الكويت تودّع حبيب جوهر حيات.. مثال السياسي والاقتصادي الملتزم بقضايا وطنه
ودّعت الكويت امس النائب والوزير الأسبق حبيب جوهر حيات احد رجالات الدولة المخلصين وأحد أبرز الوزراء ممن كانت لهم بصمة واضحة في عالمي السياسة والاقتصاد.
وتوجه رئيس مجلس الامة مرزوق الغانم بالتعزية لأسرة الراحل كاتبا على تويتر: خالص العزاء وصادق المواساة لعائلة جوهر حيات الكريمة بوفاة المغفور له العم حبيب حسن جوهر حيات، احد الرجالات الذين ساهموا ببناء الوطن ومؤسساته، ونسأل الله جلت قدرته للفقيد الغالي الرحمة الواسعة ولذويه ومحبيه الكثر جميل الصبر والسلوان، إنه سميع مجيب.
ويعد الفقيد حبيب جوهر حيات المولود في عام 1934 احد رجال الدولة الذين خدموا البلاد طوال مسيرتهم المهنية.
وكان الفقيد عضوا في مجلس الامة في فصله التشريعي الخامس عام 1975، بعد فوزه بالانتخابات عن الدائرة الأولى. كما كلف حيات وزيرا للمواصلات في عام 1990 ووزيرا للإسكان في عامي 1991 – 1992 ووزيرا للأشغال عام 1994.
وسبق للفقيد ان عمل بوزارة الصحة العامة بمنصب مدير الشؤون المالية ثم كلف بمنصب وكيل وزارة الصحة العامة المساعد للشؤون المالية والإدارية، كما كان الفقيد عضوا في لجنة النظر في تنقيح الدستور وعضوا في مجلس ادارة مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية، وسبق للفقيد ان حاز عضوية مجلس ادارة البنك العربي الافريقي وعضوية مجلس ادارة البنك الاهلي الكويتي وعضوية المجلس الاعلى للتخطيط.
إنجازات بارزة
ومن ابرز انجازات الراحل في وزارة المواصلات، تجهيز 240 خطا دوليا بعد التحرير بيوم واحد وإعادة اجهزة الاتصالات المحلية والدولية خلال 3 اشهر وتجهيز ميناء الشعيبة خلال 10 ايام وفي عام 1992 انيطت به وزارة الاسكان حتى 1996 وقام بالاشراف على بناء وتجهيز وتوزيع نحو 11 الف وحدة سكنية خلال سنتين فقط الى جانب تجهيز المئات من القسائم السكنية خلال السنة الأولى بعد التحرير.
كما تم في عهده كوزير للأشغال العامة افتتاح احد معالم الكويت وهو برج التحرير.
المسيرة المهنية
عُيّن حبيب حسن جوهر حيات – رحمه الله عضوا بلجنة تنقيح الدستور في المرسوم الاميري الذي صدر بتاريخ 10/2/1980 وتضمن المرسوم الاميري تعيين 35 شخصية من اعيان البلاد لدراسة التنقيح المطلوب لبعض مواد الدستور وعين عضوا في المجلس الاعلى للتخطيط المكون من 33 عضوا من الاقتصاديين والسياسيين والمشرعين والأكاديميين والاعلاميين والمهندسين والاجتماعيين.
الحكومة الـ 15
بعد أن منّ الله تعالى على الكويت بنعمة التحرير من العدوان العراقي الغاشم صدر مرسوم اميري في 20 ابريل من عام 1991 بتشكيل الوزارة الخامسة عشرة ضمت عشرين وزيرا وقد عهد اليها مهمة اعادة البناء والاعمار لما دمره العدوان العراقي الغاشم فعين فيها السيد حبيب حسن جوهر حيات في هذه الوزارة وزيرا للمواصلات وذلك لما تحلى به من مواقف صادقة وعادلة وجادة ساهمت في انجاز وتحضير اهم موانئ الكويت في وقت قياسي لا يزيد على عشرة ايام الا وهو ميناء الشعيبة الكبير والذي رست به بعد ما حل به من دمار شامل من قوات عدو الانسانية وحضارات الامة العربية وتقدمها السفن العملاقة التي جاءت بالمعدات الثقيلة لإطفاء حرائق آبار النفط المشتعلة جراء فعل الظالمين الاشرار ويقول الوزير حبيب جوهر حيات في لقاء سابق امضيت هذه الايام والليالي الى جانب العاملين على تنظيف ميناء الشعيبة الميناء الوحيد الذي أصلحناه في البلاد لهذه المهمة ولهذا الغرض ثم واصلنا عملنا في اصلاح بقية موانئ الكويت التي كانت جميعها مدمرة ولا تستطيع استقبال اي سفينة حتى تلك التي تنقل المواد الغذائية للمواطنين وكان هذا المعتدي الاثيم يريد ان يهلك الناس جوعا وعطشا انه لأمر غريب يحتار المرء في تفسيره.
وبعد اصلاح الموانئ تحولنا الى اصلاح الاتصالات السلكية واللاسلكية فتم تجهيز 240 خطا دوليا بعد التحرير وذلك بيوم واحد وإعادة تشغيل اجهزة الاتصالات المحلية والدولية خلال ثلاثة اشهر، اما ميناء الشويخ وممراته المائية فقد تمت اعادته الى عمله الطبيعي بعد خمسة اشهر فقط وهو الميناء المهم الآخر بعد ميناء الشعيبة، حيث استقبل ميناء الشويخ السفن المحملة بمختلف البضائع وخاصة المواد الغذائية منها وسارت الحياة طبيعية منذ الاشهر الأولى بعد دحر القوات العراقية الغازية من الكويت دحرا مذلا.
وزير في الحكومة السادسة عشرة
كما عين السيد حبيب حسن جوهر حيات – رحمه الله في الحكومة السادسة عشرة التي شكلت بتاريخ 7/10/1992 وزيرا للمواصلات ووزير دولة لشؤون الإسكان وفيما يتعلق بوزارة المواصلات وما حل بأجهزتها المحلية والدولية من دمار ونهب جراء العدوان العراقي الباغي فقد نشط حيات – رحمه الله في اعادتها الى طبيعتها بعد ان عقد اتفاقيات تعاون عدة وتوريد اجهزة حديثة وجديدة مع المسؤولين في الدول العربية الشقيقة والصديقة وأهمها اتفاقية تعاون مشترك في مجال الاتصالات وتبادل الخبرات مع وزير البريد في الجمهورية الفرنسية.
الصديقة والاستفادة من آخر ما توصلت اليه التكنولوجيا في مجال الاتصالات عبر الاقمار الاصطناعية حتى أصبحت الكويت احدى أفضل دول العالم خدمة في مجال الاتصالات بل وربما أقلها سعرا، المهم بالأمر انها كانت فترة إعادة بناء وإعمار دولة لم يترك الجاني الأثيم فيها مكانا إلا ودمره وهذا يعتبر انتقاما من بلد كريم عاف وكاف. ولكن الشرعية الدولية لقنته درسا لا يمكن ان ينساه.
أما فيما يتعلق بالإسكان فقد قال الراحل في لقاء سابق: تسلمت عملي كوزير دولة لشؤون الإسكان واطلعت على جميع أعمال هذه الوزارة وكيفية توزيع البيوت التي أنجزتها الهيئة العامة لشؤون الإسكان في مختلف مناطق الكويت وتقدر بعشرات الآلاف منذ عام 1975.
وزارة الأشغال
كما عين، حبيب حسن جوهر حيات، رحمه الله، بتاريخ 14/4/1994 وزيرا للأشغال العامة ووزير دولة لشؤون الإسكان، وقد تم في عهده افتتاح احد معالم الكويت وهو برج التحرير وقد قام بافتتاحه في احد ايام شهر فبراير من عام 1996 سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، وتجول داخله وأعجب بتصميمه وسرعة تنفيذه، وكان يعتبر من الإنجازات المهمة التي تم افتتاحها بعد التحرير، ثم استطاع الوزير حيات، رحمه الله، رغم المدة المحدودة التي كان فيها وزيرا للأشغال العامة والتي لا تزيد على سنتين أكمل فيها العمل ليل نهار لإنجاز الطريق الدائري الأول وتم افتتاحه أمام حركة المرور عام 1995. وقامت بعد ذلك وزارة الأشغال العامة بتكملة بناء وإعداد قصر السيف، حيث تابع الوزير هذه المهمة بنفسه.
