المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

طب وصحة

الفاكهة والخضار تحميك من ضعف الذاكرة؟!

 

راقبت دراسة جديدة مجموعة كبيرة من الرجال لأكثر من عشرين سنة واستنتجت أن الأشخاص الذين تبنوا حمية صحية قد يتمكنون من حماية أدمغتهم.

حلل باحثون من كلية “تي إتش تشان” للصحة العامة في بوسطن بيانات مأخوذة من دراسة راقبت 27842 رجلاً طوال 26 سنة.
شارك جميع الرجال في استطلاعات مفصّلة بشأن كمية المأكولات والمشروبات التي استهلكوها في بداية الدراسة، في عام 1986، حين كانوا يبلغون 51 عاماً، ثم كل 4 سنوات حتى عام 2002.

دامت فترة المتابعة حتى عام 2012 وكان متوسط عمر المشاركين يتراوح حينها بين منتصف وأواخر السبعينات.
في آخر سنوات المتابعة، أجرى الباحثون اختبارات قصيرة أيضاً لرصد أي تراجع في قدراتهم على التفكير والتذكّر.
كشف التحليل أن استهلاك كميات كبيرة من بعض المأكولات والمشروبات ارتبط بانحسار مخاطر ضعف مهارات الذاكرة والتفكير.
شملت أبرز الأغذية التي أعطت هذا الأثر: الخضروات الورقية، البرتقال الأحمر والداكن، الخضار، التوت، عصير البرتقال.
نُشِر حديثاً تقرير عن الدراسة ونتائجها في مجلة “علم الأعصاب”.

يقول المشرف الأول على الدراسة، تشانغتشنغ يوان، الذي يعمل في قسم التغذية وعلم الأوبئة في كلية “تي إتش تشان” للصحة العامة: “تطرح دراساتنا أدلة إضافية عن أهمية الخيارات الغذائية للحفاظ على صحة الدماغ”.

الاختبار الذاتي للوظيفة المعرفية

كانت الاختبارات الذاتية للوظيفة المعرفية التي خضع لها المشاركون تهدف إلى رصد أي تغيّرات لاحظوها بنفسهم في قدرات الذاكرة والتفكير لديهم.
يشمل الاختبار الذاتي للوظيفة المعرفية ست نقاط، ويقول المشرفون على الدراسة إن فاعليته تأكدت عند نشوء روابط قوية مع جينة مرتبطة بمرض الزهايمر.
قد يكشف الاختبار الذاتي عن تراجع في مهارات الذاكرة والتفكير قبل أن تظهر هذه النتيجة في الاختبارات الموضوعية.

خضع الرجال لذلك الاختبار مرتين: في عام 2008 ثم في نهاية فترة المتابعة في عام 2012.
شملت الأسئلة النموذجية في الاختبار ما يلي:

“هل تجد صعوبة إضافية في تذكّر لائحة قصيرة من الأغراض، مثل لائحة التسوق”؟
“هل تجد صعوبة إضافية في متابعة محادثة جماعية أو حبكة القصة في برنامج تلفزيوني بسبب ضعف ذاكرتك”؟

مؤشر مبكر على الخلل المعرفي الخفيف

قد ينذر أي ضعف يرصده الاختبار الذاتي للوظيفة المعرفية على مستوى الذاكرة ببداية الخلل المعرفي الخفيف. غالباً ما يسبق هذا الخلل مرض الزهايمر الذي يُعتبر أبرز شكل من الخرف. لكن لا يتعرّض جميع المصابين بالخلل المعرفي الخفيف لمرض الزهايمر.
في الولايات المتحدة، ينشأ مرض الزهايمر لدى %80 من الأشخاص الذين يدخلون في خانة المصابين بالخلل المعرفي الخفيف المرتبط بفقدان الذاكرة خلال سبع سنوات، وفق معطيات “المعهد الوطني للشيخوخة”.

في الدراسة الجديدة، سجّل %55 من الرجال علامة “جيدة” في الاختبار الذاتي للوظيفة المعرفية، بينما سجّل %38 منهم علامة “معتدلة”، و%7 منهم علامة “سيئة”.

