الكويت… متى تصدر سنداتها؟
مع دخول الربع الأخير من العام، يترقّب المحللون والاقتصاديون بدء دوران «عجلة» إصدارات السندات الخليجية.
وتتجه الأنظار تحديداً إلى المملكة العربية السعودية، والتي كان من المقرر أن تصدر في سبتمبر الماضي سندات تتراوح قيمتها بين 10 و15 مليار دولار، بيد أن الرياض أرجأت الخطوة لأكثر من اعتبار، بعضها اقتصادي، وبعضها الآخر سياسي. الإصدار الكويتي، الذي يقترب من عتبة الـ 10 مليارات دولار، يتوقف إلى حد كبير على توقيت الإصدار السعودي، ولكنه قد يتأخر حتى مطلع العام المقبل بحسب تصريحات رسمية. وفي هذا السياق، حدد خبراء في تصريحات لـ «الراي» 6 عوامل لضمان نجاح الاكتتابات في السندات الحكومية الخليجية المرتقبة، إلا أنهم أكدوا أن الإعلان عن الإصدار دون اتخاذ خطوات فعلية يحمل الاقتصاد الوطني تكلفة كبيرة. ورأى هؤلاء أن هذه التكلفة عالية جداً وحقيقية قياساً إلى فرص كانت متاحة، وتم تأجيل البت فيها، لافتين إلى أن التأخر في إصدار سندات يقلّل قدرة الشركات المحلية على دخول سوق الدين. وتباينت آراء الخبراء في شأن المخاوف من حدوث تخمة معروض تؤثر على الاكتتابات في السندات الخليجية، بيد أنهم اتفقوا على أن دول الخليج ومن باب التنسيق لن تصدر سنداتها كلها دفعة واحدة، بل بنظام شرائح بغية استكشاف السوق وطريقة التسعير، بما يقلل فرص حدوث زيادة في المعروض، متوقعين في الوقت ذاته أن يؤدي تأجيل الإصدار السعودي إلى تأجيل مماثل لنظيره الكويتي. وأكدوا أن المنافسة ستشتعل لدى طرح السندات، إذ ستلعب الفوائد دوراً أساسياً لجهة الدول ذات المخاطر الأعلى، أو التي ستكتتب في وقت متأخر عن نظيراتها، حيث ستضطر الأخيرة إلى زيادة الفائدة على سنداتها مقابل الوفاء بالتمويل المطلوب لسدّ عجز موازناتها. ولفت المحللون إلى أن المخاطر بالنسبة للكويت تعد الأقل خليجياً، إذ إن سجل الكويت نظيف في هذا الشأن، ما يجعل السندات الكويتية أكثر رغبة، إلا أن أسعار الفائدة التي ستقدمها الدول الأخرى سيكون لها دور كبير في قرار المستثمرين. الموسى أكد رئيس مجلس إدارة البنك التجاري، علي الموسى، أن التصنيفات الائتمانية الممتازة التي منحتها الوكالات العالمية للكويت وبنوكها، تلعب دورا محوريا في إصدار السندات الحكومية بطريقة مريحة. وأوضح أن الوضع الممتاز للخزينة العامة يجعل دخول الكويت إلى سوق أدوات الدين محل ترحيب، إذ إن المتانة المالية للدولة وخلوها من الديون سيجعل الإقبال على الاكتتاب في سنداتها دون أي مخاوف. وشدّد على أن عامل الوقت لا يمثل مثار تخوف من توافر السيولة في السوق مع تعدد الإصدارات من دول المنطقة، وذلك يرجع إلى جودة السندات الكويتية التي ترتكزعلى متانة الدولة المالية، بالإضافة إلى قدرتها على السداد وانتفاء مخاطر عدم السداد، ما يعطي انطباعاً بأن تلك السندات قليلة المخاطر، وهو ما سيلجأ إليه المستثمر تحقيقا للعائد الجيد والمخاطر الأقل، مبيناً في الوقت ذاته أن الكويت لو تأخرت في إصدار السندات، فستجد الفرصة نفسها في السوق. وأشار إلى أن بعض البنوك الكويتية الرئيسية أعلنت ترحيبها بإصدار السندات الحكومية، ووضعت أرقاما كبيرة، ليصبح السؤال «متى ستنزل الكويت إلى سوق أدوات الدين؟»، مشدداً على استعداد وقدرة القطاع المصرفي على الاكتتاب في السندات المتوقع إصدارها من قبل الحكومة لتمويل عجز الموازنة. ولفت الموسى إلى أن السوق الكويتي تتوافر فيه السيولة الكافية لتمويل الإصدار، والشاهد على هذا الأمر هو عمليات التمويل التي تمت لشركات مقاولة أخيراً، منوهاً بأن الأمر سيكون مختلفا مع الحكومة، إذ يرتفع حدود المتاح من السيولة لتغطية إصداراتها نظراً لما تتمتع به من ثقة واطمئنان لدى المستثمرين. وذكر أن البنك التجاري، حاله كحال البنوك الكويتية في انتظار أن تصدر الدولة سنداتها، مبينا أنه سيكون في مقدمة المكتتبين، لافتا إلى أن مطالب البنوك بشكل عام تتمثل في أن تقوم الدولة بإصدار سندات. الطواري من جهته، يقول المدير الشريك في شركة «نيوبري» للاستشارات، عصام الطواري، إن أمر التنسيق الخليجي بخصوص طرح السندات أمر مستبعد، ولا يمكن تطبيقه على أرض الواقع، معتبراً أن هناك مخاطر تخمة موقتة تلوح في الأفق نتيجة العرض الجماعي للسندات. وأوضح الطواري أن نجاح الاكتتاب للسندات الخليجية ككل يخضع لـ 5 عوامل هي: 1 – العوائد التي سيحققها المستثمرون من تلك السندات. 2 – قدرة الدولة (مصدّرة السندات) على الوفاء بالتزاماتها. 3 – حجم المحفظة الائتمانية للممولين والمخصصة لمنطقة الخليج. 4 – رؤية الممولين في توزيع مخاطر استثماراتهم بين دولة وأخرى. 5 – توقيت اختيار كل دولة لطرح سنداتها. 6 – توافر السيولة التي تغطي الاكتتاب في تلك السندات. وأشار إلى أن الدول جميعها ليست في المستوى نفسه من التفاوض مع الممولين المتوقع اكتتابهم في سنداتها، وهو ما يضيف ميزة لدولة على أخرى، مبيناً أن المنافسة ستشتعل خليجياً حال طرح السندات للاكتتاب، إذ ستلعب العوائد دوراً محورياً فيها من قبل الدول ذات المخاطر الأعلى، أو التي ستكتتب في وقت متأخر عن نظيراتها، إذ ستعمد تلك الدول إلى زيادة الفائدة على سنداتها في مقابل الوفاء بالتمويل المطلوب. ولفت إلى أن المخاطر بالنسبة للكويت تعد الأقل خليجيا، لأن سجل الكويت نظيف في هذا الشأن ولم تقترض سابقا سوى بعد الغزو، ما يجعل السندات الكويتية أكثر رغبة، إلا أن أسعار الفائدة التي ستقدمها الدول الأخرى سيكون لها دور كبير في قرار المستثمرين. في المقابل، شدّد على أن الآراء بخصوص استحواذ السعودية على النسبة الأكبر من أحجام الاكتتاب خليجياً، لا يمكن الجزم فيها، مبيناً أن الإصدارات السعودية مرتبطة بعوامل عديدة منها حجم العجز، وغيره من النقاط الاقتصادية الأساسية، بيد أن هناك كذلك الحرب في اليمن، إضافة إلى «الاشتباك السياسي» مع إيران، والتغييرات الجيوسياسية في المنطقة، ما يجعل الوضع أكثر تعقيداً. وذكر أن متغيرات السوق متلاحقة، لذا ينبغي العمل على توفير بدائل أخرى للتمويل تحسبا لزيادة المطروح من السندات، وعدم توافر السيولة المطلوبة أو تدني الحدود الائتمانية للمكتتبين. |