كما تم في عهد الوزير حيات، رحمه الله، تصليح وإعادة بناء معظم الطرق والجسور وإعادة بناء وتوسعة قصر المؤتمرات، مما برهن على حرص الوزير ومتابعته لأعمال وزارته، وهكذا المخلصون تبقى أعمالهم وإنجازاتهم تشهد عليهم ويسجلها لهم التاريخ في صفحاته، كما تجدر الإشارة الى ان الوزير حبيب حسن جوهر حيات، رحمه الله، لم يستجوب من قبل السادة نواب مجلس الأمة طيلة فترة توليه وزارة المواصلات ووزارة الأشغال العامة والإسكان.
مجلس الأمة
للراحل العديد من الإنجازات في مجلس الأمة، حيث رشح في مجلس الأمة الرابع للجنة الشؤون المالية والاقتصادية وفاز بعضويتها وهي لجنة مكونة من 9 نواب وانتخبت اللجنة في اول اجتماع لها النائب السابق ناصر صنهات العصيمي رئيسا والنائب حبيب حسن حيات مقررا للجنة وقد أنجزت اللجنة عدة قوانين وناقشت وأقرت ميزانية وزارات الدولة للعام 75/1976 بعد إجراء بعض التعديلات.
كما كانت له العديد من الاقتراحات البارزة، حيث طالب في اقتراح برغبة لحل مشكلة الإسكان في مجلس الأمة الرابع عام 1975 بإنشاء وتأسيس بنوك إسكانية في الكويت خاصة ان الكويت من المؤسسين لبنك الإسكان الأردني والمشاركين ببنك عمان الإسكاني بسلطنة عمان وشرح باقتراحه ان إنشاء بنوك إسكانية في الكويت سيخفف الضغط على الحكومة وسيتوجه المواطنون الى هذه البنوك للحصول على القروض المناسبة لشراء قسائم ومن ثم بناؤها بدلا من الانتظار لسنوات حتى يأتي المواطن الدور ثم ان قانون الإسكان الحالي قديم ويحتاج الى تعديل، فهو يساوي بين المستحق وغير المستحق من خلال المادة التي تقول: كل كويتي لا يملك عقارا ولم يؤمن له عقار له ان يتمتع بالسكن الحكومي، وهذه المادة لم تتعرض لمن يمتلك رصيدا من البنوك يقدر بمئات الآلاف من الدنانير وهو ليس له عقار باسمه بل هو يسكن في شقة مؤجرة ومع ذلك يحق له الحصول على بيت من الدولة متساويا بذلك مع ذوي الدخل المحدود والأيتام والأرامل الذين لا يستطيعون شراء سكن لهم بينما هو قادر على ذلك ومع الأسف بأن هذا الاقتراح لم يؤخذ به.
أما الاقتراح الثاني فهو عندما تقدمت الحكومة الى مجلس الأمة بقانون التجنيد الإجباري للمواطنين الكويتيين عام 1975 تطلب الموافقة عليه وجدت ان هذا القانون يصلح لدول عدد سكانها بالملايين من البشر كجمهورية مصر العربية او السودان او الجزائر وغيرها ولا يصلح للكويت التي لا يزيد عدد سكانها 760 ألف نسمة فاقترحت ان يؤخذ بنظام التجنيد السويسري فهو أفضل لنا وأوفر للحكومة ماليا، وهو ان يبدأ التجنيد لأبنائنا من سن 18 سنة أثناء الدراسة ولمدة اسبوعين في السنة فقط ثم يعود وبعدها الطالب الى مقاعد الدراسة وكذلك الموظف ويستمر هذا التدريب بمستوى اسبوعين في السنة حتى بلوغ المجند سن 45 عاما وبهذه الطريقة وفر الاقتراح على الدولة رواتب من يتم تعيينهم محل الموظفين المجندين الذين يتركون أعمالهم لسنة او سنتين.
ومن ناحية ثانية، فإن وقع التجنيد على أبنائنا يكون سهلا وغير مخيف، فـ 15 يوما يقضيها المجند في معسكر التجنيد في كل سنة مرة يعطيه من الرغبة والحيوية والتعارف والتلاقي مع رفاقه كل سنة حب الاستمرارية لخدمة وطنه ولو امتدت معه السنون الى الـ 50. وقد نجح هذا النظام فيما يتعلق بتجنيد أبناء الشعب من الجنسين في سويسرا إلا انه مع الأسف لم يؤخذ بهذا الاقتراح الذي يناسب أبناءنا وبلدنا الحبيب.
