«الوطني»: الدولار تحت ضغط توترات سياسية في واشنطن
أكد تقرير الأسواق النقدية الأسبوعي، الصادر عن بنك الكويت الوطني، أن البيانات والمؤشرات الاقتصادية الأميركية في الأشهر الماضية دون توقعات السوق، الأمر الذي يرفع احتمال تغيير مجلس الاحتياطي الفدرالي لمساره النقدي. ولكن بعد صدور تقرير الوظائف القوي، عززت البيانات وضع البنك المركزي في تضييق موقفه النقدي، كما قال البنك في بداية السنة، خاصة حين حدد المجلس مستوى منخفضا وتدريجيا لتطبيع ميزانيته، بدءا من سبتمبر.
وحين بلغت البيانات غير الزراعية القوية السوق، تراجعت أسعار الدين الحكومي الأميركي، واعتمدت مؤشرات الأسهم الأميركية هذه الأنباء. وبدا أن تقرير الوظائف الأخير عن الاقتصاد كان مليئا بالأخبار الجيدة، من ارتفاع جيد في الوظائف، إلى انخفاض معدل البطالة وارتفاع معدل المشاركة. ولكن كما هي الحال دائما، كان ينقصه مكون هام.
وكانت العوائد دون المستويات التاريخية منذ الأزمة المالية العالمية، بالرغم من استمرار ارتفاع الوظائف لما يقارب عشر سنوات. فقد ارتفعت العوائد بنسبة %0.3 في الشهر، ولكن على أساس سنوي، كان الزخم مستقرا نسبيا عند %2.5. وتقرير الوظائف هو في الغالب مؤشر تاريخي عن الاقتصاد الأميركي، في حين تشير بيانات مؤشر مديري الشراء إلى احتمالات النمو المستقبلي. وكنا نشهد نموا أبطأ في بيانات مؤشر مديري الشراء في أميركا، ولكن في منطقة اليورو تشهد الأسواق بيانات أفضل لمؤشرات مديري الشراء.
وأضاف التقرير ومن ناحية الوضع العالمي، الظروف في تحسن، وأسواق العمل قد تضيقت أكثر بعد، ومن المتوقع أن يتجاوز النمو مساره في عدد من الاقتصادات المتقدمة. وعلى الرغم من ذلك، يبدو أن النمو المنخفض في الأجور هو خطر عالمي في معظم الدول. وتراجعت معدلات التضخم الكلي مؤخرا، ويعكس ذلك بشكل كبير الانخفاض السابق في أسعار النفط. ورفع صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو بالنسبة للصين ومنطقة اليورو، فيما خفض توقعاته للنمو بالنسبة لأميركا وبريطانيا. وقال الصندوق إن انتعاش منطقة اليورو أصبح أقوى وأشمل، مع ارتفاع الطلب المحلي.
وعلى صعيد العملات، بدأ الدولار الأسبوع في مسار تنازلي وبلغ أدنى مستوى له يوم الأربعاء عند 92.548. وكان الدولار تحت الضغط على عدة أصعدة بسبب التوترات السياسية في واشنطن، والبيانات الاقتصادية المخيبة للآمال، خاصة التضخم الضعيف، ما يرفع عدم اليقين بشأن وتيرة سياسة التضييق الخاصة بمجلس الاحتياط الفدرالي. وإضافة لذلك، انخفض الدولار أكثر حين تم فصل مدير الاتصالات، أنتوني سكاراموشي، الأسبوع الماضي بعد 10 أيام فقط من تعيينه من قبل الرئيس. وفي نهاية الأسبوع، كان الدولار في طريقه نحو رابع خسارة أسبوعية على التوالي، ولكن كل ذلك تغير بعد تقرير الوظائف القوي. وارتفع الدولار من 92.776 إلى 93.774، أي بنسبة %1، وأنهى الأسبوع عند 93.542.
وبدأ اليورو جيدا بعد ارتفاع مؤشر سعر المستهلك الأساس في منطقة اليورو إلى أعلى مستوى له في أربع سنوات. وحافظ على هذا الزخم ثم ارتفع الأربعاء الماضي إلى أعلى مستوى له في سنتين ونصف. وتراجع اليورو يوم الجمعة بعد صدور البيانات غير الزراعية الأميركية التي دعمت الدولار، وانخفض بنسبة %1 بسبب هذه البيانات. وبدأ اليورو الأسبوع عند 1.1758 وأنهى الأسبوع عند 1.1768.
سوق عمل قوي
خلق الاقتصاد الأميركي 27 الف وظيفة أكثر من المتوقع ليسجل بذلك 2099 الاف وظيفة، ودفع أرباب العمل أجورا أعلى لموظفيهم في يوليو. وتم رفع وظائف يونيو بعد المراجعة بمقدار 9 الاف لتصبح 231 الفا. وانخفض معدل البطالة مجددا إلى أدنى مستوى له في 16 سنة، من %4.4 إلى %4.3. وارتفعت العوائد الأميركية، وهي مكوّن رئيس في تقرير الوظائف، بنسبة %0.3 بعد ارتفاعها بنسبة %0.2 في الشهر السابق، ولكن على أساس سنوي، بقي المعدل على حاله عند %2.5، أي دون المعدل النمطي حين تكون البطالة منخفضة بهذا الشكل، والذي يتراوح ما بين %3.5 و%4.
