السويداء شيعت قتلاها.. وعدّاد الموت لم يتوقف

ساد هدوء حذر، أمس، في محافظة السويداء السورية ذات الأغلبية الدرزية بعد الهجمات المفاجئة والدموية لتنظيم داعش على المحافظة، وسط اتهامات للنظام السوري بتسهيل الهجوم وعدم تأمين الحماية للسكان، فيما لم يتوقف عدّاد الموت فقد ارتفعت، أمس، حصيلة الاعتداءات إلى اكثر من 250 قتيلاً كحصيلة غير نهائية مع ترجيحات بوصول عدد القتلى إلى 300، وذلك مع العثور على جثث المزيد من المدنيين الذين اعدمهم التنظيم داخل منازلهم، بالاضافة الى وفاة مصابين متأثرين بجراحهم.
ووسط انتشار للجان الشعبية وأصوات رصاص متقطعة، جرت مراسم تشييع التقلى أمس، ونقل التلفزيون الرسمي مشاهد مباشرة من مراسم التشييع وأجواء الحزن والغضب، حيث وضعت نعوش ملفوفة بالعلم السوري وسط قاعة تجمع فيها المئات من الشباب والمشايخ الدروز. وحمل بعض الشباب صور القتلى التي وضعت أيضاً فوق كل نعش.
وساد الغضب المراسم وطرد عدد من الاهالي محافظ السويداء إبراهيم العشي والقيادة السياسية المرافقة له من المراسم، متهمين النظام بالتقصير بالدفاع عن المحافظة وتسهيل دخول داعش إليها، حيث امتعض المشيعون من مشاركة الوفد واعتبروه مسؤولا عن مقتل العشرات من أبناء المحافظة بعد أوامر بسحب السلاح منها، والتورط في استقدام عناصر التنظيم ووضعهم على الحدود الإدارية في ريف السويداء الشرقي، اضافة إلى احجام قوات النظام عن التدخل مباشرة في العمليات ضد التنظيم، أول من أمس، واكتفت المقاومة على لجان شعبية محلية.
فيما كثرت الاسئلة عن اسباب الهجوم وخلفياته، وعن قدرة التنظيم على معاودة حراكه في هذه المنطقة بهذا الشكل الواسع فجأة، بعد ان كان النظام اكد انه قضى على التنظيم في المنطقة.
جريمة
وكان الرئيس بشار الأسد وصف خلال لقائه مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف الهجوم بـ«الجريمة»، واعتبر أن «الدول الداعمة للإرهاب تحاول إعادة بث الحياة في التنظيمات الإرهابية لتبقى ورقة بيدها تستخدمها لتحقيق مكاسب سياسية».
في المقابل، يعتبر بعض ابناء السويداء وقيادات سياسية للطائفة الدرزية في سوريا ولبنان ان الأسد ونظامه وراء ما حصل، وان الهجوم هدفه عقاب أغلبية الدروز على عدم ولائهم للنظام والقتال إلى جانبه ضد المعارضة.
وكانت شبكات إعلامية موالية للنظام في السويداء، اعلنت إعادة فتح باب «تسوية أوضاع» المتخلفين عن الخدمتين الاحتياطية والإلزامية والمنشقين الدروز، للخدمة العسكرية تحت إشراف ما يسمى «الفيلق الخامس الروسي السوري المشترك». وقالت مصادر اعلامية إن روسيا والنظام يسعيان إلى إقامة تشكيل عسكري تحت راية الفيلق الخامس بإشراف ضباط روس، وأن آلية التسوية للمطلوبين للخدمة الإلزامية والمنشقين الفارين تقضي بأن يقاتلوا في جميع الأراضي السورية. وهو ما تم رفضه من قبل المشايخ الدروز الذين حرموا الاقتتال السوري – السوري، وطلبوا من الشباب الاستمرار في التخلف عن الخدمة في قوات النظام والتفرغ لحماية المنطقة الدرزية واغاثة النازحين.
وكان وفد روسي عقد اجتماعاً مع قيادات دينية سياسية وأمنية في مبنى المحافظة، في يونيو، وابلغهم بأنه يرفض وجود ما اسماه «فصائل مسلحة إرهابية» في السويداء، بينها حركة «رجال الكرامة» التي شكّلها الشيخ وحيد البلعوس الذي اغتيل بتفجير سيارته قبل عامين. وتضم السويداء نحو 53 ألف متخلف ومنشق عن الخدمة في قوات النظام، بحسب إحصاءات الناشطين.
«الائتلاف» يدين
بدوره، أدان الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية الهجوم الذي نفذه داعش، ووصفه بـ«الإجرامي»، وحمّل المسؤولية لـ«قوات النظام تجاه تمكّن تنظيم داعش من تنفيذ هذه العمليات الإجرامية، وذلك بالنظر إلى تمكُّن المهاجمين من قطع مسافات طويلة، وتجاوز حواجز عدة، والدخول إلى المدينة لارتكاب جريمتهم، وكذلك استناداً إلى الدور الأصلي للنظام في إنشاء ودعم هذا التنظيم الإرهابي وتركه يرتكب جرائمه». (أ ف ب، رويترز، الأناضول)