رحلة الحياة
يروي الوزير السابق حبيب جوهر حيات في لقاء سابق رحلة الحياة قائلا: أنا من مواليد 14/3/1934 في منطقة الشرق شمال أبراج العوضي، اما بالنسبة لدراستي فقد درست المرحلة الابتدائية بالمدرسة الجعفرية التي كانت على ساحل شارع الخليج العربي حاليا والواقعة شرقي قصر السيف العامر ثم التحقت بالمدرسة المباركية وهي مدرسة حكومية نظامية بنيت في عهد حكم الشيخ مبارك الصباح عام 1911 وهي من تبرعات تجار الكويت، حيث ان الحالة المالية في ذلك الوقت متواضعة فليس لدى الحكومة من دخل إلا رسوم بسيطة على البضائع الواردة وسميت المدرسة باسم حاكم الكويت الشيخ مبارك الكبير تيمنا به فقد كان، رحمه الله، ذا شخصية قوية وصاحب نظرة ثاقبة للأمور استطاعت الكويت في ظل المتغيرات المتلاحقة على الساحة الدولية ان تتجاوز كل هذه الصعاب وتبقى في منأى عنها دون ان يمسها اي ضرر.
أكملت دراستي المتوسطة والثانوية التجارية ثم سافرت لإتمام دراستي الجامعية في بيروت عام 1954 وكان السفر الى بيروت بالطائرة متعبا للغاية فالطائرة كانت تسمى D.C.3 «دكوتا» وهي طائرة ذات مروحتين تابعة لشركة اير لبان اير الطيران اللبناني، وتستغرق الرحلة في هذه الطائرة من الكويت الى بيروت حوالي 6 ساعات بينما الآن بالطائرات النفاثة الحديثة لا تستغرق الرحلة نفسها اكثر من ساعتين، حصلت من جامعة بيروت على دبلوم تجارة واقتصاد ثم التحقت الى دورات دراسية في بريطانيا خاصة بعلوم المصارف ودورات دراسية بعلوم التأمين.
بدايات العمل الحكومي
وتابع حيات حديثه الصحافي قائلا: بعد ان علم الشيخ فهد السالم الصباح رئيس إدارة الصحة والبلدية والاشغال العامة بعودتي الى الوطن عام 1956 طلب مني، رحمه الله، ان أتسلم الإدارة المالية وهي تتفق ومؤهلي الدراسي، كان يومها مدير الصحة العامة المرحوم علي الداود والحمود وبما ان علاقتي المباشرة مع المدير العام والذي تعادل درجته وكيل وزارة في فترة وجوده بدائرة الصحة العامة منذ العام 1952 لغاية 1958 ان يحقق للصحة الشيء الكثير فقد استطاع ان ينهي مخططات إنشاء أهم المستشفيات كمستشفى الصباح ومستشفى الولادة والمستشفى الصدري وأن يطور العمل في المحجر الصحي لفحص القادمين الى الكويت برا وبحرا وجوا فأنشأ مركزا عند بوابة الشامية للقادمين برا ومركزا في ميناء الأحمدي للقادمين عن طريق البحر ومركزا بمطار الكويت الدولي للقادمين جوا لحماية أهل الكويت والمقيمين فيها من اي أمراض معدية غريبة على مجتمعنا استمررت بالعمل في دائرة الصحة العامة الى ان أصبحت وزارة بعد الاستقلال عام 1962 وعين لها وزيرا عبدالعزيز حمد الصقر ثم عينت أنا مديرا للشؤون المالية في وزارة الصحة من العام 1962 لغاية عام 1968 ثم صدر بعد ذلك عام 1968 مرسوما أميريا بتعييني وكيل وزارة مساعدا للشؤون الإدارية والمالية واستمررت في هذه الوظيفة حتى عام 1975، حيث رشحت لمجلس الأمة الرابع وفزت، فاستقلت من وزارة الصحة التي لي فيها مع زملاء العمل أجمل الذكريات، وفي 19 فبراير عام 1980 عينت عضوا بمجلس تنقيح الدستور والذي يضمن في عضويته 35 من أصحاب الخبرة والكفاءة والرأي والتجربة من أبناء هذا الوطن العزيز. ثم عينت عضوا في المجلس الأعلى للتخطيط وعضوا في مجلس إدارة الخطوط الجوية الكويتية.