المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

اقتصاد

الكويت تعوم في سيولة مصرفية فائضة جداً

قالت مصادر مصرفية ان بعض البنوك دخلت نقاشاً مفتوحاً مع بنك الكويت المركزي، لمواجهة حالة تكدس السيولة وتراجع نمو الائتمان، والتي تعمقت ملامحها خلال الأشهر الأولى من العام الحالي.
وذكرت المصادر أنه في الوقت الذي يبدي فيه «المركزي» ارتياحاً رقابياً لوضع البنوك الكويتية وحصانتها في مواجهة الأزمات، بما تمتلكه من رصيد هائل من المخصصات المحددة والعامة والاحترازية، تظهر بعض القيادات المصرفية قلقها من احتمالات انعكاس الظروف الحالية على نمو الأرباح، لا سيما مع توقف برنامج إصدارات سندات الدين الحكومي منذ مطلع أكتوبر 2017، وتوافر رصيد كبير من السيولة الإضافية بلغ نحو مليار دينار في الأشهر الخمسة الأولى من العام مقابل نمو صفري للقروض، في موازاة القيود الرقابية من المركزي ومعايير بازل التي تدفع البنوك نحو التركيز على أنشطتها الأساسية وتقليص الاستثمارات.
ووفقاً لقراءة في إصدارات سندات بنك الكويت المركزي والتورق المقابل، التي تستخدم في تنظيم مستويات السيولة لدى البنوك، فان وتيرتها قد تسارعت منذ توقف برنامج إصدار أدوات الدين العام، والتي كان يديرها «المركزي» نيابة عن وزارة المالية.

مصادر لـ «القبس»: الإصدارات الكبيرة لامتصاص السيولة تضاعفت في الأشهر الأخيرة بنسبة 100% وأكثر
وبلغت سندات «المركزي» والتورق المقابل نحو 30 إصداراً بقيمة إجمالية 6.6 مليارات دينار في الفترة من 3 أكتوبر 2017 إلى 19 يونيو 2018، مقابل 29 إصداراً بقيمة 5.7 مليارات منذ مطلع 2017 الى نهاية سبتمبر من العام نفسه، وبفارق 845 مليوناً علماً أن الإصدارات تشمل المستحقة والمتجددة إضافة إلى الجديدة.
وشهدت إصدارات «المركزي» تسابقاً محموماً بين البنوك لتغطية السندات والتورق المقابل، في محاولة منها لتصريف السيولة الراكدة لديها، ومن أبرز الملاحظات على إصدارات سندات بنك الكويت المركزي والتورق المقابل منذ توقف برنامج سندات الدين العام ما يلي:-
1 – عدد الإصدارات التي تجاوزت قيمتها مبلغ 200 مليون دينار بلغ 18 إصداراً في الـ9 أشهر بعد انتهاء مفعول قانون الدين العام، مقابل 8 إصدارت فقط في الـ9 أشهر الأولى من عام 2017، فيما شهدت فترة ما بعد انتهاء قانون الدين العام إصدارين بقيمة 360 مليون دينار، مقابل واحد فقط بنفس القيمة في التسعة أشهر التي سبقت انتهاء مفعول قانون الاقتراض.
2 – بلغ إجمالي الإصدارات بعد توقف برنامج الدين الحكومي من سندات «المركزي» والتورق المقابل 6620 مليون دينار، فيما بلغ إجمالي حجم طلب البنوك لتغطية تلك الإصدارات 43594 مليوناً أي بمضاعف 5.6 مرات.
3 – بلغ إجمالي الإصدارات في الـ9 أشهر السابقة على توقف برنامج الدين الحكومي 5775 مليون دينار، فيما بلغ إجمالي حجم طلب البنوك لتغطية الإصدار 25301 مليون دينار بمضاعف 3.3 مرات.
4 – بالنظر الى حجم التغطية لكل إصدار فإن طلب البنوك لتغطية أي إصدار قبل توقف برنامج الدين العام لم يتجاوز سقف المليار دينار سوى مرة واحدة وبزيادة طفيفة، فيما تجاوز هذا المبلغ 24 مرة بعد توقف برنامج الدين العام، بل وكسر حاجز الملياري دينار 5 مرات في الفترة من 15 مايو إلى 19 يونيو فقط والتي شهدت 6 إصدارات.

ما الحل
على صعيد متصل، قالت مصادر مصرفية أن الحل للخروج من هذا المأزق، هو زيادة معدل نمو الائتمان من خلال تنشيط الاقتصاد بوجه عام، ولكن هذا الحل بيد الحكومة أولاً، وليس بنك الكويت المركزي.
وأشارت إلى ان أزمة تراجع نمو الائتمان سببها الرئيسي تراجع نمو قروض قطاع الشركات الذي يعتمد بشكل رئيسي على المشروعات الحكومية، التي تباطأت بشكل كبير في النصف الثاني 2017 وما لبثت ان نشطت قليلاً مطلع العام الجاري ثم عادت للتراجع مع دخول الصيف، مؤكدة ان قطاع التجزئة ينمو بشكل جيد ويشهد تعافياً نسبياً. لكنه لا يكفي لامتصاص السيولة الهائلة.
وقالت المصادر المصرفية إن الحلول المتاحة تتركز في سرعة إقرار قانون رفع سقف الدين العام من 10 الى 25 مليار دينار وزيادة الأجال الى 30 عاماً، ولكن هذا مرهون بمرور القانون من مجلس الأمة، وكذلك قانون الرهن العقاري، وتشريعات أخرى تحرك المياه الاقتصادية الراكدة.
وقالت المصادر إن سندات الدين العام والتورق المقابل لها تكلفة على المال أيضاً، إذ يدفع بنك الكويت المركزي فوائد للبنوك تصل إلى %2.5 على الودائع لمدة 3 أشهر وفقاً للإصدار الأخير وتصل الى %2.375 لمدة 6 أشهر.
وذكرت المصادر ان البنوك لديها سقف لتركز ودائعها ما بين طويلة وقصيرة الأجل، مشيرة الى ان استمرار المركزي في إصدار سندات وتورق التي تتراوح ما بين 3 و6 أشهر لامتصاص السيولة، قد لا يكون فعالاً لعلاج أزمة تدكس السيولة لفترة طويلة، مع تراجع الرصيد المخصص للاستثمارات القصيرة وارتفاع رصيد الاستثمارات طويلة الأجل نتيجة توقف برنامج سندات الدين العام. ولأسباب أخرى أيضاً متعلقة بنسبة ركود الاستثمار الخاص.
وتوقعت المصادر تراجع شهية بنوك لقبول ودائع جديدة في ظل تراجع نمو الاقتراض وارتفاع تكلفة الودائع عليها، مؤكدة ان هذا الأمر قد يتسبب أيضاً في خفض تسعير الودائع نظراً لعدم حاجة البنوك اليها في ظل شح وجود قنوات استثمارية بديلة.
ويعيش القطاع المصرفي في الوقت الراهن حالة استثنائية، مع شبه موت سريري لنمو رصيد الاقراض مقابل ارتفاع في الودائع بالدينار، نسبته %1.3 في 5 أشهر (يناير – مايو 2018)، ونمو في ودائع العملات الأجنبية نسبته %11.6 في الفترة نفسها وفي المقابل، لم ترتفع القروض ديناراً واحداً.
وواصل معدل نمو الائتمان المصرفي انكماشه في 2018 وهو اتجاه يتعمق منذ نحو عامين، اذ بلغ معدل نمو القروض خلال الأشهر الأربعة الأولى «صفر» في المئة ليستقر الرصيد عند مستوى 35.3 مليار دينار في أبريل الماضي، وهي نفس القيمة تقريباً التي كانت في ديسمبر 2017.
وأكدت المصادر ان «المركزي» الذي يعتمد الرقابة اللصيقة على البنوك يشاركها لحظة بلحظة تطورات الائتمان، ولديه من الأدوات التي توزان ما بين الحرص الرقابي واستمرار البنوك في تحقيق أرباح جيدة، لكن تبقى ومعالجة تداعيات تراجع نمو الائتمان، لاسيما ان البنوك الكويتية باتت وبشهادة المؤسسات الدولية متحفظة للغاية، بل واكثر من وكالات التصنيف نفسها.
وكانت شركة Credit Benachmak البريطانية قد قالت مؤخراً إن البنوك الكويتية أكثر تحفّظاً من وكالات التصنيف الائتمانية العالمية قياساً بنظيراتها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في ما يتعلق بالمخاطر الائتمانية التي تقيمها.
وذكرت المصادر أن «المركزي» قد يخفف من قبضته على رصيد المخصصات الاحترازية في حال تراجع نمو الأرباح من الفوائد، خصوصاً مع البنوك التي لديها رصيد كبير من المخصصات ونسب تغطية أعلى بكثير من متطلبات المعيار المحاسبي رقم 9.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى