المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

اقتصاد

«الوطني»: أعلى مستوى لأسعار النفط في 42 شهراً

قال تقرير لبنك الكويت الوطني إن أسعار النفط سجلت ارتفاعاً كبيراً في الشهر الماضي، بالرغم من التحسن المستمر في إنتاج النفط الصخري الأميركي، وذلك نتيجة استمرار ضيق أساسيات الأسواق وزيادة المخاوف حول الأوضاع الجيوسياسية واستقرار مستوى الإنتاج. فقد ارتفع مزيج برنت بواقع %18 مقارنة بمستواه المتدني في فبراير من عام 2018 ليتجاوز 74 دولاراً للبرميل، كما ارتفع مزيج غرب تكساس المتوسط بأكثر من %15 مقارنة بمستواه المتدني في فبراير ليصل إلى 68 دولاراً للبرميل. حيث سجل كلا المزيجان أعلى مستويات لهما منذ ثلاث سنوات ونصف بارتفاع بلغ %10 و%13 على التوالي حتى الآن في 2018.
وارتفعت أسعار النفط في الأسابيع الأخيرة نتيجة كل من الضربات العسكرية التي وجّهتها أميركا ضد سوريا واحتمالية انسحاب الرئيس ترامب من الاتفاق النووي الإيراني، والتراجع المستمر في إنتاج فنزويلا. كما أبرزت احتمالية اشتعال نزاع تجاري نتيجة تدهور العلاقات التجارية بين الصين وأميركا مخاطر جديدة. وبينما خف هذا التخوّف قليلاً، إلا أن اشتعال حرب تجارية سيتسبب بضرر جسيم سيمس النشاط التجاري العالمي والنشاط الاقتصادي، ومن ثم الطلب على النفط.
وأضاف تقرير «الوطني»: أشار الرئيس ترامب في يناير إلى أنه لن يواصل إعفاء إيران من العقوبات دون التماس موقف جدي من قبل الكونغرس الاميركي والدول الأخرى الموقعة على الاتفاق تجاه برنامج إيران النووي. ويعتبر قيام ترامب بتعيين مايك بومبيو وزيراً للخارجية وجون بولتون مستشاراً للأمن القومي، اللذين يعدّان من أكبر المتشددين بسياساتهما وأكثرهم انتقاداً للاتفاق، دليلاً كافياً على حتمية انسحاب أميركا منه، بينما ستظل الدول الأوروبية وروسيا والصين على مواقفها.
وإذا افترضنا أكثر السيناريوهات تحفظّاً، فمن المتوقع أن تخسر إيران 400 إلى 500 ألف برميل يومياً من صادراتها خلال سنة فقط في حال تمت إعادة فرض العقوبات، إلا أن أي تقديرات تبقى مجرد تكهنات، حيث لا تزال كل من الدول الأوروبية وروسيا والصين ترى أن إيران ملتزمة ضوابط الخطة، كما أن الدول المستوردة للنفط الإيراني قد لا توافق على خفض كمية استيرادها في حال عدم توافر ضغط حقيقي من قبل أميركا (كالحد من دخولهم النظام المصرفي الأميركي).
وقد تقوم دول «أوبك» برفع إنتاجها للتعويض عن التراجع الناتج عن غياب النفط الإيراني، إلا أن ذلك أمر مستبعد في ظل الظروف الحالية، لا سيما أن المنظمة تبذل قصارى جهودها للالتزام ببنود اتفاقيتها وتضييق مستوى الإنتاج قدر الإمكان.
إذ لا تزال وتيرة تراجع إنتاج فنزويلا سريعة نتيجة انهيار الأوضاع الاقتصادية وشحّ الاستثمار، حيث تشير بيانات «أوبك» خلال شهر فبراير إلى تراجع إنتاج فنزويلا إلى 1.59 مليون برميل يومياً فقط، أي تراجع بواقع 700 ألف برميل يومياً أو بنسبة %31، حيث تعاني البنية التحتية النفطية هناك من وطأة سوء الإدارة وتدني التدفقات المالية والمطالب الأجنبية التي تتمثل في تصدير ما يصل إلى %37 من إنتاجها (أو ما يقارب 600 ألف برميل يومياً) إلى روسيا والصين سداداً لديونها.
وفي حال استمر كل من سيناريو الاقتصاد الفنزويلي وموقف ترامب تجاه إيران، فمن المحتمل أن ينعكس ذلك على الأسواق بمخاطر تراجع الإنتاج العالمي وعملية خفض الإنتاج الإضافي، لا سيما في ظل ضيق الأوضاع في السوق. ومن الممكن أن تصل أسعار النفط إلى ما يقارب 70 دولاراً بدلاً من 60 دولاراً هذا العام، بينما أجمع المحللون على بلوغ متوسط الأسعار نحو 64 دولاراً هذا العام.

