المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مثبتةاقتصاد

المدير المرفَّه لا يعبأ كثيراً بالآخرين

ما تأثير الترف والرفاه على الادراك البشري وصنع القرار؟ وفقا لبحث جديد، يبدو أن هناك صلة بين الرفاهية والمصلحة الذاتية، ويقدم البحث، الذي أعده روي واي جي تشوا بالشراكة مع شي زو من كلية لندن للأعمال بعض الأفكار التي قد تساعد على كبح تجاوزات الشركات.
هل الناس الذين يسافرون في سيارات فاخرة وطائرات الشركات الخاصة مختلفون على المستوى النفسي عن باقي الناس؟ هل توافر السلع الفاخرة يجعل من الأفراد أقل قلقا أو مراعاة للآخرين؟ يبدو أن الجواب من البحوث الجديدة هو نعم.
يشير روي تشوا، البروفيسور في هارفارد و زي زو، أستاذ مساعد في كلية لندن للأعمال، الى أن السلع الفاخرة لها تأثير مهم على السلوك البشري الذي أصبح واضحا الآن، وقد يكون له آثار على معالجة استمرار الخيارات البغيضة عند المديرين التنفيذيين المحلقين عاليا في وول ستريت على سبيل المثال.
ووفقا لما ذكره تشوا، فقد خلص بحثهما الى أن «الأشخاص الذين يفكرون في الترف والفخامة قبل مهمة اتخاذ القرار لديهم ميل أكبر الى تأييد القرارات ذات المصلحة الذاتية التي قد تضر الآخرين.
ويطرح الباحثان في دراستهما الأسئلة التالية «هل سيصل اجتماع العمل نفسه الى قرارات مختلفة عندما يعقد في منتجع فاخر بدلا من قاعة مؤتمرات متواضعة؟»، «هل يقدم المديرون التنفيذيون الذين يستخدمون مرافق مكتبية مكلفة وطائرات فاخرة في الشركة على اتخاذ قرارات مختلفة عن أولئك الذين لا يفعلون ذلك؟ في هذا العصر الذي يشهد تجاوزات وول ستريت، تعزز هذه الأسئلة فهمنا لماذا يستمر بعض الناس في وضع مصالحهم الخاصة على الآخرين، حتى في الأوقات الاقتصادية الصعبة».
تشوا، الذي تعتمد أبحاثه على علم النفس البشري من أجل فهم أفضل للعمليات الاجتماعية المهمة في المؤسسات والشركات، يوضح المزيد عن النتائج التي خلص اليها البحث.
يقول روي تشوا أنه أجرى تجربتين لاستكشاف العلاقة النفسية بين مفهوم الرفاهية والمصلحة الذاتية. في التجربة الأولى، طلب من المشاركين الاجابة عن سلسلة من أسئلة صنع القرار المتعلقة بالأعمال التجارية، والتي تم تصميمها للاستفادة من المدى الذي يضع فيه الناس المصالح الذاتية (تعظيم الأرباح للشركة) فوق مصالح المجتمع. ومن الأمثلة على ذلك سؤال المشاركين عن مدى احتمال تأييدهم لتصنيع نموذج جديد لسيارة يمكن أن يحقق أرباحا هائلة، ولكن يمكن أن يلوث البيئة. قبل الاجابة عن هذه الأسئلة، طلب من نصف المشاركين تقييم المنتجات الفاخرة، في حين قيم النصف الآخر بدائل أرخص. ووجدنا أن الناس الذين يفكرون في الترف والفخامة قبل مهمة صنع القرار لديهم ميل أعلى لتأييد القرارات ذات المصلحة الذاتية التي من المحتمل أن تضر الآخرين.
وأدت هذه النتائج الى التساؤل عما اذا كان الأفراد المترفون والنزاعون الى الرفاهية هم ببساطة مهتمون بأنفسهم أو أنهم أكثر ميلا لايذاء بالآخرين.
ويشير هذا النمط من الاستنتاجات الى أن الأفراد ذوي الترف والفخامة لم يكونوا أكثر عرضة للادراك المعادي للمجتمع، ولكنهم كانوا أقل احتمالا لأن تكون لديهم أفكار مؤيدة للمجتمع. وبعبارة أخرى، عند التفكير في الترف، يميل الناس الى التركيز أكثر على أنفسهم وأقل على الآخرين.
ويضيف تشوا الى أن نتائج البحث لم تكن مثيرة للدهشة بقدر ما هي تنويرية. ويضيف «كنا نتوقع علاقة بين الرفاهية والمصالح الذاتية. ومع ذلك، غالبا ما يتم الخلط بين السلوكيات الذاتية والمصالح التي تضر بالآخرين (مثل بيع منتجات منخفضة الجودة قد تكون ضارة للمستهلكين). توضح دراستنا الثانية الى حد ما الديناميات النفسية التي تنشأ عن الترف. فالرفاهية لا تحث بالضرورة على الحاق الأذى بالآخرين، بل تتسبب ببساطة في أن يكون المرء أقل اهتماما أو مراعيا للآخرين.
اذن كيف تساعد تلك النتائج على فهم الجشع؟ هل هناك عقلية مختلفة الآن للشركات والمديرين التنفيذيين للتغيير وليصبحوا أكثر مسؤولية اجتماعيا وأخلاقيا؟
يقول تشوا في بحثه إنه في خضم الأزمة الاقتصادية العالمية، غضب الناس من المديرين التنفيذيين ذوي الأجور المرتفعة الذين يعيشون في حضن الفخامة مع الاستمرار في اتخاذ القرارات التي تخدم المصالح الذاتية وتتجاهل محنة الآخرين. حتى الآن، على الرغم من الكثير من الغضب الشعبي والتهديد بفرض تنظيم أكثر صرامة على الصناعة المالية، لا يبدو أن هناك أي تغييرات جوهرية في عقلية العاملين في القطاع المالي ولا يزال المصرفيون يخططون لمكافآت كبيرة لأنفسهم.
أحد التفسيرات الشائعة هو أن هؤلاء المديرين التنفيذيين يفتقرون الى البوصلة الأخلاقية، مما يؤدي بهم الى الاهتمام بأنفسهم فقط الى حد ايذاء الآخرين. لكن نتائجنا تقدم منظورا آخر، فهؤلاء المديرين التنفيذيين المحاطين بالرفاهية لم يساعدوا على اتخاذ قراراتهم لتكون «أكثر توجها نحو الآخر». ومع ذلك، فان قراراتهم «غير الأخلاقية» على ما يبدو لا تنبع كثيرا من رغبة حقيقية في ايذاء الآخرين بل تنبع أكثر من الانغماس في الذات.
ربما الى جانب الحد من حجم العلاوات، قد يكون الحد من تجاوزات الشركات والرفاه خطوة نحو جعل المديرين التنفيذيين يتصرفون بمسؤولية أكثر.
ويشير تشوا الى أنه ينبغي أن تبحث الأبحاث المستقبلية أيضا الآليات التي تعمل من خلالها السلع الفاخرة على تنشيط المصالح الذاتية. ونفترض أن هناك عدة آليات محتملة يمكن أن تشارك في العملية.
وقد يؤدي التعرض للسلع الفاخرة الى تفعيل عرف اجتماعي مناسب للسعي وراء مصالح تتجاوز المستويات الأساسية، حتى على حساب الآخرين. كما أن التعرض للرفاهية ربما يؤدي الى زيادة الرغبة الشخصية بشكل مباشر عند الناس ما يجعلهم يركزون على منافعهم الخاصة مثل اعطاء الأولوية للأرباح على حساب المسؤوليات الاجتماعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى