المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار المملكة

المتاحف الخاصة في كنَف رعاية ودعم الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني

لأنها “بانوراما” الحضارات و”حدائق” الذكريات ، ودوواين الأمجاد والثقافات ، فقد ارتبطت المتاحف برباط وثيق بالمجتمع، كما أصبحت مرجعًا أساسيًّا للمؤسسات العلمية والثقافية في كل بلد أدرك قيمة تراث آبائه وأجداده، وفي مقدمة هذه البلاد المملكة العربية السعودية التي وضعت المتاحف في مقدمة اهتماماتها، مدركة دورها الثقافي في خدمة المجتمع وفي الحفاظ على إرثها الحضاري المميز الذي يتربع في مقدمة الحضارات البشرية كلها.

من هذا المنطلق، تعكف الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني على توعية المواطنين بتاريخ بلدهم وحضاراته، وتتوسع فى تشييد المتاحف فى المناطق والمحافظات لهذا الغرض، بل تعمل على تطوير المتاحف القائمة لتتناسب مع التطورات العصرية الحديثة، وتتبع كل السبل التى تساعد فى توعية المواطن وتعريفه بحضارات المملكة وتثقيفه بجذور هذه الحضارات وامتدادها إلى بواطن التاريخ الإنساني الموغل في القدم.

ولا شك أن الاهتمام بالتراث الحضاري للمملكة لا ينحصر فقط في الكيانات المؤسسية الحكومية أو الخاصة، بل تعداه للاهتمام الفردي؛ ما نتج عنه نشوء العديد من المتاحف الخاصة في جميع مناطق المملكة، أنشأها مواطنون عاشقون لتراث بلدهم وحضاراته، فجمعوا ما استطاعوا من مقتنيات وعرضوها في متاحفهم التي أشرعوا أبوابها للجمهور ليشاركوا في توعية مجتمعهم بتراثه المتميز.

وفي إطار جهودها الهادفة إلى المحافظة على التراث الوطني والعناية به، تقوم الهيئة العامة للسياحة والآثار بدعم المتاحف الخاصة وفق شروط محددة مرتبطة بجودة الأداء، وبحسب المعايير التي وضعتها الهيئة ضمن اشتراطات تصنيف فئات المتاحف الخاصة؛ لتكون مؤهلة للحصول على ترخيص من الهيئة يؤهلها لمزاولة نشاطها المتحفي واستقبال الزوار، وأيضًا لتكون مؤهلة لتلقي الدعم الفني الذي تقدمه الهيئة، وكذلك الدعم المادي في المستقبل، ويسهم التواصل بين الهيئة وأصحاب المتاحف الخاصة في تفعيل الدور الذي تقوم به تلك المتاحف من خلال تطوير العروض المتحفية، وتحسين الأداء، وتحقيق مقومات الأمن والسلامة للمتاحف الخاصة ومرتاديها؛ ما يجعلها مهيأة للزوار ومؤهلة للترويج السياحي.

الهيئة.. رعاية ودعم

وانطلاقًا من مسؤوليتها عن التراث الوطني والمحافظة عليه والعناية به وتطويره وتنميته، فإن الهيئة حددت مسؤولياتها عن المتاحف الخاصة في مجموعة من المحاور الرئيسة، تتمثل في منح الترخيص اللازم لأصحاب المتاحف الخاصة لممارسة مهامهم تحت مظلة الهيئة، ومساعدة أصحاب المتاحف الخاصة في الرقي بمنتجهم السياحي، وتقديم المساعدة الفنية والإدارية لتسهيل قيامهم بواجباتهم ضمن المنظومة السياحية.

كما تتحمل الهيئة مسؤولية جعل المتاحف الخاصة ضمن المسار السياحي للمناطق أو المحافظات التابعة لها، مساعدة أصحاب المتاحف الخاصة في تطوير عروضهم من خلال عدد من البرامج التي تنفذها الهيئة لهذا الغرض، إضافة إلى ترويج الهيئة للمتاحف الخاصة في مطبوعاتها، وكذلك ضمن نافذة إلكترونية خاصة بهذه المتاحف على الموقع الإلكتروني للهيئة، يتضمن ذلك معلومات أساسية عن كل متحف، بالإضافة إلى عدد من الصور الخاصة به، وتوضيح كيفية الوصول إليه، كما تقوم الهيئة بالعمل على تنفيذ بوابة إلكترونية تعنى بالمتاحف الخاصة.