وتشير الأرقام إجمالا إلى أن أرباب العمل ما زالوا متفائلين حيال أعمالهم وحيال الطلب الاستهلاكي المستقبلي. وقد تزيد هذه الارتفاعات من إنفاق المواطنين الأميركيين، الذي يشكل ثلثي النشاط الاقتصادي. ورغم ذلك، ما زال أرباب العمل يوظفون بوتيرة قوية، ما يشير إلى وجود كثير من العمال الذين يمكن الاختيار من بينهم، وأنه ليس على أرباب العمل أن يرفعوا الأجور. وتعتبر هذه مشكلة بالنسبة لمجلس الاحتياط الفدرالي لأنه رفع أسعار الفائدة في المدى القصير ثلاث مرات في الأشهر السبعة الماضية بناء على فكرة أنه سيكون على أرباب العمل أن يدفعوا أكثر لاجتذاب العمال.
التضخم يبقى منخفضاً
بقي مؤشر مصروفات الاستهلاك الشخصي، الذي يراقبه المجلس الفدرالي عن كثب كمؤشر إلى التضخم الأميركي، على حاله في يونيو، إذ إن الإنفاق على الوقود انخفض بسبب تراجع أسعار النفط. وارتفع مؤشر مصروفات الاستهلاك الشخصي من سنة لأخرى بنسبة %1.4، أي دون قراءة مايو البالغة %1.5، وأقل بكثير من قراءة فبراير البالغة %2.2. وباستثناء تغير أسعار الغذاء والوقود، بقيت مصروفات الاستهلاك الشخصي الأساس على حالها عند %1.5. وتخفض أرقام التضخم الأخيرة أكثر فرص رفع البنك المركزي أسعار الفائدة مجددا هذه السنة، ويبلغ احتمال رفع أسعار الفائدة في ديسمبر حوالي %30. ويجب أن يستفيد الاقتصاد الأميركي، إذ إن الدولار قد تراجع بحوالي %10 منذ بداية السنة، رافعا التضخم. ولكن مع بقاء نمو الأجور منخفضا، يستمر السوق بالتشكيك في احتمال رفع المجلس الفدرالي لأسعار الفائدة بشكل كبير.
زخم أوروبي
ارتفع المؤشر المفضل للبنك المركزي الأوروبي بالنسبة للتضخم، وهو مؤشر سعر المستهلك الأساس، إلى أعلى مستوى له في أربع سنوات، فيما بقي التضخم الكلي على حاله. فقد ارتفع مؤشر سعر المستهلك الأساس الأولي بنسبة %0.1 ليصل إلى %1.3، مقابل التوقعات بتراجع إلى %1.1. وتؤيد آخر أرقام النمو السعري بيان البنك المركزي الأوروبي بأن مخاطر الانكماش قد اختفت، ولكن الأرقام الأخيرة تبقى أقل بكثير من النسبة التي يستهدفها البنك والبالغة %2.
وعلى صعيد التوظيف، تراجع معدل البطالة في منطقة اليورو في يونيو إلى أدنى مستوى له منذ فبراير 2009. فقد تراجع معدل البطالة من %9.2 في مايو إلى %9.1. وعلى أساس سنوي، تراجع معدل البطالة بنسبة %1 مع دعم جو سعر الفائدة المنخفض للنمو في أوروبا. وسجّل أكبر اقتصاد في أوروبا أدنى معدل بطالة عند %3.8، وهو المعدل الأدنى منذ مرحلة ما بعد التوحيد. وفي الأطراف الخارجية لأوروبا، يبقى معدل البطالة بعيداً عن المعدلات المسجّلة قبل الأزمة المالية، مما يشير إلى أنه ما زال هناك مجال للتحسين في القوة العاملة. وقد ارتفعت إجمالاً احتمالات رفع الأجور منذ تراجع معدل البطالة في القوة العاملة إلى أدنى مستوى له في عدة سنوات وارتفاع تضخم المستهلك إلى أعلى مستوى له في 4 سنوات.
ويتوقع أن يرتفع أول تقييم للنمو في اقتصاد منطقة اليورو من %0.5 في الربع الأول إلى %0.66 في الربع الثاني. ويتوقع أن يتوسع النمو من سنة إلى أخرى من %1.9 إلى %2.1، وهو المستوى الأفضل في خمس سنوات. وتدعم الأرقام الأخيرة الرأي بأن الاقتصاد يستمر في التحسن بعد سنتين من شراءات البنك المركزي الأوروبي الهائلة للأصول وما يقارب 1.5 سنة من أسعار الفائدة السلبية. وقد توسع الاقتصاد الآن لفترة 17 ربع سنة متوالية. وبالنظر إلى الصورة الكبرى، نرى أن أداء الاقتصاد جيد جداً مقارنة ببقية العالم، مما يدعم خفض البنك المركزي الأوروبي تدريجياً لشراء الأصول في السنة المقبلة.
وفي ألمانيا، ارتفعت ثقة المتسوق في الإنفاق في يونيو، لتساعد بذلك مبيعات التجزئة في بلوغها أفضل ربح شهري منذ أكتوبر 2016. وارتفعت مبيعات التجزئة على أساس شهري من %0.5 في مايو إلى %1.1. ودعم معدل البطالة المتدني قياسياً الاقتصاد الألماني، الذي أضاف 657 ألف وظيفة ما بين يونيو 2016 ويونيو 2017. وتجاوز الاستهلاك الصادرات كمحرك رئيسي للنمو، يدعمه في ذلك سوق عمل قوي وأسعار فائدة منخفضة. وستدعم بيانات مبيعات التجزئة الأخيرة مجموعة من الاستطلاعات الاقتصادية واستطلاعات قطاع الأعمال في الاقتصاد الألماني، والتي أشارت كلها إلى نهاية قوية للربع الثاني.