«المباركية».. بيت أشباح الخميس!
يومُ الخميس سيكون مختلفا في سوق المباركية؛ إذ توعّد عدد كبير من أصحاب المحال بالإضراب عن فتح محالّهم، بعد إبلاغهم ـ من قبل الشركة الجديدة التي تدير السوق ـ برفع إيجارات محالهم، بنسب تتراوح ما بين 200 و350 و500 في المئة.
القصة بدأت قبل 6 أشهر ـ وليس في الأول من مارس ـ عندما تسلّمت شركة جديدة إدارة السوق من وزارة المالية.
فكما يؤكد أصحاب محال منتهية عقود إيجاراتهم أنهم فوجئوا بطلب رفع القيمة الإيجارية 4 أضعاف، وقد لبّوا الطلب، ودفعوا مقدما 3 أشهر، ولكن بداية مارس 2017 كانت المفاجأة الكبرى؛ إذ اكتشفوا أن الشركة التي رفعت عليهم الإيجار عقدها منتهٍ مع المالية، وهناك شركة جديدة لها طلبات، وهي مضاعفة قيمة الإيجار بنسب تتراوح بين 6 و10 أضعاف، وفق موقع كل محل.
القبس توجّهت إلى السوق، والتقت عددا من أصحاب تلك المحال، إضافة إلى عدد من روّاده، والذين اتفقوا على رفضهم الزيادة التي تم تحديدها من قبل الشركة، مؤكدين أنها ستتسبب في مشاكل وسلبيات كثيرة على السوق، من حيث مكانته وزبائنه وغير ذلك الكثير.
صاحب أحد المحال، أبدى استغرابه من حجم الزيادة التي تريد الشركة الجديدة تنفيذها على أصحاب المحال، متسائلاً: هل يعقل أن تتم زيادة إيجار محلي من 350 دينارا إلى 1500 دفعة واحدة؟
ورأى أن «الزيادة التي تريدها الشركة التي تدير السوق، من غير المقبول تطبيقها علينا، فنحن لا نمانع من أن تكون هناك زيادة من قبلها، بصفتها الشركة التي ستدير السوق بالسنوات المقبلة، ولكن ليس بالمستوى الذي أعلنت عنه».
500 في المئة
من جانبه، قال أشرف بن راشد: أمتلك 8 محالّ في سوق المباركية، منها 5 مفتوحة على بعضها، و3 محال في أماكن متفرّقة في السوق، وكان الإيجار الكلي لتلك المحال نحو 2460 دينارا، وستصبح مع الزيادة المقترحة من قبل الشركة التي تدير السوق 18 ألف دينار، بنسبة زيادة تصل إلى نحو 500 في المئة. وأكد أن التسعيرة الجديدة للمحال في السوق لا تتناسب مع طبيعتها ومدخولها الشهري، لا سيما أن أصحابها عليهم التزامات أخرى؛ كرواتب العمال وغير ذلك.
آثار كبيرة
والتقط أطراف الحديث أورنس العلي، الذي علّق قائلا: إن الزيادة المقترحة من قبل الشركة ستؤدي في حال تطبيقها إلى آثار كبيرة، ليس على أصحاب المحال وعمالها فقط، بل على روّاد السوق أيضا، فقد تحدث زيادة في أسعار السلع المتوافرة أمامهم.
بدوره، طالب الشاب عيسى الحمدان بالمحافظة على سوق المباركية كمعلم تراثي وتسويقي وترفيهي في الكويت، لا سيما أنه يعتبر من أبرز المواقع في البلاد، ويُقبل عليه المواطنون والمقيمون والسائحون على مدار العام.
وشدّد على ضرورة أن تكون إيجارات المحال متناسبة مع أصحابها، كي تبيع سلعها ومنتجاتها بأسعار مناسبة للزبائن، لا سيما أن أغلب المحال تبيع سلعاً ومأكولات شعبية.
الدفع والإخلاء
من جانبه، قال مدير مطعم آخر يُدعى محمد أبو الحمد: إن الخيار الآن ليس بين الدفع أو الإخلاء، وإنما بين زيادة الأسعار على زوّار المباركية أو ترك المحال.. بل بين بقاء السوق على حالته التراثية أو تطوير يستفيد منه بعض المستثمرين، وهو ليس في محله.
شبير حسين يبيع ملابس للأطفال يجلس أمام محله مهموماً، ويصارح القبس بأن ما حدث مثل القنبلة على رؤوس الباعة كلهم؛ فارتفاع الإيجار لا يكون بهذا الشكل أبدا، ولا بد من اعتبارات لنوعية زوّار السوق ولسمعته ومكانته.
وأكد أنه سيلتزم بإغلاق محله، ويظن أن سوق المباركية سيتحوّل إلى بيت أشباح.
تطوير السوق
بينت مصادر أن الشركة التي رست عليها مزايدة سوق المباركية ستدفع للدولة نحو 3 ملايين و670 ألف دينار سنويا، وعلى مدى 10 سنوات، في حين كانت تدفع الشركة القديمة 81 الف دينار في السنة. وستتولى الشركة أيضا تطوير البنية التحية للسوق.
ويرى مراقبون أن عملية التطوير لا تتناسب مع الايجارات السابقة للمحال، والتي أقرت منذ 20 عاما تقريبا، علما أن المساحة الإجمالية المعنية بالمزايدة تقارب 15 ألف متر مربع.
«سكِّر» أحسن لك
أثناء مرورنا على المحال رأينا أحد المشرفين على بسطة ملابس من الجنسية العربية، يحث زميله ممن يبيعون سلعاً منزلية بسيطة على أن يغلق البسطة غدا (الخميس)، ويقول له: «صدقني سَكِّر البسطة أحسن لك»، ويوافقه الآخر.
529 مأساة ومستسلماً
529 محلاً مهدّدة بتغيير هويتها ودفع أضعاف ما يربحونه فقط للإيجار الجديد، ولكن شخصا واحدا لم ينتبه، ووقّع على أوراق الشركة الجديدة؛ فعلم أن إيجاره سيكون من 1850 ديناراً سيدفع 8 آلاف دينار، بخلاف التأمين!
جيوب المواطنين
من 3240 لـ 68 متراً مربعاً إلى 21 ألف دينار.. هكذا يصرخ صاحب 6 محال، ويقول: من أين آتي بكل هذا؟ وهل عليّ مضاعفة أسعار الوجبات والعصير لعشرة أضعاف، كي يستريح المستثمر على حساب جيوب المواطنين؟!