إجراءات الترخيص

فيما يتعلق بمنح التراخيص للمتاحف الخاصة، فقد وضعت الهيئة مجموعة من الاشتراطات التي يتوجب توافرها لاعتماد المتحف من قبل الهيئة والترخيص له، حيث يتقدم صاحب المتحف إلى الهيئة بطلب ترخيص لمتحفه الخاص، ويتم إفادة صاحب المتحف بالمتطلبات اللازمة للحصول على الترخيص، وتقوم الإدارة العامة للمتاحف بالتنسيق مع المالك لمعاينة المتحف وإعداد تقرير فني شامل عن المتحف بعد استكمال المتطلبات اللازمة، وبناءً على إعداد تقرير متكامل عن المتحف يتم رفع الطلب لسمو رئيس الهيئة، متضمنًا توصية بالموافقة على منح الترخيص للمتحف، وبعد صدور الموافقة يتم إصدار الترخيص للمتحف، ويصبح معتمدًا من قبل الهيئة لممارسة نشاطه، والاستفادة من الدعم الذي تقدمه الهيئة فنيًّا وإداريًّا، أو ماديًّا إذا تطلب الأمر ذلك في المستقبل، وقد منحت الهيئة حتى الآن تراخيص لـ (131) متحفًا من إجمالي المتاحف الخاصة بالمملكة.

مبادرة ملتقى أصحاب المتاحف الخاصة

وضمن الرعاية المذكورة تنظّم الهيئة ملتقى لأصحاب المتاحف الخاصة، ويأتي هذا الملتقى الذي وجه سمو رئيس الهيئة ‏بتنظيمه كل سنتين في منطقة من مناطق المملكة، في إطار تقدير الهيئة للدور الكبير الذي يقوم به أصحاب المتاحف ‏الخاصة ‏في مجالات الاهتمام بالتراث الوطني والعناية به، وذلك بالتعاون مع وزارة الشؤون البلدية والقروية، ووزارة التعليم، ووزارة ‏الثقافة ‏والإعلام، ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية، ووزارة البيئة والمياه والزراعة، وكلية السياحة والآثار بجامعة الملك سعود، ودارة الملك ‏عبدالعزيز، ‏ومكتبة الملك عبدالعزيز العامة، والبنك السعودي للتسليف والادخار، والمديرية العامة للدفاع المدني.‏

أقيم الملتقى الأول لأصحاب المتاحف الخاصة عام 1432هـ، في قاعة الملك عبدالعزيز للمحاضرات بمركز الملك عبدالعزيز التاريخي ‏في ‏الرياض، ودعت الهيئة أكثر من 160 من أصحاب المتاحف الخاصة، وكان عدد الحضور الفعلي 127، واتخذ الملتقى أكثر ‏من ‏‏(35) توصية، تهدف إلى تطوير ودعم أصحاب المتاحف الخاصة، وجرى تكريم عدد من أصحاب المتاحف المتميزة.

كما نظمت الهيئة الملتقى الثاني لأصحاب المتاحف الخاصة عام 1434هـ، في منطقة المدينة المنورة بالتزامن مع مناسبة المدينة المنورة عاصمة الثقافة الإسلامية، إضافة إلى احتفاء ‏المملكة ‏باليوم العالمي للمتاحف، الذي يوافق يوم 18 مايو من كل عام، حيث وجهت الدعوة إلى (131) من أصحاب المتاحف الخاصة للمشاركة في الملتقى ليجتمعوا مع مسؤولي الهيئة والجهات المعنية الأخرى ذات العلاقة بهدف ‏تبادل ‏الخبرات والتجارب، وإبراز ‏أهمية المتاحف الخاصة ودورها في بث الوعي بأهمية التراث ونشر الثقافة المتحفية بين أفراد المجتمع , وفي عام 1436هـ، نظمت الهيئة الملتقى الثالث لأصحاب المتاحف الخاصة في محافظة الأحساء بمشاركة أكثر من 80 مواطنًا من أصحاب المتاحف الخاصة.

