المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مثبتة

السوريون يقسمون اللبنانيين بين «وطني» و«خائن»

إعلاميًا في بيروت، اكتملت العدة لخوض المعركة ضد المجموعات السورية المسلحة في جرود عرسال البقاعية. المحطات التلفزيونية والمواقع الإلكترونية تستهل نشراتها الإخبارية بقرع طبول المعركة وتتسابق على تحديد ساعة الصفر. حزب الله يمرر رسائله حول استكمال استعداداته اللوجستية ويبث خبراً عن استدعاء «فرقة الرضوان» وهي من فرق النخبة فيه «لتنظيف» الحدود اللبنانية الشرقية ومنطقة القلمون الغربية والزبداني من عناصر النصرة وداعش بشكل نهائي.
ميدانيًا، كشفت السيدة ريما كرنبي نائبة رئيس بلدية عرسال أن أهالي عرسال يعيشون وضعاً قلقاً منذ أسبوعين. وعن ارتدادات المعركة في ما لو حصلت على عرسال تقول كرنبي: «إذا اقتصر الأمر على الجرود ولم تمتد المعركة إلى داخل البلدة فلا خوف، لكننا نعيش وضعاً صعباً منذ أربع سنوات وأهالي عرسال يريدون الخلاص».
في هذه الأثناء تطرح تساؤلات عن دور الجيش اللبناني في هذه المعركة وهل سيقتصر على المساندة أم إنه سيخوض المعركة من الجانب اللبناني، بينما يخوضها حزب الله من الداخل السوري لمحاصرة المسلحين ومنع تمددهم إلى البلدات المحاذية للحدود الشرقية؟ العميد المتقاعد وهبة قاطيشا يرجح في اتصال مع القبس حصول هذه المعركة «فالتحضيرات قائمة، حسب النشاطات العسكرية المترافقة مع تهيئة إعلامية»، أما دور الجيش اللبناني في هذه المعركة فيضعه قاطيشا في إطار حماية الأرض اللبنانية ومنع تسلل الإرهابيين إلى الداخل.

مصير النازحين
لكن أي مصير ينتظر اللاجئين ومخيماتهم الكبيرة في عرسال بعد هذه المعركة، وبالتالي في كل لبنان الذي ينظر إلى قضيتهم كـ«ملف» بات يشكل عبئاً على الجميع ويتطلعون للانتهاء منه؟ حتى التعاطف اللبناني الذي حظي به السوريون في السنتين الأوليين من الثورة يكاد يتلاشى شعبياً وسياسياً. الأطراف السياسية اللبنانية المختلفة والمتنازعة في الكثير من الأمور، تجمع كلها على ضرورة إعادة اللاجئين إلى بلادهم، لكن هذه الأطراف تختلف على الطريقة. فمن كان يقولها على استحياء استلهم موقف بعض الدول الأوروبية التي تستضيف نازحين سوريين والتي بدأت بطرق أبواب النظام السوري لترتيب عودتهم.

إجماع حائر
وكان لافتاً أمس المؤتمر الموسع، الذي عقده في معراب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، إلى جانب نائب وزير الخارجية الألماني، تحت عنوان: «أين لبنان من التحديات الإرهابية والأمنية في المنطقة؟». تحدث الدبلوماسي الألماني عن الوضع السوري وأحوال النازحين في لبنان. أما جعجع فاقترح في كلمته أن يبدأ لبنان بإعادة النازحين، الذين يوالون نظام بشار الأسد، «بما أن هؤلاء الناس لا مشكلة لديهم مع النظام، فلماذا لا نبدأ بهم ونعيدهم إلى بلادهم؟». فيما طرح رئيس كتلة اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط، بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري، إنشاء مخيمات منظمة في انتظار الحل السياسي في سوريا وعودة اللاجئين إلى منازلهم.
وكان للبطريرك بشارة الراعي موقف لافت هذا الأسبوع، إذ طالب رئيس الجمهورية، خلال قداس الأحد الفائت، بحل لقضية «مليوني نازح ينتزعون اللقمة من فم اللبنانيين ويرمونهم بحالة الفقر والحرمان».

تحمية إعلامية
المعركة الوشيكة استمدت عدتها أيضاً من «تحمية» إعلامية، فرزت اللبنانيين بين «وطني» و«خائن»، على خلفية دعوة شبان «المنتدى الاشتراكي» للاعتصام في ساحة سمير قصير في بيروت، تضامناً مع النازحين السوريين، بعد حملة المداهمات والاعتقالات التي شنها الجيش اللبناني على مخيمات السوريين في عرسال. الدعوة هذه جرى استغلالها، إذ قام أحدهم بإنشاء صفحة باسم «اتحاد الشعب السوري»، راحت تبث منشورات وفيديوهات تحريضية تتناول الجيش اللبناني بالسخرية والتهكم، وتذكر اللبنانيين بما «ذاقوه» من قبل الجيش السوري طوال ثلاثين عاما. وهذا ما دفع بـ«المنتدى الاشتراكي» إلى إلغاء دعوته إلى الاعتصام. وألقت شعبة المعلومات الإثنين القبض على المدعو هاني الحسين (25 سنة)، وهو سوري من الرقة، بعدما قامت بمداهمة منزله في عين الحلوة قرب صيدا، وصادرت منه عدداً من الوثائق، تبين أنه صاحب صفحة اتحاد الشعب السوري في لبنان، وهو الذي يحرض على الجيش اللبناني.
الصفحة «المشبوهة» فعلت فعلها، تجييشا وتحريضا، ودفعت قسم كبير من اللبنانيين للرد. سياسيون إعلاميون وفنانون انخرطوا في هذه الموجة فتباروا، كل من موقعه، إلى إعلان تضامنه مع الجيش اللبناني. وتأكيدا على هذا التضامن، عمد الكثير منهم إلى تبديل صورتهم الشخصية على الفيسبوك بشعار الجيش اللبناني، وصور قائده (العماد جوزيف عون)، وحتى بصور الأحذية العسكرية.

تذكر السلاح الفلسطيني
كلفة النزوح السوري على لبنان اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً استعادها قسم من الإعلام اللبناني، ذاهباً إلى عقد مقارنة بين اللجوء الفلسطيني في زمن الحرب اللبنانية، واللجوء السوري، لاستنتاج الكارثة المقبلة على لبنان. وليس نافلاً أن يستهل تلفزيون التيار الوطني الحر (العوني) نشرته الإخبارية بهذه المقدمة: «التاريخ يعيد نفسه، من اللاجئين الفلسطينيين، الذين تحولوا مسلحين وجهتهم جونيه وفاريا وعيون السيمان وزغرتا ودير عشاش وشكا والسعديات والدامور والعيشية وتل الزعتر، إلى النازحين السوريين ـ وليس جميعهم بالطبع ـ الذين ينافسون اللبناني على لقمة عيشه، ويستنزفون الاقتصاد اللبناني والمياه والكهرباء وسوق العمل وسيارات الأجرة والمطاعم، ويبيعون حصصهم الغذائية في سوريا، ويتقاضون مساعدات مالية على حساب اللبنانيين والخزينة اللبنانية، ومن ثم يأتيك أحدهم ليقول بوقاحة إن اللبنانيين عنصريون».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى