اللا إنسانية في كويت الإنسانية.. بقلم: نايف عبدالهادي
يصعب على الإنسان الاعتراف بأخطائه أو أخطاء أفراد مجتمعه، خصوصا إذا كان يتشدق بمثالية مجتمعه التي تجعل من مثالية المجتمع الفاضل لأفلاطون مجرد نقطة في بحر مثالية مجتمعه، لأن هذه المكاشفة قد تخدش صورته التي يسعى لتحسينها دائما، لكن ما يحدث الآن في مجتمعنا من سلوكيات وأفكار يخجل هتلر لو كان في زماننا من ذكرها أو القيام بها، هو ما أجبرني على هذا الاعتراف بهذه التصرفات اللا إنسانية والكتابة عنها.
فقد أظهرت الأزمة الحالية قبيح ما هو مدفون في بعض أفراد مجتمعنا من عنصرية بغيضة، وسلوكيات تحتقر أي عرق يختلف عن عرقه (الآري)، فذلك المتطوع الذي يفخر بخدمته لوطنه، كيف سولت له نفسه أن يعتدي اعتداء وحشيا على العامل المسكين في محطة تعبئة الوقود، فهذا العامل الضعيف لا يملك حتى القدرة على التفكير في رد الإهانة، فهو مقيد بقوانين الرق الموجودة في قانون الإقامات، فلو دافع عن نفسه قد يجد نفسه مبعدا من البلاد، وإن فكر حتى في أخذ حقه بالقانون فسيجد الواسطات التابعة للجاني تحفظ الشكوى حتى قبل أن تحول القضية للمحقق، ويا لهف نفسي لو كان هذا الاعتداء هو حالة فردية عابرة في مجتمعنا، لكن هذه الأيام فقط انتشر أكثر من مقطع فيديو مماثل لما حدث في محطة تعبئة الوقود، وهنا أتساءل: ماذا لو كان عامل المحطة من إحدى الجنسيات الأوروبية التي تدافع عن حقوق مواطنيها؟ هل كان سيتصرف ذلك المتطوع بهذا التصرف الأرعن الوحشي؟
وأما عن حملة الأفكار العنصرية فحدث ولا حرج، فما نسمعه خلال أربع سنوات من تصريحات تصف إخواننا الوافدين بأنهم مجموعة من المرتزقة التي تسببت بتأخر الكويت عن ركب الدول المتقدمة، وجدت صدى جماهيريا.
والمضحك المبكي ما نشاهده من تعليقات وتغريدات حول التصرفات السيئة من قبل بعض أفراد الجاليات المقيمة في الكويت، فتجد بعضهم يخرج معجمه العنصري الخاص بالشتائم، ويصب جام غضبه على هذه الجالية ويعمم ما رآه من تصرف البعض على كل الوافدين.
خلاصة القول، لن تجد من يحبذ أن تظهر في مجتمعه هذه الأفكار السيئة وهذه الدمامل اللا أخلاقية، خاصة إن كان مجتمعا مسلما يعتقد بقيم دينه الحنيف الذي أوصانا بمكارم الأخلاق، والذي ساوى بين أفراده مهما اختلفت أعراقهم وألوانهم، ومقياس التفاضل الوحيد فيه هو التقوى.
أخيرا: لا يهم ما نفخر به من حملات التبرعات التي يتسابق بها أفراد مجتمعنا في نصرة المحتاجين طالما لا نستنكر هذه التصرفات اللاإنسانية، فيجب استذكار أن الله وصف بني إسرائيل بأنهم كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه، فإن لم تكن إهانة آدمية الإنسان منكرا؟ فما هو المنكر؟!