رحلات استطلاعية

سعت الهيئة إلى  تمكين أصحاب المتاحف الخاصة من الاستفادة من تجارب الدول الأخرى في العروض المتحفية وتحسين الأداء وتحقيق الأمن والسلامة، وقد وجه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بتنظيم رحلة استطلاعية عام 1435هـ، إلى دولة الإمارات العربية المتحدة للاطلاع على تجربة المتاحف في كل من إمارة الشارقة وإمارة دبي، وشارك فيها 29 مواطنًا من أصحاب المتاحف الخاصة، وركزت الرحلة على مجموعة من الأهداف الرئيسية أهمها: الاطلاع على تجارب المتاحف في الإمارات، والتعرف على سبل الاستفادة منها, وإتاحة الفرصة للفريق الزائر لاستشعار مزايا التنمية السياحية، وقيمة المحافظة على التراث الحضاري من خلال مشاهدة تجارب ونماذج تطبيقية توضح الاستفادة المثلى من المتاحف بما يحقق تطوير متاحفهم ومقتنياتهم.

تسعى الهيئة في إطار اهتمامها بدعم وتطوير المتاحف الخاصة والتواصل مع أصحابها، إلى توفير الدعم المادي لها من خلال:

أولًا: الهيئة

•        التمويل من ميزانية الهيئة من خلال دعم الفعاليات التي تقام في المتاحف الخاصة والاستفادة منها.

•        توفير مواقع ومقار للمتاحف الخاصة في مشاريع القرى التراثية وتؤهل من خلال مشاريع تلك القرى وتأهيلها من ميزانية الهيئة.

•        إنشاء صندوق للمتاحف الخاصة يمول من الداعمين والرعاة.

•        استفادة المتاحف الخاصة من مشاريع الفنادق التراثية عند إنشائها، وذلك لتطوير موقع تلك المتاحف.

•        الاستفادة من الهبات والتبرعات التي تقدم من المتبرعين لغرض مخصص على أن يشمل متاحف منطقة بعينها.

•        تخصيص جزء من بند تطوير المتاحف لتقديم خدمات دعم فني وعيني لتطوير العروض المتحفية في تلك المتاحف.

•        الصرف من ميزانية الهيئة على دراسات وتصاميم العروض للمتاحف الخاصة لتطويرها، ويشمل ذلك إعداد النصوص وتنفيذ اللوحات.

•        تقديم مواد عينية خاصة بالعرض المتحفي من خلال ميزانية الهيئة.

•        الاستفادة من برنامج بارع (البرنامج الوطني للحرف والصناعات التقليدية) لعرض مقتنيات المتاحف الخاصة في إطار مشاريع القرى الحرفية ومراكز الإبداع.

•        التمويل من خلال تفعيل مشروع نظام الآثار الجديد عند إقراره.

•        تخصيص أماكن للمتاحف الخاصة في بيوت الأفراد الذين تنازلوا عن بيوتهم للهيئة لفترات زمنية طويلة لتقوم بتأهيلها والاستفادة منها.

•        تصميم وطباعة مطبوعات المتاحف الخاصة من الهيئة.

ثانيًا: الجهات الحكومية الداعمة

•        تطوير المواقع المحيطة بالمتاحف الخاصة من خلال مشاريع وزارات البلديات والنقل.

•        السعي لإعداد شريحة للماء والكهرباء خاصة بالمتاحف الخاصة بالتنسيق مع وزارة المياه والكهرباء.

•        التمويل من خلال بنك التسليف من خلال تفعيل الاتفاق معهم على اعتماد المتاحف الخاص مشروع خاص يجب دعمه، ويدخل ضمن القروض الشخصية وفق اللائحة.

•        توفير الأراضي لمشاريع المتاحف من خلال وزارة الشؤون البلدية والقروية استنادًا إلى تعميم وزير الشؤون البلدية والقروية رقم (3390) تاريخ 13/7/1432هـ.

ثالثًا: التمويل من خلال القطاع الخاص

•        مخاطبة البنوك التجارية لتقديم قروض ميسرة للمتاحف الخاصة في إطار أنشطتها المتعلقة بالتوعية الاجتماعية .

•        الاستفادة من المتاحف الخاصة كمنافذ بيع للإنتاج الحرفي، من خلال التعاقد مع شركات التسويق في هذا المجال.

•        تشجيع أصحاب المتاحف الخاصة على تسويق المواد والمنتجات التراثية الخاصة بمناطقهم داخل متاحفهم؛ ما يتيح لهم دخلاً إضافيًّا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى