«المحاسبة»: الكويت بلا إستراتيجية لصيانة البنية التحتية

تزامناً مع كارثة الأمطار، وما كشفته من خلل في جميع المشاريع المختلفة، سلط تقرير ديوان المحاسبة بشأن متابعة توصيات تقييم كفاءة وفعالية نظام الصيانة العامة للطرق غير السريعة في البلاد، الضوء على كثير من نقاط الخلل أبرزها عدم توافر إستراتيجيات عامة لصيانة تلك الطرق.
وكشف التقرير الصادر في يناير2017 عن عدم توافر برامج صيانة وقائية معتمدة لأعمال صيانة الطرق يمكن متابعتها من خلال تقارير الإنجاز واستمرار اعتماد وزارة الأشغال في تحديد حالة الطرق على الأساليب التقليدية التي لا تتم وفق أسلوب ومنهج علمي شامل محدد الخطوات لمعرفة حالة الطرق واحتياجاتها بعد إجراء حصر لها وتوفير معلومات متكاملة بشأن تقييم مستوى أدائها.
ولفت التقرير إلى استمرار تنفيذ العديد من أوامر العمل على عقود الصيانة العاجلة والطارئة والمتفرقات للطرق لا تنطبق عليها صفة الاستعجال، وإنما يمكن إدراجها في عقود صيانة عادية للطرق والساحات.
فجر تقرير {المحاسبة} مفاجأة بتأكيده أنه على الرغم من أهمية مشروع تحديث النظام المتكامل لإدارة صيانة البنية الأساسية للكويت الذي ورد في برنامج عمل الحكومة للفصل التشريعي الثاني عشر (2008 / 2012 ) في المحور التاسع والخاص بالطرق والصرف الصحي فإنه لم يتم تنفيذه ولم يدرج في برنامج عمل الحكومة في الفترة من 2013 وحتى 2017.
وأكد أن ذلك حد من قدرة الوزارة على وضع خطط واستراتجيات متكاملة لبرامج الصيانة وتحديد الأولويات والانتقال من ممارسة الصيانة العلاجية إلى الصيانة الوقائية، إضافة إلى عدم ادراج مشاريع تخص قطاع هندسة الصيانة.
جملة مآخذ
ومن المآخذ كذلك استمرار عدم تحديد الأطوال والمساحات من الطرق والشوارع المقترحة صيانتها ضمن البرنامج المقترح والاكتفاء باسم الطريق أو رقم القطعة وكذلك عدم تحديد المدة الزمنية التقديرية لآوامر العمل المدرجة.
وأشار إلى استمرار استحواذ بند ما يستجد من أعمال في البرامج المقترح على نسب مرتفعة بلغت نحو %37 من إجمالي التكلفة التقديرية للبرامج المقترحة في عقود الصيانة وهو ما يشير إلى مبالغ تمثل أهمية نسبية كبيرة من تكلفة العقد التقديرية لم يتم إدراج أوامر عمل مقترحة لصرفها.
ولفت إلى عدم الالتزام بتنفيذ أوامر العمل في البرنامج المقترح بنسبة %89 من عدد العقود محل الفحص والبالغة 9 عقود وقد تراوحت نسبة عدم الالتزام ما بين %22 للعقد رقم 270 و%87 للعقد 295 ما يشير إلى قصور في تنفيذ أوامر العمل بمعظم العقود عن المقترح بالبرنامج وانحراف بالتكلفة الفعلية عن التقديرية لتلك العقود بنسب تراوحت بين %40 انخفاضاً وارتفاعًا للعقدين 307 و294.
وتطرق التقرير إلى تنفيذ عدد كبير من أوامر العمل غير المدرجة ضمن البرنامج، مما يتبين معه عدم دقة الدراسات المسبقة التي تحدد حالات الطرق التي تحتاج الصيانة أو طول الفترة الزمنية بين التخطيط والتنفيذ.
أوامر العمل
وأوضح أن تقارير أوامر العمل الصادرة أظهرت تجاوز التكلفة الفعلية لآوامر العمل المنفذة عن التكلفة التقديرية بنسب مرتفعة وصلت إلى %631 و%226 للعقدَين 294 و307 على التوالي ما يشير إلى عدم دقة التكلفة التقديرية المدرجة في البرنامج المقترح، إضافة إلى استنزاف قيمة العقد المالية في أوامر عمل قليلة مما يترتب عليه عدم تغطية أعمال الصيانة لأوامر عمل أكتر واستنفاد الاعتمادات المالية لبعض العقود قبل انتهاء المدة الزمنية بما يتعارض مع الغرض من استخدام هذه العقود في تنفيذ أعمال الصيانة على المدى الزمني لها.
وفي ما يتعلق بتقييم كفاءة نظام صيانة الطرق أكد التقرير استمرار ضعف مستويات الاستفادة المثلى من نظام إدارة عمليات الصيانة المتكاملة في البلاد لاسباب تتعلق بسوء تقدير الاحتياجات المستقبلية من البرنامج والشركة المنفذة له.
تحديث البيانات
وذكر أن استمرار عدم تحديث بيانات شبكات الطرق بصورة مستمرة وعدم الاعتماد على البيانات التاريخية للنظام في استخراج شهادات الدفع لأعمال الصيانة المنفذة أدى إلى انخفاض كفاءة النظام المستخدم من قبل مكتب عمليات البنية التحتية.
وأشار إلى تجاوز المدة الزمنية الفعلية لإنجاز أوامر العمل خلال المدة التعاقدية لعدد 4 عقود صيانة عامة للطرق والساحات من أصل 6 عقود التي تم اختيارها من قبل القائمين على التقرير بواقع عقد لكل محافظة بنسب تراوحت بين %11 و%135 مما يتسبب في تأخر الاستفادة من الخدمة بالطرق والتأثير السلبي على مستخدميها.
ولفت إلى الانتهاء من %50 من أوامر عمل العينة المختارة من العقود في التاريخ التعاقدي في حين تراوحت نسبة الانحراف عن المدة الزمنية ما بين انخفاض بنسبة %47 وارتفاع بواقع %441، مشيرًا إلى أنه على الرغم من تعديل الكلفة التقديرية في %89 من أوامر العمل فإنها انتهت جميعها بأقل من التكلفة التقديرية قبل الزيادة ما عدا أمر عمل واحد، وتراوحت نسبة الانحراف عن الكلفة التقديرية ما بين انخفاض بنسبة %42 وارتفاع بنسبة %2.7.
ارتفاع تكلفة تنظيف شبكة المطر
أثبت التقرير ارتفاع التكلفة الفعلية لبند تنظيف شبكات الأمطار بنسبة %27 عن التكلفة التقديرية في البرنامج المقترح وتراوح نسبة الانحراف في التكلفة الفعلية ما بين انخفاض بنسبة %43 وارتفاع بنسبة %281، مشيرا إلى أن نسبة الصرف على تنظيف شبكات الأمطار بلغت %10 من إجمالي العقود محل الفحص، وتراوحت نسبة المنصرف على تنظيفها بين %3 و%26 للعقود محل الفحص.
أين المعايير؟
أشار التقرير إلى استمرار عدم توافر معايير محددة لصيانة الطرق حيث تستند إلى مدى حاجة الموقع لأعمال الصيانة سواء السطحية أو الجذرية ويتم بناء على الكشف البصري الدوري على المواقع والتصوير التلفزيوني بالنسبة للشبكة الصحية والأمطار، إضافة إلى شكاوى الأهالي أو متطلبات الجهات المختلفة أو تقارير المركز الحكومي للفحوصات.
برامج الصيانة
اشار «المحاسبة» إلى أن البرامج المقترحة لعقود الصيانة العامة للطرق قبل الطرح ليست إلا برامج تقديرية واسترشادية للصيانة الدورية التي تخضع لها المناطق يتخللها ما يطرأ من أعمال تتطلب الاستجابة الفورية في حينه.
وذكر أن القيمة يتم تقديرها بالكشف على الموقع إلا أنها تختلف في بعض الأحيان لظهور مستجدات وعوائق وخدمات وزارات أخرى غير ظاهرة وقت تقدير التكلفة المبدئية للأعمال.
أبرز التوصيات
وضع التقرير العديد من التوصيات أهمها:
1- استخدام أسلوب ومنهج علميين يوفران بيانات ومعلومات أساسية عن حالة الطرق.
2- تحديد أعمال الصيانة المستقبلية والإسراع في التنسيق مع الجهات المعنية.
3- تحديث النظام المتكامل لإدارة صيانة البنية الأساسية.
4- العمل على إعداد برنامج مقترح للصيانة لكل عقد من العقود.
5- الحد من تنفيذ أوامر العمل غير المدرجة في البرنامج المقترح.
6- توزيع أعمال الصيانة على المدة الزمنية للعقد وعدم استنفاد الاعتمادات المالية.
7- دراسة أسباب تجاوز التكلفة الفعلية لبعض أوامر العمل التكلفة التقديرية بنسب عالية.
8- وضع معايير عمل تحدد أعداد العاملين ونوعهم من الوظائف الفنية في إدارات صيانة الطرق والشبكات.
9- دراسة كيفية معالجة تأكل الطبقة الاسفلتية الناتج عن الاستخدام المفرط للمياه أو الاسباب الأخرى.
الطرق الداخلية متآكلة
في ما يخص التحقق من مدى كفاءة صيانة الطرق عبر الزيارات الموقعية لعينة مختارة قال التقرير: تبين أن الشوارع الرئيسية لقطع المنطقة بحالة جيدة، أما الشوارع الداخلية للقطع فقد لوحظ تآكل وتطاير الطبقة السطحية من الأسفلت، وذلك بسبب كثرة استخدام المياه من المساكن الخاصة.
جملة معوقات
أشار ديوان المحاسبة إلى أن قطاع هندسة الصيانة يواجه العديد من المعوقات عند تنفيذ الأعمال منها التنسيق مع الجهات ذات العلاقة وتعارض الخدمات والظروف الجوية والتعامل مع الجمهور وبطء الدورة المستندية.
القصور لسنوات
صدر تقرير المحاسبة في يناير 2017 لمتابعة التوصيات الصادرة عن تقرير تقييم كفاءة وفعالية الصيانة العامة للبلاد، الذي أصدره الديوان في 2011 إلا أن التقرير الأخير أثبت استمرار القصور بلا معالجة.