النيابة: جرائم العنف تزايدت ضد الأطفال في الكويت

طالبت النيابة العامة بتوقيع عقوبة الإعدام بحق قتلة الأطفال، مشيرة إلى أن جرائم العنف ضد الصغار تزايدت بصورة ملحوظة في المجتمع الكويتي.
وقالت النيابة في مرافعتها أمام محكمة الجنايات في قضية مقتل الطفلة فاطمة، ذات الأعوام الخمسة، على يد أمها وعشيقها، وحصلت القبس عليها: إن هذه الجريمة البشعة تدمي ضمير الإنسانية.
وفنّدت النيابة بشاعة الجريمة بالقول: قد يقتل الأخ أخاه، وتلك جريمة ضاربة في عمق التاريخ، وقد تقتل الزوجة زوجها بسبب القهر والضجر، أما أن تقتل الأم صغارها فتلك جريمة لا تغتفر، ونطالب فيها بالإعدام.
واستهلت المرافعة بجملة مؤثّرة أبكت الحضور في قاعة المحكمة، قائلة: «وداعاً عروس الأحزان»، واصفة مقتلها بأنه «جريمة تكاد تنهدّ منها الجبال».
قال وكيل النائب العام فهد العوض: «ما لنا نرى الطفولة تئن في وحل العنف، وهي شاهدة على انحراف لفيف من الآباء، ومن شايعهم في هذا الارهاب البدني الذي ما انفك يمارس بشكل فاضح في مجتمعاتنا، وقد سقط ضحيته ثلة من براعم كويتنا بين صريع وجريح؟!»
وأضاف: وتحت هذه الغمامة السوداء نلمس ما يعانيه الأطفال من أيام عجاف، أتت على صبرهم هدّاً، ولعى حملهم فزعاً، فبين التجهم والعبوس والتنكيل والتقتيل، يرزح الصغار تحت ألم الجفاء، بما يرتد على تيههم تيهاً وتلاقي البراءة من الزراية ما لا يجد الطفل منه خلاصاً إلا بالاستسلام للصمت الأبدي، فبالأمس القريب قضت روح بريئة، ومن قبلها ذهبت أرواح أخرى تحت وقع التعذيب.
دور الأسرة
وشدّد على أهمية الأسرة في حياة الشعوب، بوصفها تمثل من أي مجتمع طبقته الأساسية، وفي رحابها يجد الفرد سكنه وحمايته وأنسه وأمنه، ومن خلالها تتكامل شخصيته في سد رمقه من الحاجات الأساسية التي يصبو إليها بفطرته التي جُبل عليها، من ان يكون له زوج يسكن إليه، ونسل يأنس به، لتعود الدائرة إلى مركز انطلاقتها ملياً، فيسعى الفرد إلى أحضان والديه. وذكر ان الأسرة تحافظ على دورة الحياة الطبيعية، ومن هنا كانت هي الخلية الأكثر أهمية في جسم المجتمع.
تفاصيل الجريمة
وتطرّق العوض إلى تفاصيل الجريمة بالقول: «ها نحن اليوم نندب طفلة طوتها أيدي المنون في ليلة؛ ملؤها بكاء وأنواء، حتى طالت وطال بها سهد الفتاة، التي ما كانت تدري الفقيدة ما يحيكه السواد لها، حتى غالها الغدر، في واقعة كادت لها السماء تنفجر غضباً كالبركان.
وعبّر العوض عن الحزن والأسى، قائلاً: لهف قلبي فاطمة، كيف كنت لأمك في عشقها الممنوع أسمن قربان، كيف نصبت لك شرَكاً، كيف أسلمتك لخاطف الآجال؟! فما استقرت المغدورة بينه براثنه، حتى حلق بها رزءاً وحط بها على الهوان، مُحكِماً قبضته عليها، فندت من بين الضلوع الوهينة انه مزقت من الصبر كل شريان، تناوشتك يا زهراء الحتوف اسرافاً في جسمك من عذاب وتنكيل، فلا أب هناك يستذرى بجنحه، ولا أم ترد العدوان، فأنت من الأيام الطويلة في ألم، ومن النجاة في خذلان.
وخاطب الضحية: يا اخت الرياحين مروع، ألا وداعاً عروس الأحزان، غداً المعاد عند الديان، «لتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون».
أين الرحمة؟
وأضاف مخاطباً المتهمين: وانتما أيها المجرمان اللذان انتزعت الرحمة من قلبيهما، كيف وجدتما لعبة الموت في عصفورة لم تعرف من فن البقاء إلا البكاء؟ كيف كان صوت العظام الواهنة وهي تتحطم على اسفين العذاب؟ كيف كان عصف البكاء وفاطمة تسحق بالحذاء؟ كيف خبا نور عينها وهي ترى رجاءها يتبدد في الفضاء؟!
وتابع شارحاً وقائع الدعوى، قائلاً: لئن كانت طاقة الإنسان تعيا بسرد واقع الدعوى كما هو، فإن الأمانة التي تطوق أعناقنا تحملنا إلى استقرائه، حدثاً وظرفاً، زماناً ومكاناً، ترتيباً إلى الصورة النهائية التي اطمأنت إليها النيابة العامة، لتتضح عبرها ملامح تلك الليالي المعتمة، التي زاد على ديجورها بؤس المغدورة، ويعود الزمان بالواقعة إلى شهر أو ما يزيد على تاريخ وفاتها، فيما اعتاد عليه المتهمان من موالاة الضرب والتنكيل بالمجني عليها، وذلك عندما اصطحباها بسيارة والدتها، وضرباها في نواح متفرقة من جسدها، ووسمها المتهم على كلتا يديها بولاعة تلك السيارة، مستغلاً سيطرة المتهمة على الطفلة المسكينة.
يضاف إلى ذلك ما عانته المغدورة من شذوذ أتى على إنسانيتها حطاً، وذلك فيما وجه به المتهم المتهمة من خلال محادثة هاتفية مصورة بينهما، – من ضرب «بنيتها» على رأسها، وتجرعها ما حشرته في فمها، فلا تكاد تسيغه الفتاة، لتتقيأ هوانها مع الآلام، محدثين بها إصاباتها الموصوفة بتقارير الطب الشرعي المرفقة.
المأساة تتوالى
وسردت النيابة المأساة، مشيرة إلى أنه لما جاء ليل الخامس من أغسطس سنة 2017، وهي الليلة الموعودة على ما تبقى من ساعات الطفلة المسكينة المعدودة، إذ اصطحبها المتهمان في سيارة المتهم (ح.أ)، قاصدين مكاناً نائياً، لتنفيذ خطتهما، فتوقفا بالسيارة، وانهال المتهم ضرباً على فاطمة، بكل ما أوتي من عزم وقوة، موجهاً لكماته إلى وجهها، وبطنها، وظهرها وممسكاً بجسدها الطاهر بين يديه – الملوثتين بذنبه – ليحطمها تارة باستخدام أدوات السيارة كــ(المقود، وناقل الحركة، والمسطح الأمامي، والزجاج الأمامي)، وسحقاً بالأقدام.
واضافت النيابة: كان المتهم كلما فتر ألقى الضحية في جحيم شريكته المتهمة. لتكمل هي الاخرى قصة الموت، فضربت بنيتها غير مرة، وأحكمت سيطرتها عليها، لتمكن المتهم منها، فهي له بمنزلة الصالب للجلاد. ولم يكتف المتهم بهذا، فترجل من المركبة وبصحبته المجني عليها فركلها على ظهرها وبطنها، وعاد بها مرة اخرى الى السيارة واعتصر جسدها بين ذراعيه بقوة، حتى انسلت روح الفتاة من بين الجروح، تاركة في إثرها بقايا من أكدارها والأنين، ثم سقطت كأوراق الخريف. فأدركت المتهمة أن الروح من ابنتها في وداع.
نقل الجثمان
ثم ألقى المتهم جثمان الطفلة فاطمة على المقعد الخلفي للسيارة، وانطلق برفقة المتهمة الى سيارة الأخيرة، فنقلاها فيها، لتعود المتهمة إلى منزلها حاملة ذلك الجثمان بين يديها، فأسجتها على ظهرها وألبستها لباسا آخر، موهمة ذويها بأن اصابتها نتجت عن فرط لهوها، وبأنها في حالة إغماء، وكل ذلك في سبيل اخفاء جريمتها والمتهم.
بيد ان المتهمة ما لبثت أن هاتفت غرفة العمليات لتبلغ عن حالة ابنتها، فانطلق إليها المسعف بمستوصف العدان (الشاهد الأول) وأبصر المجني عليها وقد فارقت الحياة، وهي مسجاة على ظهرها في بهو المنزل، وعلى وجهها آثار العذاب، فالتفت شطر المتهمة مستفهما عما ألم بالفتاة، فتعللت بفرط لهو الفتاة تارة، وتارة أخرى بضربها من شقيقها الأصغر، فتشكك في روايتها، مبلغا عمليات الشرطة بشبهة جريمة القتل.
وأشار وكيل النائب العام الى أن ما جرى على الطفلة ليس إلا اجراما في إجرام.