أهمية استهلاك الفاكهة والخضار

قسّم الباحثون المشاركين إلى خمس مجموعات، بحسب مستوى استهلاكهم للفاكهة والخضار. كشفت النتائج أن المجموعة التي تناولت أكبر كمية من الخضروات كانت تأكل حوالى 6 حصص في اليوم، وأن المجموعة التي تناولت أصغر كمية منها كانت تأكل حصتين.

تراوح مستوى الاستهلاك اليومي للفاكهة بين 3 حصص في المجموعة التي كانت تتناول أكبر كمية ونصف حصة في المجموعة التي كانت تتناول أصغر كمية.
كشفت المقارنة بين كميات الخضار المستهلكة ومعدلات الاختبار الذاتي للوظيفة المعرفية النتائج التالية:

كان الرجال الذين تناولوا أكبر كمية من الخضروات أقل ميلاً إلى مواجهة أعراض تراجع أداء الذاكرة بنسبة %34.
من بين الرجال الذين تناولوا أكبر كمية من الخضروات، سجّل %6.6 علامة سيئة في الاختبار، مقارنةً بـ%7.9 من الأشخاص الذين تناولوا أصغر كمية.

كشفت النتائج أيضاً عن تراجع احتمال تسجيل علامة سيئة في الاختبار الذاتي للوظيفة المعرفية بنسبة %47 ضمن فئة الرجال الذين شربوا عصير البرتقال يومياً مقارنةً بمن اكتفوا بشربه مرة في الشهر. برز هذا الرابط بقوة ضمن فئة كبار السن الذين كانوا يشربون عصير البرتقال كل يوم. كذلك، كان الرجال الذين أكلوا أكبر كمية من الفاكهة يومياً الأقل ميلاً إلى تسجيل علامة سيئة في الاختبار الذاتي للوظيفة المعرفية، لكن خسر هذا الرابط قوته بعدما أخذ الباحثون بالاعتبار أثر أغذية أخرى. اكتشف فريق البحث أيضاً رابطاً بين ارتفاع مستويات استهلاك الفاكهة والخضار في بداية الدراسة وتراجع احتمال تسجيل علامة سيئة في الاختبار بعد مرور حوالى 20 سنة.
لكن لم يتأثر ذلك الرابط بميل المشاركين إلى متابعة أكل كميات كبيرة من الفاكهة والخضار أو امتناعهم عن تناولها طوال فترة تصل إلى ست سنوات قبل إجراء الاختبار الذاتي للوظيفة المعرفية.

لا علاقة سببية مثبتة

نظراً إلى طريقة تصميم الدراسة، لا يمكن طرح استنتاج جازم مفاده أن الإكثار من استهلاك الفاكهة والخضار وعصير البرتقال يُخفّف احتمال ضعف الذاكرة. لكن تكشف النتائج عن وجود روابط بين الظاهرتين، وتحديداً على مر فترة طويلة من الزمن، وتدعم بالتالي الفكرة القائلة إن استهلاك كمية كبيرة من الفاكهة والخضار يساهم في تجنب تراجع أداء الذاكرة.
بحسب رأي الباحثين، لا داعي لاعتبار عدم خضوع الرجال لاختبارات الذاكرة وقدرات التفكير في بداية الدراسة من أجل تقييم أي تراجع لديهم خلال فترة طويلة نقطة ضعف كبرى. كان جميع الرجال المشاركين في الدراسة يعملون في مِهَن تتطلب سنوات من التدريب ومستوىً مرتفعاً من الكفاءات المعرفية، مثل طب الأسنان وقياس مدى البصر والطب البيطري.
ذكر الباحثون أيضاً أن النتائج لا تنطبق بالضرورة على جميع الرجال والنساء، بما أن الدراسة اقتصرت على الرجال ضمن تلك المجموعات.
لكن يقول تشانغتشنغ يوان: “يتعلق أحد أهم العوامل في هذه الدراسة بقدرتنا على تعقب مجموعة كبيرة من الناس خلال فترة تفوق العشرين سنة، وهذا ما سمح لنا بالتوصل إلى نتائج بارزة جداً”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى