المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

اقتصاد

الغانم: التوجه نحو الشرق.. استقراء ذكي للمستقبل

 

 

أصدر رئيس غرفة تجارة وصناعة الكويت علي الغانم بيانا حول «مشروع الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية بين الكويت والصين» والذي اتضحت معالمه بفضل رؤية وجهود صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد.

وأكد الغانم أن الغرفة تابعت بكل اهتمام وساهمت بكل حماس في مرحلة بناء الشراكة الاستراتيجية الجديدة، فشاركت بفاعلية في كل الوفود التي هيأت للزيارة الأميرية الأخيرة، ودعت إلى الانفتاح على اجتذاب الاستثمـــارات الخارجية من خلال المناطق الاقتصاديـة، وبلـــورت رؤيتها للتنويع وتوسيع القاعدة الإنتاجية من خلال استراتيجية «التيسير التجاري» التي تنسجم كل الانسجام مع نموذج الشراكة الاستراتيجية الذي نتحدث عنه.

وقال الغانم إن التوجه نحو الشرق بمنزلة استقراء ذكي للمستقبل، ينطلق محليا من حتمية توسيع وتنويع قاعدة الاقتصاد الكويتي، وينطلق دوليا من ضرورة التعامل مع القوى الاقتصادية العالمية الجديدة.

وقد عزز صاحب السمو الأمير هذه «الديبلوماسية الاقتصادية» عندما ترأس في يونيو 2006 وفدا سياسيا واقتصاديا كبيرا في جولة آسيوية ثانية ضمت 4 دول أخرى، ومنذ ذلك الوقت حتى اليوم، والكويت ترسم بهدوء وإتقان خارطة تعاونها مع الصين.

على هذه الخارطة، وضع مشروع مدينة الحرير، ومشروع تطوير الشمال والجزر، ورؤية الكويت الجديدة 2035. وفي إطار هذه الخارطة، شاركت الكويت بتأسيس البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وكانت أول دولة وقعت «مبادرة الحزام والطريق» التي أعلنها الرئيس الصيني شين جينبينغ عام 2013.

وتحديدا لمعالم هذه الخارطة، كان الوفد السياسي والاقتصادي الى الصين الذي ترأسه سمو رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك في يونيو 2014، حيث تم توقيع 10 اتفاقيات ومذكرات تفاهم في مختلف المجالات. وعلى أرض الواقع، أضحت الصين أول شركاء الكويت التجاريين، وثاني أكبر المصدرين لها، وثاني أكبر المستوردين لنفطها. ثم جاءت نتائج زيارة صاحب السمو الأمير الى الصين بين السابع والعاشر من يوليو 2018، بمنزلة تتويج رائد وواعد لكل هذه الجهود.

وقد لخص صاحب السمو هدف هذه الجهود ومضمون ما انتهت إليه من اتفاق بأن «الكويت تطمح لأن تكون الصين شريكا استراتيجيا ومستثمرا أساسيا في تطوير البنية التحتية لمدينة الحرير، وإنشاء مناطق صناعية وتكنولوجية متقدمة في شمال الكويت، مع إعطاء أولوية خاصة لمشاريع الموانئ والسكك الحديدية والطرق العامة، وإيلاء أهمية كبيرة لقطاع الطاقة من خلال الاستثمار في مشاريع النفط والغاز، ومن خلال الاستفادة من خبرات الصين في الاستخدام السلمي للطاقة النووية والطاقة المتجددة».

الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية المقصودة هنا تعتمد – وحسب ما جاء في البيان المشترك الصادر نهاية الزيارة الأميرية – على المواءمة بين مبادرة «الحزام والطريق» و«رؤية الكويت 2035»، من خلال وضع منهج متكامل للتعاون الاقتصادي بين الدولتين. وان اتخاذ مشروعي مدينة الحرير والجزر الكويتية بداية لتوظيف مزايا الجانبين، لا يعني أبدا أن الشراكة الاستراتيجية ستكون مقصورة عليهما، بل تتجاوزهما بعيدا فيما تعطيه من أهمية للتصنيع والتكنولوجيا والطاقة، وللموانئ والنقل والطرق.

وتابع الغانم بالقول: إن هذا الاتفاق أو التوافق على بناء شراكة اقتصادية استراتيجية بين الصين والكويت يشكل – بالتأكيد – طموحا ذكيا صحيح الهدف والاتجاه للطرفين، كما يشكل تعزيزا لافتا واضحا لصيغ التعاون الدولي من أجل الأمن والتنمية. أما بالنسبة للكويت، فالاتفاق يمثل منعطفا تاريخيا باهر الغد والوعد إن أحسنا تنفيذه وإدارته، وحملنا بإرادة وشجاعة مسؤولية نجاحه. ولعل في النقاط التالية ما يوجز أهم التحديات التي يجب أن تتصدى لها هذه المسؤولية:

أولا: التنظيم الرشيد لبيتنا الكويتي، بكل ما تحمله هذه العبارة من أبعاد سياسية واقتصادية ومجتمعية. وأول شروط هذا «التنظيم الرشيد» تطبيق القانون بحزم وعزم وعدل.

ثانيا: توثيق التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية والقطاع الخاص من جهة، وتوثيق التكامل بين القطاعين العام والخاص من جهة ثانية، فالشراكة الاقتصادية يجب أن تراعي تماما مشاركة القطاع الخاص الكويتي في مشاريعها إلى أبعد حد ممكن.

ثالثا: لا بد أن يكون للعمالة الوطنية دورها الكامل في هذه الشراكة. والدور الكامل هذا لا يعني توفير الوظائف فقط، بل يعني أيضا – وبالدرجة ذاتها – الإقبال على العمل بكفاءة وجهد وصدق.

رابعا: يجب أن تكون الشراكة الاستراتيجية الكويتية – الصينية نموذجا ناجحا لشراكات مماثلة مع مختلف الدول – في أميركا وأوروبا وأفريقيا وغيرها – وليس في مثل هذه الشراكات جرح لسيادة الدولة أو استقلال قرارها، «فالمناطق الاقتصادية» مفهوم معروف في كل اقتصادات العالم، وارتباط أمن الدول بالمصالح الاقتصادية العالمية حقيقة لا ينكرها أحد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى