.8 في المئة – 8 في المئة بحلول عام 2022، وفقًا لبرنامج الإصلاح الاقتصادي.
كما تحسن القطاع الخارجي منذ انخفاض قيمة الجنيه المصري، مدعوما إلى حد ما بنمو الصادرات بسبب تحسن القدرة التنافسية وكذلك انخفاض الواردات، حيث انخفض عجز الحساب الجاري في السنة المالية 2018/2017 بنسبة 58.6 في المئة إلى 6 مليارات دولار، ليتراجع إلى نسبة 2.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي من 6.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي (14 مليار دولار) في العام السابق. ومن المتوقع أن يتقلص عجز الحساب الجاري إلى حوالي 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2019/2018. كما ساهم تزايد تدفقات رؤوس الأموال في تحسين ميزان المدفوعات الإجمالي، الذي سجل فائضا يزيد على 13 مليار دولار على مدى العامين الماضيين.
كما تحسّن الوضع المالي ومستوى الدين في مصر على خلفية تأثير تطبيق ضريبة القيمة المضافة على العام بأكمله، واحتواء فاتورة الأجور، وتخفيضات دعم الطاقة، حيث تقلص العجز المالي من 12 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2016/2015 إلى 10.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2017/2016، ومن المتوقع أن يصل إلى 9.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2018/2017، في حين يتوقع أن تصل الديون الحكومية إلى 92 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية الحالية 2019/2018 مقابل 108 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2017/2016. وعلى الرغم من ذلك، فإن ارتفاع تكاليف الدين بسبب ارتفاع أسعار الفائدة العالمية من شأنه أن يشكل ضغطا على العجز المالي في السنوات المقبلة في غياب تدابير أخرى.