الثقة ترتفع
واتجه العديد من مديري المحافظ المالية إلى المراهنة بقوة على ارتفاع أسعار النفط في الأسابيع الأخيرة. فقد بلغ صافي عمليات البيع الطويلة في عقود برنت الآجلة 632.444 ألف عقد في منتصف شهر أبريل، مما يجعله أعلى مستوى منذ عام 2011. وعلى الرغم من تكاثف هذه الوتيرة في الأسابيع الأخيرة، فإنها قد بدأت فعلياً منذ منتصف عام 2017 بعد قرار «أوبك» بتمديد فترة خفض الإنتاج حتى عام 2018. ومنذ ذلك الحين، شهدت أساسيات الأسواق تضييقاً مع سحب «أوبك» 1.9 مليون برميل يومياً من إنتاجها وذلك منذ يناير 2017 ومع تقليل دول منظمة التعاون الاقتصادي الإنتاج والمخزون إلى 2.84 مليار برميل في فبراير مقارنة بأكثر من 3 مليارات برميل يومياً في بداية عام 2017.
وبالفعل، فقد بيّنت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الأخير أن بإمكان «أوبك» وشركائها من خارج المنظمة بقيادة روسيا تحقيق الهدف المنشود الشهر المقبل، وذلك بخفض المخازن العالمية إلى مستوى أدنى من متوسط إنتاجهم لفترة خمس سنوات، حيث جاء إنتاج المنظمة وشركائها أعلى من الهدف بواقع 30 مليون برميل يومياً وذلك وفق أحدث بيانات متوافرة لشهر فبراير. وقد أشارت منظمة أوبك وروسيا الأسبوع الماضي إلى نية الاستمرار في التعاون حتى ما بعد عام 2018 لدعم توازن السوق.
وقد تراجع إنتاج منظمة أوبك إلى 31.9 مليون برميل يومياً في مارس وذلك وفق مصادر ثانوية لـ «أوبك». فقد جاء معظم الانخفاض في الإنتاج من فنزويلا والسعودية وأنغولا، أي بواقع 170 ألف برميل يومياً بالإجمال وذلك على أساس شهري، مما أدى إلى ارتفاع نسبة التزام المنظمة إلى مستوى قياسي بلغ %163 خلال شهر مارس، بينما حققت الدول المشاركة من خارج المنظمة نسبة التزام بلغت %90 في مارس.
من جانبها، قامت وكالة الطاقة الدولية بخفض توقعاتها قليلاً بشأن الطلب العالمي إلى 1.5 مليون برميل يومياً في 2018 من 1.6 مليون برميل يومياً العام الماضي، حيث تعكس هذه التوقعات رؤية صندوق النقد الدولي التي تشير إلى ثبات النمو العالمي عند %3.9 في 2018 و2019 بدعم من الاقتصادات الآسيوية بقيادة الهند.
في الوقت نفسه، سجلت الصين نمواً قوياً في الربع الأول من عام 2018 مع نمو اقتصادها بواقع %6.8 على أساس سنوي. وتعد وتيرة نمو الاقتصاد الصيني مؤشراً أساسياً للطلب العالمي لكونها أكبر الدول المستوردة للنفط وتشكل %13 من الاستهلاك العالمي.

مخاطر لا تزال قائمة
وتتوقع وكالة الطاقة الدولية ارتفاع نمو الإنتاج العالمي من خارج منظمة أوبك بقيادة النفط الصخري إلى 1.8 مليون برميل يومياً في 2018. ومن المتوقع أن يرتفع إنتاج أميركا بواقع 1.3 مليون برميل يومياً مضاعفاً نموه العام الماضي. وقد بلغ الإنتاج 10.5 ملايين برميل يومياً في الأسبوع الثاني من شهر أبريل في ظل ارتفاع حفارات التنقيب.
وفي ما يخص التوازن في الأسواق، فقد ساهم إنتاج النفط الصخري في التعويض عن أكثر من ثلثي الإنتاج المسحوب من الأسواق من قبل «أوبك» وشركائها منذ بداية العام الماضي. إلا أن قوة الطلب وتزايد الحديث عن إمكانية ظهور عقبات أمام الإنتاج الأميركي، فإنه قد لا يتمكن من التسبب باختلال توازن الأسواق خلال 2018 لا سيما مع وجود توقعات بتسجيل عجز طفيف في الفائض بواقع -0.4 مليون برميل يومياً في المتوسط.
ومن المؤكد أن تتأثر الأسواق في حال تضرر الطلب العالمي من الحرب التجارية المحتملة، حيث ظهرت نتيجة بعض النزاعات المتصاعدة حول الرسوم التجارية بين أميركا والصين. فقد حذرت وكالة الطاقة الدولية من أن تراجع نشاط التجارة العالمية بواقع %5 قد يؤدي إلى تراجع الطلب العالمي على زيت وقود السفن بواقع %5، الذي يشكل بدوره %3.6 من الطلب العالمي على النفط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى