العود الدمشقي من ضحايا الحرب
في مشغل صغير في دمشق، ينتظر أنطون طويل، أحد آخر صنّاع آلة العود في سوريا، أن يأتيه زبون جديد، لكن هذا الانتظار يطول من غير جدوى في بلد تمزقه الحرب منذ سنوات.
قبل اندلاع الاحتجاجات، التي تحوّلت إلى حرب طاحنة، كان عدد مشاغل صناعة العود في هذا البلد يربو على العشرين، تتوزع بين دمشق وحلب وحماة، أما اليوم فلم يبق منها سوى ستة يتركّز أربعة منها في العاصمة، بحسب أنطون طويل البالغ من العمر 57 عاما. في المشغل الصغير في التكية السليمانية، أحد المباني الشاهدة على التاريخ العثماني في دمشق، والذي يضم مسجدا وسوقا حرفية، يقبع صانع العود منتظرا زبائنه، متأملا في الآلات التي صنعها بيديه وعلّقها على الجدران، ومنها ما رُصّع بالصدف والعاج.
تغيّرت الأمور كثيرا في السنوات الماضية على أنطوان طويل، ومن ذلك أنه صار وحيدا في مشغله. ويقول: «كان لدي ستة عمال، سافروا جميعهم» بسبب الأحداث التي تعصف بهذا البلد. واليوم لم يبق معه سوى ابنته التي تساعده وتكتسب منه أسرار هذه الحرفة.
ويقول: «قبل الأزمة كنا نفتح (المشغل) من الخامسة صباحا ونعمل طيلة النهار لأن الطلب كان كبيرا». في ذلك الوقت، كان مشغله يبيع حوالى 12 عودا في الشهر، معظمها تذهب إلى أوروبا وكندا. أما اليوم، فقد يمر شهر لايبيع فيه قطعة واحدة، على ما يقول.
يتحدث أنطون عن حرفته بشغف، ويصف الأعواد التي يصنعها بأنها «جميلة مثل السجاد العجمي». ويشدد على أن العود السوري أو الدمشقي هو الأجود والأطول عمرا من بين كل آلات العود العربية.
وسرّ العمر الطويل لآلات العود السورية يكمن في المراحل الأولى من صنعها وطريقة انتقاء الأخشاب وتجفيفها وتخميرها، ومن أكبر المشكلات اليوم عدم توافر الخشب، حيث تعتمد الصناعة على خشب الجوز (..).. لكن الأهالي في الغوطة الشرقية باتوا يستخدمونها للتدفئة والطبخ وصار نقلها إلى دمشق صعبا. (دمشق – ا ف ب)