الموصل نكبة القرن الواحد والعشرين

بقلم: عمر الحلبوسي
” صحفي وكاتب سياسي عراقي مستقل ”
في ظل الصمت الدولي على ما يحدث في العراق من جرائم بحق الشعب العراقي عامة وسنة العراق خاصة الذين صب جل الإجرام الحكومي و الدولي عليهم حتى أضحوا غرباء في وسط مناطقهم التي حولها الأعداء لأطلال من الركام المتناثر يظم تحته جثث الآلاف من الشهداء الذين قضوا جراء القصف الجوي والمدفعي من قبل المحررون الجدد الذين ارتكبوا أبشع الجرائم بحق سكان مناطق السنية المنتفضة منذ عام 2003 ضد الحكومة المنصبة على العراق و التي تقبع في المنطقة الخضراء التي أضحت منطقة تظم الفاسدين و مقر التآمر على الشعب و نهب ثرواته وسحقه بالة الحرب الظالمة.
فعلى الرغم من مرور ما يقارب عام ونصف على سيطرة القوات الحكومية والمليشيات على مدينة الموصل التي شهدة أكبر مجزرة في العالم بعد الحرب العالمية الثانية , فقد استخدمت القوات المهاجمة للموصل أفتك أنواع الأسلحة كان عدد منها محرم دوليا في قصف الموصل الذي قتل البشر و دمر الحجر و أحرق الشجر و هجر من بقي حياً من سكان الموصل في مخيمات الفصل العنصري في العراق التي نصبت لاحتجاز سنة العراق بلا خدمات صحية و بلا إغاثة من قبل الحكومية التي تسلطت على الشعب.
فيوميا تتكشف الموصل عن مجازر بشعة أغلب ضحاياها هم من المدنيين الأبرياء الذين دمر القصف الوحشي منازلهم على رؤوسهم , فقد تجاوز عدد الشهداء في الموصل أكثر من 45 ألف شهيد مدني أغلبهم من النساء و الأطفال و أكثر من 150 ألف جريح و هذه إحصائية غير كاملة فهناك حالات لم يتم احصائها من قبل الصحة و الدفاع المدني الهش في الموصل.
أما أطفال الموصل فهم الأكثر تضرراً من جراء هذه الحرب الإجرامية التي كانت تحت شعار القضاء على الإرهاب وتحرير المدينة من داعش لكن سرعان ما تكشف أن الحرب على الموصل كان الهدف منها ليس داعش كما هو معلن, بل الهدف هو سحق سكان المدينة لثارات طائفية ودينية رفعتها القوات المتعددة الديانات و الولاءات التي شاركت بتدمير الموصل , فقد أحصي في الأيام الأخيرة لمعركة الموصل فقدان أثر أكثر من 10 الآلاف طفل موصلي أثناء عملية النزوح حيث كانت القوات الحكومية وكذلك داعش تطلق الرصاص الحي صوب النازحين لترهيبهم أو قتلهم مما أدى لحصول فوضى عارمة فقد الآلاف الأطفال و لم يعرف مصيرهم , كما سجلت الموصل إصابة أكثر من 100 ألف طفل موصلي بين إعاقة جسدية أو إعاقة نفسية جراء الحرب التي فتكت بالمدينة و أوقعت فيها كارثة إنسانية كبيرة لم يشهد التاريخ مثلها في تاريخنا المعاصر.
أما المخطوفون والمعتقلون فهذه قضية كبرى لم يفك لغزها إلى الآن , فقد سجل الآلاف من الرجال في الموصل اختفائهم بعدما اعتقلتهم القوات الحكومية بحجة التدقيق الأمني و أختفى أثرهم بين السجون الحكومية و أجهزتها الأمنية المتعددة التي تمتلك كل واحدة منها سجونها الخاصة و تعمل وفق قانون خاص بها لم ينص عليه عرف أو قانون حكومي, أما سجون المليشيات المدعومة من إيران فقد اخفي فيها الآلاف من المعتقلين الأبرياء الذين لم يعرف مصيرهم وكان قد أشرف عدد من قادة الحرس الثوري الإيراني على معسكرات تابعة لمليشيات الحشد في أطراف الموصل على عملية اعتقال الرجال و استجوابهم تحت التعذيب , كما أعلن جهاز الأمن الوطني لوحدة قائمة تظم 100 ألف مطلوب من سكان الموصل بتهمة داعش وهذه القوائم تخضع لتصفية حسابات على أساس طائفي وقبلي و عداوات سابقة لكون الأجهزة الحكومية في العراق المدنية والحكومية تخضع للعنصرية الطائفية وقبلية والمناطقية و استغلت من قبل القائمين عليها لاستهداف كل من لا يواليهم بحجة الإرهاب على الرغم من براءة الأشخاص المستهدفين في أغلب الحالات.
ومع تقادم الأيام تتضح يوميا معالم جرائم بشعة تلاحق من بقي حياً من أهل الموصل تتعدد هذه الجرائم بين التصفية الجسدية وبين الخطف ومساومة عائلة الضحية على دفع فدية مالية كبيرة مقابل إطلاق سراح الشخص المطلوب وبين عمليات سطو مسلح تقوم بها عناصر مليشيا الحشد و القوات الحكومية التي ارتكبت جرائم سطو مسلح استهدفت أصحاب محال الذهب و الصيرفة و تجار الجملة الذين وقعوا ضحية عصابات إجرامية تستهدف الأشخاص الأثرياء بغية الحصول على الفدية, وتعد هذه العمليات الإجرامية بمثابة تجارة رائجة تقوم بها هذه القوات الإجرامية بدعم و تستر من أشخاص متنفذين في الدولة بمراكز حكومية عسكرية و مدنية.
إن ما عاشته وتعيشه مدينة الموصل اليوم نكبة حقيقية تستدعي كل من له ضمير حي في هذا العالم أن يقف الموقف الجاد لإنقاذ من بقي حيا ً من سكان الموصل من الجرائم المليشياوية, وكذلك انقاذ اطفال الموصل الذين فقدوا عوائلهم من سطوة المليشيات التي تسلطت على الموصل و تحاول أن تستخدم هؤلاء الأطفال في عملياتها الإجرامية من قتل و تجارة بالمخدرات , كما يتطلب موقف حقيقي من كل المنظمات الحقوقية لإنقاذ المعتقلين والمخطوفين في الموصل من أيدي المجرمين قبل تصفيتهم, وحتى المدنيين القاطنين في الموصل فهم عبارة عن مخطوفين محتجزين في منازلهم الذين تتربص بهم المليشيات بغية التعدي عليهم و ارتكاب الجرائم بحقهم.