فرص الاستثمار والتحديات
وبالنظر إلى نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي، فإن مستقبل مصر يبدو أكثر إشراقا. فهناك الآن اهتمام متزايد بمصر كوجهة استثمارية من قبل المستثمرين الإقليميين والأجانب، الذين يتطلعون إلى الاستفادة من إمكاناتها الهائلة، بما في ذلك الموقع الاستراتيجي، والقوى العاملة الوفيرة، وانخفاض تكلفة ممارسة الأعمال بصفة عامة. حيث يُوفِرُ الاقتصاد المصري المتنوع فرصا تناسب جميع التوجهات وتشمل مختلف القطاعات، خصوصا قطاع الغاز، الذي ساهم في جذب المستثمرين الأجانب وإقامة شراكات مع العديد من الشركاء الدوليين والإقليميين. كما يعد القطاع العقاري والسياحي من المجالات التي تتمتع بمستقبل واعد وتعمل على جذب اهتمام المستثمرين، خصوصاً بعد تحسن الوضع الأمني وتحرير سعر الصرف. وهناك أيضا إمكانات هائلة للاستثمار في القطاع المالي. فنظراً إلى محدودية الشمول المالي وافتقار شريحة كبيرة من المواطنين إلى تغطية مصرفية، فإن الخدمات المصرفية والمالية لديها مجال للتوسع بشكل كبير في السنوات المقبلة للاستجابة إلى طلب السوق. وفي هذا الصدد، تتطلب التكنولوجيا المالية مزيداً من التعزيز والتطوير بالإضافة إلى ما حققته مصر بالفعل في هذا المجال، خصوصاً في مجال التكنولوجيا الماية بواسطة الهواتف النقالة.
وعلى الرغم من توافر مصر على العديد من الفرص والآفاق المستقبلية الواعدة، مع استمرار عملية الإصلاح الاقتصادي بخطوات مشجعة، إلا أن هناك حاجة إلى مزيد من الجهود لمواجهة مجموعة من المخاطر الاقتصادية والتحديات الهيكلية في المستقبل. فمثلا، من شأن زيادة أسعار النفط إضعاف الحساب الجاري وزيادة فاتورة دعم الوقود، وبالتالي إضعاف أوضاع المالية العامة ورفع مستوى الديون. كما تواجه مصر حالياً تكلفة أكثر ارتفاعاً للاقتراض، حيث تراجع إقبال المستثمرين على أدوات الدين الخاصة بالأسواق الناشئة، لا سيما بعد الأزمات الأخيرة في تركيا والأرجنتين. ومع ارتفاع أسعار الفائدة العالمية ورؤوس الأموال التي تبحث عن ملاذ آمن في الدول المتقدمة، فإن تباطؤ تدفقات رؤوس الأموال من شأنه أن يضغط على الاحتياطي الأجنبي للبنك المركزي وعلى سعر الصرف. وإذا بقيت معدلات التضخم مرتفعة، فسيطالب المستثمرون بعوائد أعلى على استثماراتهم، مما يجعل تخفيض عجز الميزانية أكثر صعوبة. وفي هذا السياق، تواجه مصر معضلة صعبة. فمن جهة، تحتاج إلى الحفاظ على أسعار فائدة عالية لجذب رؤوس الأموال الأجنبية لخدمة احتياجاتها التمويلية بالعملات الأجنبية. ومن جهة الأخرى، فإنها تريد خفض تكلفة الاقتراض لتشجيع الاستثمار وتعزيز النمو الاقتصادي، وكذلك خفض تكلفة الدين للوصول إلى الحد المستهدف من عجز الموازنة.
في ظل هذه الظروف، يعتبر تحقيق نتائج اقتصادية جيدة على المدى القصير أسهل من الحفاظ على الزخم لفترة أطول. فكلما امتدت الفترة الزمنية التي يستغرقها الإصلاح والإجراءات التقشفية لإظهار نتائج إيجابية على أرض الواقع، زاد احتمال أن تصاب عملية الإصلاح الاقتصادي بالإرهاق، بسبب احتمال ضعف الدعم الشعبي والسياسي لتلك الإصلاحات. ويمكن أن يترافق ذلك مع استمرار الضغوط لزيادة الإنفاق على الأجور وتوسيع نطاق البرامج الاجتماعية بما يتجاوز الحدود المسموحة في الموازنة وإضعاف الأهداف المالية، وبالتالي الإضرار بالآفاق المستقبلية للاستثمار والنمو. وفي حالة تفاقم الظروف العالمية أو الإقليمية، ستكون هناك حاجة إلى تطبيق المزيد من تدابير التقشف، مما يزيد من احتمالية تغير اتجاهات السياسة المتبعة.
فعلى الرغم من أن تلك الإصلاحات الهيكلية ستستغرق وقتا طويلا لتنفيذها، إلا أنه في حال تأخر معالجتها، أو على أسوأ تقدير لو لم يتم تطبيق التدابير اللازمة من الأساس، فإن من شأن ذلك أن يعرقل استقرار الاقتصاد الكلي الذي يتم تطبيقه حالياً ويعيق عملية الإصلاح، حيث إن هناك تجارب مماثلة لبعض الدول التي قامت بجهود الإصلاح الاقتصادي كتلك التي تم تبنيها في مصر، والتي أظهرت أنه ليس من السهل الحفاظ على وتيرة الإصلاح واستقرار الاقتصاد الكلي لفترة طويلة ما لم تصب فوائد الإصلاحات في مصلحة معظم المواطنين.

مخاطر اقتصادية وتحديات هيكلية

1 – ارتفاع أسعار النفط يضعف الحساب الجاري ويزيد فاتورة دعم الأجور.
2 -تكلفة اقتراض مرتفعة مع تراجع إقبال المستثمرين على أدوات الدين في الأسواق الناشئة.
3 – تباطؤ تدفقات رؤوس الأموال يضغط على الاحتياطي الأجنبي وسعر الصرف.

إصدارا سندات بالعملة الأجنبية في الربع الأول 2019

قال وزير المالية المصري إن بلاده تهدف لطرح إصداري سندات بالعملة الأجنبية على الأقل في الربع الأول من 2019. وامتنع الوزير محمد معيط في تصريحاته التي جاءت على هامش مؤتمر أعمال عن تحديد المبلع الذي تسعى مصر لجمعه، لكنه قال في وقت سابق إن مصر تستهدف خمسة مليارات دولار تقريبا.
وقال «قد يزيد أو ينقص. يتوقف على لحظة اتخاذ القرار».
وعند سؤاله عن عملات الطرح اكتفى بالقول «ربما اثنان أو أكثر.. في الربع القادم. نخطط للربع الأول من 2019».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى